«رغم أن جماعتنا القروية تعد من أفقر الجماعات الترابية على أكثر من صعيد، وأغلب سكانها يئنون تحت وطأة الخصاص المزمن، والذي اشتدت مؤشراته القاسية، مؤخرا، جراء توالي سنوات جفاف غير مسبوق، فإنها لم تحظ – لحد الآن – بأي نوع من الدعم المخصص» رسميا «للتخفيف من تأثيرات موجة الصقيع الاستثنائية، والذي حطت قوافله الرحال بأكثر من منطقة جبلية «…إنها خلاصة اتصالات مع بعض أبناء جماعة إيماون القروية، التابعة لدائرة إغرم بالنفوذ الترابي لإقليم تارودانت، مشيرين إلى أن «ساكنة مختلف دواوير إداوزكري المشكلة لجغرافية الجماعة ، تضاعفت معاناتها بسبب شدة البرودة ، حيث وصلت أحيانا درجة انخفاض الحرارة إلى ناقص 8، ما تسبب في تجمد الماء – النادر أصلا – في الصنابير، مع ما يعنيه ذلك من إكراهات بالنسبة لقضاء الحد الأدنى من الحاجيات اليومية الضرورية بالنسبة للأسر».
وفي هذا السياق لفتت المصادر ذاتها إلى «أن شهر يناير المنصرم، كنموذج، شهد تسجيل تعرض العديد من الأشخاص، من بينهم أطفال وكبار السن، لنزلات برد حادة أرغمتهم على ملازمة الفراش لأيام مسترسلة، مكتفين بالاستشفاء التقليدي داخل البيوت نتيجة العجز عن توفير مصاريف اقتناء الأدوية اللازمة من صيدلية المركز».
ومن عناوين اتساع رقعة دائرة العوز بالمنطقة، وفق مصادر من عين المكان، أن «الفلاحة المعيشية البسيطة، التي كانت سائدة خلال العقود الماضية، قد تراجعت بشكل مهول تحت ضربات الجفاف الناجمة عن حدة التغيرات المناخية ، فلم يعد بالإمكان بيع « الشعير، السمن ، الأعشاب الطبية ، أو رؤوس بقر أو غنم… في الأسواق الأسبوعية ، والاستفادة، بالتالي، من مداخيلها لتوفير مصاريف المعيش اليومي، كما كان الوضع في السابق، دون إغفال ما تعرضت له أشجار اللوز من أضرار جسيمة بفعل الهجمات المتوالية للرعي الجائر».
وارتباطا بموضوع «المحنة والمعاناة»، دائما، أشار بعض أبناء الجماعة، إلى إكراه التنقل الذي يواجه قاطني بعض الدواوير البعيدة منها «توزليمت، أضاض، أنامر، تكاديرت، تكضيشت..»، إلى مقر قيادة المكرت بمركز الدائرة قصد التسجيل في» السجل الاجتماعي الموحد «، نظرا لعدم القدرة على سداد ما يتطلبه الأمر من مبالغ مالية، علما بأن هناك العشرات من الأسر التي لا دخل لها، وتعيش فقط على مساعدة بعض المحسنين، المنحدرين من القبيلة، والمتواجدين بمختلف المدن أو بديار المهجر»، مطالبين الجهات المعنية، بـ «العمل على أخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار، وتخصيص مقر الجماعة، مثلا، لإنجاز هذه الخطوة الإدارية المهمة بالنسبة لساكنة ما أحوجها للدعم والمساعدة، أو تسخير «وحدات متنقلة «على غرار تجارب سابقة في أكثر من مناسبة، والتي كان لها الوقع الطيب في نفوس السكان»، لافتين إلى أن» الوضع نفسه تعاني منه ساكنة جماعات أخرى مدعوة للتوجه إلى قيادة المكرت، كما هو شأن «أمالو، تيندين، تتاو..».
إنها، فقط، مجرد نماذج لـ «القساوة» التي باتت تشكل عنوانا مؤلما ليوميات ساكنة جماعات جبلية نائية، تستحق أن تصنف «حاجياتها الحيوية «ضمن سلم الأولويات غير القابلة للتأجيل، علما بأن «مخرجات «النموذج التنموي الجديد تشدد على أن «زمن التهميش والتمييز ، قد ولى، ولا مكان لاستمرار التفاوتات المجالية والترابية».