في ندوة بالخميسات : دور «البرامج الثقافية» في التخلص من معيقات التنمية المحلية بشتى تمظهراتها

نظمت إحدى الجمعيات المحلية المهتمة بالتربية والتكوين، ندوة فكرية حول دور «الثقافة والفن في التنمية المحلية»، شملت مجموعة محاور، تضمنت الإشارة إلى أن «الميدان الثقافي هو موضوع راهني وقديم، فالثقافة هي حياة الشعوب والمجتمعات، وروح الحضارات، وبدونها يبقى العدم، وببلادنا يبقى البعد الثقافي هامشيا إلى أبعد الحدود، هذا البعد له كينونته ووجوده، الذي ورد في دستور 2011، في مادته 26 التي جاء فيها « تدعم السلطات العمومية بالوسائل الملائمة تنمية الإبداع الثقافي والفني والبحث العلمي والتقني والنهوض بالرياضة، كما تسعى لتطوير تلك المجالات وتنظيمها بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية ومهنية مضبوطة».
كما تم التذكير بأن «ميدان الثقافة أشار إلى دوره المجلس الاقتصادي والإحتماعي والبيئي» وأولته لجنة النموذج التنموي الجديد « أهمية كبرى في تقريرها»، في حين جاء في تقرير للمندوبية السامية للتخطيط «أن نفقات الأسر المغربية على الثقافة ضعيفة جدا».
ولفتت تدخلات أخرى إلى أن «الدولة تفتقد لاستراتيجية وطنية للثقافة، حصتها في الميزانية العامة هزيلة، كما تغيب الثقافة لدى الجماعات الترابية،  من خلال ندرة البرامج الثقافية، وطغيان ما هو ترفيهي وفولكلوري، أكثر من البعد التكويني، هزالة تمويل الأنشطة الثقافية، جمعيات تلجأ للإستجداء، لتبقى الحاجة تفرض فتح نقاش حقيقي بين مختلف التمثيليات والمتدخلين مع العناية بأهل الفن والثقافة عوض التكريمات الوهمية، وضرورة التدقيق في ماهية الثقافة باعتبارها أساس التطور، والإنسان جوهر العملية الثقافية.»
وفي محور «دور العمل الجمعوي والفن في التنمية المحلية»، تم التأكيد على «أن الثقافة والفن هي مجموعة تعبيرات صوتية، مرئية، مكتوبة، التي  يبدعها الإنسان. محليا انطلقت سنة 1970 شعلة العمل الثقافي حيث تخرجت أعداد  كبيرة من الفنانين بوجود الجمعية الرائدة النهضة الثقافية، النادي السينمائي، مختبرات التصوير…» والسؤال المطروح «كيف يمكن استثمار كل هذا من أجل تنمية الخميسات، الرهان الآن  على المجتمع المدني، الذي يجب أن يكون مستقلا في تبني القضايا. تضم الخميسات مئات الجمعيات، لكن أين هي؟هناك من تتأسس تحت الطلب، ولمواجهة هذا الوضع، يتوجب إيجاد تكتل جمعوي قوي».
في السياق ذاته، تمت الإشارة إلى أن «المدينة كافحت منذ عقود في ميادين الفن والمسرح والسينما، بفضل شبابها الذين كانت تحتضنهم ثانوية موسى بن نصير، حين كانت الوحيدة بالمدينة، حيث كان الإشتغال بالثقافة محوريا، كانت البرامج ناجعة، أنتجت تراكمات، تولدت معها مجموعة تصورات، أظهرت أن جيل تلك الفترة كان يدرك أهمية العمل الثقافي، من أجل تنمية المدينة، دار الشباب محمد الزرقطوني شكلت جزءا من هذه المدينة، هذه الأخيرة ظلت حاضرة بقوة في المشهد الثقافي المحلي والوطني رغم صغرها، رغم أن العمل الثقافي حينها كان يحارب ؟ دار كانت تضم  مجموعة أندية، نادي الكتاب، الشطرنج ،السينما.. كان إشعاع جمعية النهضة الثقافية واسعا، نضال الشباب ساهم في إنشاء دار الشباب الثانية 20غشت، كنيسة المدينة بدورها كانت تحتضن مجموعة أنشطة، لينضاف دورها إلى ذاك الذي تؤديه الثانوية السالف ذكرها، ودار الشباب، أنشطة أعطت إشعاعا لحاضرة زمور. فضاء آخر لعب دورا بارزا في هذا المجال هو سينما مرحبا، التي كانت بدورها تحتضن أنشطة فنية، كما كان يأتيها مفكرون لتقديم عروضهم. حضور الخميسات فنيا انتد إلى ماهو وطني، حيث المشاركة في المهرجان الوطني لمسرح الهواة، ورغم الحصار المفروض، فقد ظل رجالها من أدباء وفنانين حاضرين، ففي مهرجان أقيم بالدار البيضاء سنة 1974 تابع المسرحي الراحل الطيب الصديقي مسرحية قدمها أبناء الخميسات فأعجب بها أيما إعجاب وتفاجأ  بالعمل . ويبقى العمل الفني الجاد يساهم في تنمية المدينة، ليمتد مداها خارج البقعة الجغرافية.
هذا وتم التشديد على وجوب التمسك بالتعبيرات الشكلية للثقافة المغربية واستثمارها، وإعادة الإعتبار للبعد الثقافي في السياسة العامة، حيث إن الثقافة فعل إبداعي يساهم في توحيد الأفكار، ورسالة من أجل التشبث بالجذور التاريخية للمغرب، وتكريس تمغربيت، المعرض الجهوي للكتاب الذي نظم بالخميسات في نونبر الماضي خلق حركة ثقافية واقتصادية وإشعاعية….
وأثناء النقاش تمت الإشارة إلى أنه من بين المحطات الثقافية الهامة بالمدينة تأسيس النادي السينمائي سنة 1969بثانوية موسى بن نصير، تأسيس الجامعة القروية، التويزة سنة 1974، وتواصل الإشراق الفني رغم الحصار والإكراهات التي ووجهت بالتحدي، كما تم استحضار احتضان المدينة لمهرجان السينما الأسيوية أواسط تسعينيات القرن الماضي في أربع محطات،  ليأتي بعد ذلك النكوص والتراجع المذهل، فاعتلت الثقافة، أمام طغيان الإسترزاق والركض وراء المال، لتفقد حاضرة زمور هويتها الثقافية  ليحل الفراغ،البطالة وانتشار الجريمة وغيرها من الظواهر السلبية.


الكاتب : علي أورارى

  

بتاريخ : 28/12/2022