رئيس مجلس النواب : التحديات التي يتعبأ المغرب لرفعها تستدعي تقوية الحقل الإعلامي

وزير الثقافة والتواصل والشباب: علينا أولا تحيين الاتفاقية الجماعية، والرفع من الدخل الأدنى

للصحافيات والصحافيين

 

أكد رئيس مجلس النواب راشيد الطالبي العلمي، يوم الأربعاء، أن التحديات التي تتعبأ المملكة، خلف جلالة الملك، لرفعها اليوم، تستدعي تقوية الحقل الإعلامي الوطني «من حيث التنظيم والضبط والنموذج الاقتصادي، وأساسا من حيث المحتوى».
وقال الطالبي العلمي في كلمة له في افتتاح لقاء دراسي ينظمه مجلس النواب حول موضوع (الإعلام والمجتمع)، «في محيط إقليمي متمو ج، غير مستقر وغير آمن، أحيانا، ي ثير استقرار ونجاحات بلادنا، سياسيا ومؤسساتيا، وصعودها اقتصاديا وتماسكها اجتماعيا، حنق البعض، ويجعل بلادنا محط استهداف من بعض وسائل الإعلام الأجنبية، التي تتعمد التغليط والخلط والتضليل، مما يلقي بمسؤوليات كبرى على إعلامنا الوطني».
وأضاف أن الثورة الرقمية تزيد من حجم هذه التحديات لما تتيحه من إمكانيات لنشر الأخبار دون قيد أو شرط مهني، «إلى الحد الذي يمكن أن نصف معه حالة استعمالات التكنولوجيا الرقمية في ت دفق الأخبار على المستوى الدولي، بالفوضى».
وسجل رئيس مجلس النواب أن هذه التكنولوجيا تطرح عدة تحديات أمام المقاولات الصحفية الورقية «التي تخوض معركة البقاء بحكم تراجع المبيعات وموارد الإشهار وارتفاع كلفة الإنتاج»، مبرزا أن مبادرة المجلس بتنظيم هذا اللقاء الدراسي، تأتي على خلفية هذه التحديات وسعيا إلى تجاوزها وبلورة مخارج «من أجل ضبط حقلنا الإعلامي وتقويته وجعله أكثر مهنية».
وتوقف الطالبي العلمي عند ستة رهانات يرى أنها تشكل أرضية للنقاش، ويتعلق أولها بتأهيل الإعلام الوطني المكتوب، والمرئي والمسموع، والرقمي، ليكون مواكبا للتموقع الجديد للمغرب كقوة ديمقراطية، وركيزة استقرار إقليمي وقاري ودولي، وقوة صاعدة اقتصاديا، منخرطة في رفع التحديات الدولية المشتركة، فيما يتعلق الرهان الثاني بالتعبئة من أجل ربح رهان الانتقال الرقمي بالنسبة للصحافة الوطنية، والحيلولة دون استغلال الإمكانيات الكبرى التي تتيحها لنشر الأخبار المضللة والتشكيك في مصداقية المؤسسات أو المس بالأمن العام لبلادنا، أو التشهير والتشنيع بالآخرين.
ويرتبط الرهان الثالث، حسب رئيس مجلس النواب، باسترجاع الدور الاستراتيجي للإعلام الوطني في بناء الرأي العام الواعي، المدرك لقضايا بلده «بما ييسر المشاركة في الشأن العام، اقتراعا، وتحملا للمسؤوليات، وتقييما للأداء العمومي، وفق ما يكفله الدستور».
أما الرهان الرابع فذي صلة بالمصداقية والجدية في الممارسة الصحفية والإعلامية، «في علاقتها بأخلاق المهنة وأدبياتها، وبنذ الضمير، وبالاستقلالية التحريرية وإعمال شعار +الخبر مقدس والتعليق حر+، الذي كان جلالة المغفور له محمد الخامس طيب لله ثراه قد اختاره شعارا لوكالة المغرب العربي للأنباء في 1959».
فيما يعني الرهان الخامس، سلطات الضبط السمعية البصرية والمكتوبة (الورقية والرقمية)، وينصب الرهان السادس ، حسب السيد الطالبي العلمي، على التكوين واستكمال التكوين، ودور مؤسسات التكوين في مهن الصحافة والاتصال والإعلام وتقنياتها، العمومية والخاصة.
وفي سياق ذي صلة، أثار رئيس مجلس النواب إشكالية «سوء الفهم بين السياسي والإعلامي/ الصحفي» موضحا أن سوء الفهم هذا، ليس بين حقلين أو ممارستين متكاملتين، ولكن بين فاعلين أو بالأحرى بعض من الفاعلين، وأكد أن أحد أهداف هذا اللقاء الدراسي هو تجاوز سوء الفهم هذا «فالسياسي مطالب بالانفتاح على وسائل الإعلام، وتوفير المعلومات والأخبار القابلة للاستعمال وللتحليل وللتعليق، والنشر المسبق والتلقائي للأخبار، وجعلها متيسرة الولوج لدى المصادر الموثوقة والمعروفة والمأذون لها. وفي المقابل، ينبغي للفاعل الإعلامي أن يثق في ما تصدره المؤسسات والفاعلون المؤساستيون والسياسيون من أخبار واستعمالها على النحو الذي يفيد المجتمع، ويرفع من مستوى النقاش العمومي».
وخلص الطالبي العلمي إلى القول، إنه في سياق دولي مطبوع بعودة الأفضليات الوطنية، وازدهار الأنانيات، وخطابات الانطواء، يتعين العمل على تحفيز الإعلام الوطني على الاشتغال على أساس منطق الأمة والانتماء الوطني، «خاصة وأن حروب اليوم لا تشبه حروب الأمس، فوسائلها متعددة، والإعلام واحد من هذه الأسلحة الجديدة».
ومن جهته دعا وزير الثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد الى «تقييم للمرحلة السابقة، والوقوف على إيجابياتها وسلبياتها، لاسيما بعد اعتماد بلادنا لمدونة الصحافة والنشر، والتي أصبح من الضروري مراجعتها بشكل شامل، إذا أردنا إعلاما مغربيا قويا، داخل الوطن وخارجه» اعلنت الوزير عن«مراجعة للنموذج الاقتصادي للمقاولة الإعلامية، عبر تشجيع الاستثمار، ودعم الموارد البشرية، وتقديم فلسفة جديدة للدعم العمومي للمقاولات الصحفية، والذي نعتبره استثمار» اضافة الى توزيع الدعم العمومي «بمعايير جديدة، ودفتر تحملات واضح، ومنطق يقطع مع بعض الممارسات السابقة».
و حضر هاجس الدفاع عن مصالح المغرب من خلال القول بأن «ما تتعرض له بلادنا، من محاولات استفزاز بئيسة، من طرف خصوم وحدتنا الوطنية، يفرض علينا، التوفر على وسائل إعلام مكتوبة، مسموعة، بصرية، وإلكترونية، حاضرة إقليميا وقاريا على الأقل، تقوم بنقل ما يقوم به المغرب من منجزات بقيادة جلالة الملك، إلى باقي سكان المنطقة، والقارة، وتقوم خصوصا بنفي بعض الشائعات والأكاذيب التي تقال في حق بلدنا وهي بعيدة كل البعد عن الحقيقة».
وشدد الوزير على ضرورة قيام «إعلام قوي وموضوعي، يمنح الخبر اليقين ويقدم التحليل الرَزِينْ» وهو ما يفرض« أولا، النهوض بالوضعية الاجتماعية والمادية للعاملين في القطاع، عبر تحيين الاتفاقية الجماعية، والرفع من الدخل الأدنى للصحافيات والصحافيين والعاملين في المؤسسات الإعلامية، وضمان حقوقهم الاجتماعية، وهو ما نسعى إلى تحقيقه، عبر خلق مؤسسة وطنية، للنهوض بأوضاع العاملين في المؤسسات الإعلامية الوطنية، تماشيا مع الورش الملكي الحكيم، للحماية الاجتماعية، فلا يعقل أن يبقى الصحافي خارج هذا الورش بجميع أبعاده، ونحن نتحدث عن الحوار الوطني للإعلام والمجتمع، فلا بد من التذكير، بأن النهوض بالأوضاع الاجتماعية للعاملين في قطاع الإعلام، كانت من بين توصيات الكتاب الأبيض».
وكان مجلس النواب، قد نظم الأربعاء، لقاء دراسيا حول موضوع «الإعلام الوطني والمجتمع: تحديات ورهانات المستقبل».
ويندرج هذا اللقاء في إطار تعميق النقاش حول مستقبل الإعلام بالنظر إلى ما يشهده القطاع في ظل الطفرة الرقمية، وظهور أنماط أخرى للتواصل.
وأبرز المتدخلون خلال هذا اللقاء الذي حضره على الخصوص رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي ورؤساء الفرق النيابية بالمجلس، أن الإعلام الوطني شهد تطورا كبيرا خلال السنوات الماضية، وساهم في تعزيز البناء الديمقراطي، مؤكدين ضرورة القيام بمراجعة النموذج الاقتصادي للمقاولة الإعلامية، عبر تشجيع الاستثمار في هذا القطاع.
وبعدما أشاروا إلى بعض الإكراهات التي يشهدها القطاع، شددوا على ضرورة وضع تصور جديد لطريقة اشتغال المؤسسات الإعلامية، لاسيما في ظل التحولات التي يعرفها القطاع خصوصا مع بروز الصحافة الإلكترونية ووسائل الاتصاال الحديثة مما يتطلب مقاربة جديدة تجعل القطاع قادرا على مواكبة هذه التحولات. واستحضر المشاركون في هذا اللقاء، الذي حضره أيضا وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد وممثلي القطاع وعدد من الفاعلين في الحقل الإعلامي والأكاديميين، توصيات الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع الذي تم تنظيمه سنة 2010، والتي ركزت على ضرورة القيام بإصلاحات في مجال المقاولة الصحفية ومحيطها الاقتصادي والصناعي والتسويقي.
وبخصوص القانون الأساسي للصحفيين المهنيين، اعتبر عدد من المشاركين أن هذا القانون في حاجة إلى إعادة قراءة وملاءمة بالنظر إلى التطورات الجديدة التي يعرفها المشهد الإعلامي، داعين، في نفس الوقت، إلى التعامل مع الإعلام كخدمة عمومية، واقتراح حلول عملية لتجاوز العوائق التي يعرفها القطاع.
وخلصوا إلى ضرورة توسيع مجال وقاعدة التكوين في مجال الإعلام، وتشجيع التكوين المستمر، مشددين، كذلك، على أهمية الاهتمام بالبحث العلمي الإعلامي ودعم مؤسساته.


الكاتب : الإتحاد الاشتراكي ـ و.م.ع.

  

بتاريخ : 24/12/2022