الطيب هلو يعري «متخيل الجسد في الثقافة العربية »

صدر حديثا للشاعر والناقد الطيب هلو كتاب يحمل عنوان «متخيل الجسد في الثقافة العربية: مقاربة لسانية معرفية» عن شركة النشر والتوزيع المدارس بالدار البيضاء (2022).
يقع الكتاب في 360 صفحة، وهو في أصله جزء من عمل أكاديمي حصل به الكاتب على شهادة الدكتوراه. ويتوزع الكتاب إلى مقدمة وأربعة فصول توزع كل منها إلى مباحث حسب مفاصل البحث وجزئياته.
عالج الفصل الأول الجسد في المدونة اللغوية العربية من خلال البحث في دلالات مفردة «جسد» ومرادفاتها في معاجم الألفاظ، ثم عبر دراسة مفهوم الجسد في «الرسائل اللغوية» و»معاجم الموضوعات» من حيث طرق ترتيب أعضائه ثم من حيث تمثلات الجسد في المدونة اللغوية العربية، بالنظر إلى الجسد الثقافي وإشكالية السياق ثم من خلال الكشف عن مركزية معيار الجنس في الترتيب، ثم بيان دور التماثل بين الإنسان والحيوان في بناء صورة الجسد في المدونة اللغوية العربية.
أما الفصل الثاني الذي عنونه الباحث ب “متخيل الجسد في الخطاب الفلسفي: إخوان الصفاء نموذجا» فقد تمت دراسته، أولا، من خلال ثنائية الجسد والنفس عند إخوان الصفاء بتحديد مفهوم الجسد ومفهوم النفس وبحث العلاقة بينهما ثم المماثلة التي يقيمونها بين النفس والجسد. كما تمت دراسته ثانيا من خلال تحديد استعارات الجسد التصورية عند إخوان الصفاء، ومن بين تلك الاستعارات نذكر: الجسد عالم صغير، الجسد مكان، الجسد آلة، الجسد وعاء، الجسد وسيلة ركوب.
وقد خصص الفصل الثالث لمتخيل الجسد في الأدب الإيروتيكي، وعالج فيه الباحث جملة من القضايا منها: الجسد في الثقافة العربية بين الإباحة والمنع عبر تحديد طبيعة الخطاب حول الجسد في الأدب الإيروتيكي أولا، ثم بيان الأثر الغربي في تحول النظرة إلى الجسد ثم كشف آليات بناء متخيل الجسد في الأدب الإيروتيكي، ومنها: آلية المبالغة، آلية المشابهة، آلية التركيب، آلية الإضمار، قبل الانتقال إلى استخراج استعارات الجسد عند أبي حُكَيْمَة من خلال دراسة ديوانه «في الأيريات» وتجميعها في استعارة مركزية هي استعارة «الجنس حرب».
أما الفصل الرابع فقد خصص لبحث مرجعيات خطاب الجسد في الثقافة العربية ، وهي في أغلبها مرجعيات فلسفية حيث تعود أصولها إلى الفلسفة اليونانية وقد كشف الباحث في هذا الفصل عن التقارب الكبير بين الاستعارات التصورية بين الثقافتين العربية واليونانية، مما يطرح إشكالية التأثير والتأثر بينهما. أما خاتمة الكتاب فقد قدمت أهم الخلاصات التي توصل إليها الباحث كما رسمت آفاقا لمواصلة البحث في مثل هذا الموضوع من خلال دراسات خطابات أخرى.
وقد لخصت كلمة الغلاف الخارجي فكرة الكتاب حيث جاء فيها ما يلي:
«يقوم هذا الكتاب على دراسة الجسد باعتباره معطى ثقافيا يتم تصريفه من خلال التعبير الاستعاري، ذلك أن البحث في موضوع الجسد من زاوية ثقافية، وقراءته بوصفه حاملا لتصورات وتمثلات قبْلية، قمين بأن يساعدنا على إدراك كيفية تشكل هذه الأفكار والمعتقدات حوله، وفهم سر استمرارها في الوجود، منذ تشكلها إلى الآن، وبالاستعارات نفسها أحيانا، ذلك أن الجسد، من حيث كونه إنتاجا ثقافيا متخيلا، ساهمت الذاكرة الجمعية في صناعته وترسيخ صورته، وقام الفكر والإبداع بشتى أشكالهما بحفظه وتنميطه.
الجسد في هذا الكتاب ليس الجسدَ الواقعيَّ المحكوم بأعرافه وقوانينه، والمقيد بالدين والمعتقدات التي رسمت حدود تصرفه، بل إن المهيمن هو الجسد الموجود في اللغة؛ الجسد الذي ينتج متخيله، الجسد الموجود داخل الخطاب فقط، والذي لا يملك أي وجود خارج الخطاب.»


بتاريخ : 27/01/2023