تعيش آسفي على وقع إصلاحات كثيرة لاتنتهي أعمالها، مما يجعل المدينة ورشا مفتوحا على الفوضى. حفر في كل مكان وشوارع ممزقة بفعل أشغال شركات خاصة تردم قنواتها وترحل تاركة مستعملي الطريق في مواجهة يومية مع التراب والغبار والحوادث.
المجلس البلدي المسؤول الاول عن الاصلاحات وتبعاتها ، منهمك في صراعاته التي يبدو أنها لن تنتهي. من صور «البشاعة التدبيرية» التي تخترق مفاصل وبنية المدينة، نقدم نماذج صارخة للوضع المعيش والكارثي، على حد تعبير ألسنة عديد من الناس الذين استمعت لهم الجريدة.
ساحة الاستقلال التي لم يكن ينقصها شيء..ذات صباح من ربيع السنة الماضية دخلتها الجرافات، وهلم هدما حتى حولت إلى «رميم «تحت مسمى إعادة هيكلتها و «إضفاء جمالية « عليها ..النتيجة الظاهرة للعيان ، الاشغال اقتربت من السنة ولم تنته . الساحة التي تشكل نبض المدينة وشريانها الاقتصادي الذي يربطها بالمرسى وتل الخزف والكورنيش والمدينة العتيقة والادارات والابناك ..لاتزال خاضعة لاشغال سلحفاتية لم تأت بالجديد ولم تضف جمالية زائدة. كما أسر لنا فاعل جمعوي مهتم بالتاريخ …والانكى أنهم قاموا بتدمير وإزالة الرخام والنافورات القديمة واستبدلوها بقطع زليجية ونافورات ثانية وأشكال هندسية لم تغير من شكلها القديم ..وكأن المسؤولين كانوا فقط يبحثون عن ضخ مبلغ ضخم «قابل للرقص» بين أرقامه ..يؤكد منتخب غاضب مما يقع تحت مسمى الاصلاحات الهيكلية ..
قصر البحر هو الآخر اخذ في الانهيار بوتيرة متسارعة من جهة البحر وعلى واجهته الامامية التي تحاذيه سكة القطار بما يتتبعه من هزات وزعزعات ..أصوات مدنية بحت من الصياح ودق المجتمع المدني الناقوس غير مامرة ..آخرها جمعية ذاكرة اسفي، التي راسلت المركز ومسؤولي الاقليم …ليبقى الجواب حبيس كلام رسمي عن الدراسات وإنجاز دراسة أخيرة …ربما سيسقط القصر في البحر قبل «التدخل» الوقائي وربما نشاهد سيلا من البكائيات التي تعودها «مقترفو الجرائم التاريخية» بعد عملية محو ذاكرة المدينة ..وهي الاهم داخل مسار التهميش هذا.
صورة أخرى من صور الكآبة التي حلت بفضاءات اسفي ..هو الشارع الكبير أو زنقة الرباط التي تصل جزءا غير يسير من المدينة بعمقها القديم والعتيق ، ويشكل أيضا شريانا اقتصاديا جوهريا لكل الحاضرة ..ترك على عواهنه ..متسخ، تخترقه بدونة وفوضى قتلت صورته الممتدة في نوسطالجيا الاسفيين ..والمجلس البلدي غائب منذ تشكله ..فيما تجاره يعيشون على وقع ركود بائن وبوار للحركية التجارية ..يشرح تاجر منتم قديما لنقابة التجار على زمن المستغفر وابوهو وامرابتين السيكليس ..لاهو أعادوه كممر وممشى ولاهم أرجعوه لسيرته الاولى كشارع تجاري محض .
على الجانب الآخر من ورش التدمير المستمر للمدينة التاريخية ..ووسط ساحة محمد الخامس التي تحتضن العمالة ومقر البلدية وكل الحي الاداري ..يتربع الطاجين الذي سارت بذكره الركبان ..مثقوبا، مرقع من جوانبه، مخترق بالصدأ وب»خبزة» رخامية تقتعد أسفله مدهونة بطبقة سميكة عطنة من التراب المعروك بكل أوساخ الاحذية الشعبية والرسمية …يحدث ذلك أمام مسؤول العمالة الذي يطل مكتبه على الساحة والطاجين وأيضا قبالة بلدية لايريد الواصلون اليها في الانتخابات الاخيرة مشاهدة ساحة تحتضر تحمل رمز رجل يحبه المغاربة ..محمد الخامس رحمه لله…
باختصار ..هي صور مركزة لواقع الحال في اسفي اليوم ..حاولت تبريزها هاته الورقة ..ليعرف القارئ والمتتبع حقيقة البنية المسيرة للمدينة ..في شقها المنتخب وشقها المعين…
مابين سلطة التعيين وسلطة التمثيلية..ضاعت التنمية وتوقف محرك الاصلاح بخلفية استراتيجية؟