لماذا أمنع..؟!

سؤال يطرحه كثير من الأصدقاء، وأسأله أنا أيضا: لماذا أمنع؟
لماذا أمنع، بعد أن شاركت في عشرات اللقاءات داخل الوطن وداخل الجهة بشكل مكثف جدا، حتى إن كل المواقع التي منعت من زيارتها مؤخرا سبق لي وأن عرجت فيها ذات لقاء أو أكثر بقراءات شعرية ما زالت موثقة بالصوت والصورة؟! ومن باب الطرفة والنكتة، أخبر الأصدقاء أنني شاركت بعد منعي الأخير بأقل من أربع وعشرين ساعة في ثانوية الشريف الإدريسي بدعوة من إدارتها الموقرة رفقة ثلة من الأصدقاء، وكان اللقاء عرسا ثقافيا آخر، استمتعنا فيه بالكلمة القيمة للدكتور عبد القادر لقاح، واستمعتنا بمخطوطات الخطاط الجميل يوسف بن الطيب، وسعدنا بقيادة اللقاء من طرف الأخ العزيز والشاعر الجميل عبد الرحيم حامدالله، وبعض المشاركات التلاميذية الرائعة..!!!
لماذا أمنع؟! وأنا الذي يشهد القريب والبعيد أني لا أمثل إلا نفسي، وأن ما يزعمه لسان حال الدوائر التي تعترض على اسمي كل مرة، باطل، أو على الأقل يحتاج إلى تحيين.
نعم، وكما أشرت سابقا ولا أنكر، وككثير من الناس، كانت لي تجربة سياسية امتدت من بداية تسعينات القرن الماضي حتى مطلع العشرية الثانية من الألفية الثالثة، كنت عضوا في «جماعة العدل والإحسان»، لا أنكر، لكنها كانت فترة من العمر ومن الحياة الفكرية والسياسية، لها ما لها، وعليها وما عليها..
انقطعتُ وطلقت السياسة عموما طلاقا بلا رجعة، لكن المعنيين بالمنع مازالوا يخلطون بين الأزمنة، ولا يفرقون بين ما كان وما هو كائن، ولا يقرأون للأسف ما آلت إليه تجربة الكتابة عندي، ولو فعلوا لكفَوا أنفسهم وكفوني وكفوا الناس، أو لو أنهم قاموا بما تقوم بها مثل هذه الدوائر في هذه الحالات، فأرسلوا مخبرهم لجاءهم بالخبر اليقين.. هي مرحلة أعود وأكرر لهؤلاء، لا خوفا، ولجميع الأصدقاء من باب الوضوح لا غير، أنها ولت بلا رجعة، وأن الحاضر والقادم هو الشعر ولا شيء غير الشعر..
الشعر يا حضرات لا يحتمل أن يوضع في قنينات سياسية، ولا يمكن للشاعر أبدا أن يكون ناطقا رسميا لغير ما يختلج في صدره وما يجول في خاطره.. من هذا المنطلق طلقت السياسة، وطلقت كل انتماء سياسي.. وحافظت على انتمائي لما ترضاه الفطرة والذوق السليم والموقف النبيل… وما يحفظ للنفس حريتها..
فررت من القيد، وأجزم وأعلن أني لن أقع في شراكه..
لن أكتب إلا للحب وعن الحب، ولن أطبّع مع غيره.


الكاتب : بوعلام الدخيسي

  

بتاريخ : 14/01/2023