منطق الدولة الاجتماعية ومنطق التجارة
في وقت أعلنت الحكومة الإسبانية إلغاء ضريبة القيمة المضافة على السلع الأساسية بغية تعويض الارتفاع الشديد في الأسعار، فضلا عن تخصيصها مساعدة بقيمة مئتي يورو للأسر الأكثر حاجة، تركب الحكومة المغربية على موجة الغلاء لضخ أكبر قدر من الضرائب على حساب القدرة الشرائية للمواطنين، بل إن الضريبة على القيمة المضافة، جلبت للخزينة عند متم نونبر الماضي، ما لا يقل عن 79 مليار درهم (دون احتساب جبايات دجنبر) ، عوض 66 مليار درهم المسجلة في نفس الفترة من العام الماضي، وقد فاق هذا المبلغ في 11 شهرا توقعات قانون المالية 2022، الذي كان يعول على 74 مليار درهم لا غير. ويعزى هذا الارتفاع إلى موجة الزيادة في الأسعار (خصوصا عند الاستيراد) التي استغلتها الحكومة المغربية لرفع مداخيلها الجبائية.
وبينما عمدت العديد من الحكومات (إسبانيا، فرنسا، إيطاليا وبريطانيا و امريكا…) إلى إطلاق حزمة واسعة من التدابير الجبائية و التمويلية المباشرة لمساعدة الأسر على مواجهة شبح التضخم وغلاء المواد الأساسية، تواصل الحكومة عندنا في المغرب دفن رأسها في الرمال، تاركة المواطنين من الطبقات الدنيا والمتوسطة وجها لوجه أمام شبح التضخم الذي فاق 8.3 في المائة هذا العام .
وامتنعت الحكومة المغربية طوال العام الجاري عن تعديل سياستها الجبائية تجاه المواد الأساسية الأكثر استهلاكا، والتي أنهكت أسعارها القدرة الشرائية لمعظم المغاربة، خصوصا حين يتعلق الأمر بالمواد الغذائية والمحروقات ، بل إن ارتفاع أسعار هذه الأخيرة ،استغلته الحكومة من أجل ضخ ملايير الدراهم الإضافية (التي لم تكن مبرمجة أصلا في قانونها المالي 2022) في خزينتها على شكل رسوم داخلية على استهلاك الطاقة و ضريبة على القيمة المضافة.
في المقابل عمدت حكومة الجارة الإيبيرية إلى إطلاق سلسلة جديدة من التدابير بقيمة عشرة مليارات يورو.وترتفع بذلك قيمة التدابير التي اتخذتها الحكومة لمساعدة الإسبان على مواجهة تداعيات ازدياد التضخم الى 45 مليار يورو في المجموع، وفق ما أعلن رئيس الوزراء بيدرو سانشيز خلال آخر مؤتمر صحافي له لهذا العام.
وبينما تتفرج حكومة عزيز أخنوش بلامبالاة زائدة على معاناة المغاربة مع تضخم أسعار المواد الغذائية التي زادت أسعارها بمعدل 14.5 في المائة في نونبر الماضي، علما أنها تخضع لضريبة مجحفة لاتقل عن 20% ،تركز الإجراءات الجديدة التي صادقت عليها حكومة جيراننا الإيبيريين على المنتجات الغذائية التي ارتفعت أسعارها في خلال سنة بنسبة 15,3 % في شتنبر ونونبر. وخلال الأشهر الستة المقبلة، «ستنخفض الضريبة على القيمة المضافة من 4 إلى 0 % لكل السلع الاستهلاكية الأساسية»، مثل الخبز والحليب والجبنة والفواكه والخضر والحبوب، على ما صر ح سانشيز. أما الضريبة على القيمة المضافة المعتمدة للزيت والمعكرونة، فستتراجع من 10 إلى 5 %.
ويقضي التدبير البارز الآخر المعتمد الثلاثاء خلال آخر مجلس وزاري لحكومة إسبانبا لهذه السنة بتوفير «مساعدة بقيمة مئتي يورو» ( أزيد من 2200 درهم مغربي) للأسر التي تجني 27 ألف يورو أو أقل في السنة، بغية «تعويض ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية».
وفي الوقت الذي ترفض فيه حكومة أخنوش رفضا قاطعا إعادة النظر في أسعار الوقود والمحروقات، ولوفي شقها الجبائي، سنت الحكومة الاسبانبة تدابير جديدة لخفض سعر الوقود بمعد ل 20 سنتيما في الليتر الذي ينتفع منه راهنا كل السائقين، وسيصبح اعتبارا من الأول من يناير حكرا على «القطاعات الأكثر تأثرا» بالتضخم، أي النقل والزراعة والصيد والشركات البحرية، على ما أعلن رئيس الوزراء الاشتراكي.
وفي المغرب تكشف آخر البيانات التي أصدرتها مديرية الخزينة العامة، أن المبلغ المحصل بين الضريبة الداخلية على القيمة المضافة بقي تقريبا في نفس مستواه من العام الماضي، حيث بلغت مداخيله 29 مليار درهم، أما الضريبة على القيمة المضافة المفروضة على الاستيراد، فقد قفزت إلى31.6 في المائة لتناهز 49.7 في المائة بدل 37.7 في المائة المسجلة في نهاية نونبر من العام الماضي.
وبلغ صافي الإيرادات الناتجة عن الرسوم الداخلية عن الاستهلاك في نهاية نونبر 2022 نحو 28.3 مليار درهم مقابل 27.7 مليار درهم المسجلة في نهاية نونبر 2021، بنسبة نمو قدرها 2.1 في المائة.

