الأطباء المعتمدون لتسليم شواهد الأهلية للسياقة عنصر أساسي في منظومة الوقاية

سائقون مهنيون يقودون مركباتهم رغم إصابتهم بأمراض مانعة معرضين أنفسهم وغيرهم للخطر

 

أكدت الدكتورة دنيا القيسي، رئيسة الجمعية المغربية للأطباء المعتمدين للفحص الطبي لرخصة السياقة في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أن حرب الطرق تواصل حصد أرواح الأشخاص متسببة في فقدان 10 أشخاص كل يوم كمعدل لعدد الضحايا الجدد، مشددة على أن حوادث السير لها كلفة إنسانية وصحية واقتصادية واجتماعية ثقيلة، علما بأن بلادنا بذلت مجهودات كبيرة خلال السنوات الأخيرة من أجل التقليص من حدّتها وتبعاتها، عبر مختلف السياسات التي تم تسطيرها في هذا الصدد، والتي يجب أن تستحضر البعد الصحي كذلك لما له من أهمية على المستوى الوقائي للتدخل قبل وقوع الحوادث ومحاولة تجنبها عوض أن يكون دور هذا الجانب مقتصرا على التعامل معها حين وقوعها.
وشددت الخبيرة على أهمية دور الطبيب المعتمد في المساهمة في دعم الجهود المبذولة لمواجهة حرب الطرقات، الذي له الصلاحية القانونية لتمكين السائقين المهنيين من شواهد الأهلية للسياقة بعد التأكد من وضعيتهم الصحية إن كانت تسمح بذلك أو أن هناك مانعا يحول دون تمكين السائق من مبتغاه. وأشارت المتحدثة في تصريحها للجريدة إلى المساطر الإدارية والتنظيمية التي تؤطر حصول الأطباء المعتمدين على ترخيص للقيام بهذه المهمة وإلى أهمية المراقبة والتتبع لتحقيق النتائج المتوخاة من هذه المهمة، مؤكدة على أهمية الفحص الطبي للوقوف على مدى قدرة السائق المهني على السياقة، حتى لا يعرض نفسه والغير للخطر، مبرزة أنه وخلافا لما يعتقده الكثير من السائقين فإن هذا الفحص لا يرتبط فقط بالعينين وسلامة البصر بل يمتد ليشمل جوانب صحية أخرى، بالنظر إلى أن هناك سائقين يقودون وسائل للنقل من حافلات وسيارات للأجرة وغيرها، وهم يعانون من الضغط الدموي أو السكري أو أمراض النوم وغيرها من العلل الأخرى الصامتة، دون أن يكونوا على علم بذلك، وهي أمراض تتسبب في حوادث خطيرة وقاتلة، الأمر الذي لا يجب التعامل معه بالاستهانة والتبخيس.
وأوضحت الدكتورة دنيا القيسي أن السعي من أجل تقليص نسب حوادث السير لا يرتبط فقط بتوفير البنيات التحتية وبالتحسيس والتوعية واعتماد «الآليات الردعية»، كما هو الحال بالنسبة للرادارات، بل حتى بالجانب الصحي، خاصة وأن هناك سائقين يجهلون إصابتهم بأمراض تشكّل مانعا للسياقة، مبرزة أن هناك لائحة بالأمراض المانعة للسياقة محددة وفقا للقانون 52.05 المتعلق بمدونة السير، التي يجب مراجعتها كل 3 سنوات، والتي تتوزع ما بين أمراض القلب، الجهاز التنفسي، الأذن والحنجرة، الأمراض العصبية والعقلية، أمراض العيون ونقص البصر، وتلك التي تهمّ العظام والمفاصل إلى جانب أخرى كالغدد والكلي وغيرها. وفي السياق ذاته أكدت المتحدثة على أهمية الرقمنة في دعم الجهود المبذولة من أجل التقليص من نسب حوادث السير، مبرزة أن رقمنة ملفات السائقين المهنيين من شأنه وضع حدّ لبعض التجاوزات التي قد تقع هنا أو هناك، لأنه متى تقدم السائق للفحص وتأكدت إصابته بمرض ما تصبح هذه المعلومة متوفرة أمام باقي الأطباء ومختلف الفاعلين والمتدخلين المعنيين بهذا الموضوع.
ونبّهت الخبيرة الطبية إلى أن الحديث عن الصحة العضوية لا يجب أن يلغي الجانب النفسي الذي يجب الانتباه إليه والذي قد تترتب عنه مآسي كبيرة، خاصة في ظل عدم عرض من يعانون من تداعيات صحية نفسية أنفسهم على الأطباء المختصين لعوامل مختلفة، فضلا عن إشكالية الإدمان، التي تعتبر هي الأخرى معضلة «صامتة» ترخي بظلالها على مجال السير والجولان.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 18/02/2023