في إطار أنشطة البرنامج السنوي الجديد لجمعية النادي السينمائي بمدينة خريبكة، وضمن فقرة «سينما خميس منتصف كل نصف شهر»، حل المخرج إدريس المريني رفقة الروائي والسيناريست عبد الرحيم بهير، مساء الخميس الماضي ، ضيفان على الخزانة الوسائطية، التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط.
وقد افتتح هذا اللقاء الفني الثقافي، المنظم من طرف هذا النادي السينمائي النشيط بتعاون ودعم من المجلس البلدي والخزانة الوسائطية ومؤسسة المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، بكلمة ألقاها رئيس النادي السينمائي عز الدين كريران قدم من خلالها ورحب بضيوف المهرجان وشكرهم على تلبية دعوة الحضور لتقاسم المتعة السينمائية مع الجمهور السينفيلي الذواق بالمدينة. كما شكر المخرج إدريس المريني والروائي والسيناريست عبد الرحيم بهير، بدورهما، الجهات المنظمة والداعمة لهذا اللقاء على إتاحة الفرصة لهما للتفاعل الإيجابي مع السينفيليين وعشاق الأفلام المغربية بفضاء الخزانة الوسائطية الجميل.
وبعد تقديم مقتضب للفيلم، عرض «جبل موسى» (2022) وسط جمهور كثيف حج لمشاهدته واللقاء مع مبدعيه. ومباشرة بعد هذا العرض سير الناقد السينمائي عبد اللطيف الركاني، المدير الفني لمهرجان خريبكة الدولي للسينما الإفريقية، جلسة نقاش مع المريني وبهير شارك فيها عدد كبير ونوعي من المتدخلين السينفيليين وغيرهم.
تمحورت أغلبية التدخلات حول المضمون الفلسفي للفيلم وحول علاقة السينما بالرواية، كما ركزت بعض التدخلات على الجانب الشكلي متمثلا في المونطاج، الذي جعل إيقاع الفيلم سلسا ومتوازنا، وفي المقاطع الموسيقية الموظفة في الفيلم بشكل إبداعي جميل جعل منها عناصر تعبيرية في السرد. وإضافة إلى ذلك تمت الإشارة في ردود المخرج المريني إلى الإكراهات التي حالت دون تصوير الفيلم في قرية شمالية قرب جبل موسى، حيث تجري أغلب أحداث رواية «جبل موسى» (2016/2017)، والإنتقال إلى فضاءات مير اللفت ومدينة إيفني الجميلة. كما تمت الإشارة كذلك إلى التغييرات التي أحدثها المخرج في سيناريو الفيلم بالتوافق مع السيناريست عبد الرحيم بهير، الذي هو في نفس الوقت مؤلف الرواية التي اقتبس منها الفيلم جزئيا، وكيفية تمرير مجموعة من الرسائل عبر الفيلم بطريقة إبداعية تلمح ولا تصرح ولا تخلو من جرأة نقدية لبعض المظاهر المجتمعية السلبية كتوظيف الدين لأغراض شخصية مثلا.
لقد أجمع جل المتدخلين على أن «جبل موسى» فيلم مشرف للفيلموغرافيا المغربية شكلا ومضمونا رغم طابعه النخبوي نسبيا. كما أشار مسير جلسة النقاش إلى أن المخرج إدريس المريني نجح سينمائيا في هذا الفيلم الموجه أساسا للنخبة المثقفة، كما نجح في فيلمه السابق «الحنش» الموجه للجمهور العريض، علما بأن هذا الفيلم الأخير قد احتل الصف الأول في شباك التذاكر لموسمين متتاليين، وبهذا يمكن القول ان المريني أصبح متمكنا من أدواته السينمائية، مقارنة مع مخرجين آخرين، فهو يتطور من فيلم لآخر وينوع في المواضيع التي يختارها لأفلامه السينمائية والتلفزيونية. وأنا شخصيا أعتبر فيلميه «عايدة» و»جبل موسى» من أجمل ما أنتجته السينما المغربية في السنوات الأخيرة.
تجدر الإشارة إلى أن جلسة مناقشة هذا الفيلم قد اختتمت بتقديم هدايا رمزية لضيوف مدينة خريبكة وبأخذ صور تذكارية لهم مع أطر النادي السينمائي وبعض النقاد والباحثين والفنانين وغيرهم.