بعد تكبدها لخسائر فاقت 600 مليون أورو بسبب قرار قصر المرادية قطع علاقاته التجارية مع مدريد
عقدت وزارة الصناعة والتجارة والسياحة الإسبانية، التي ترأسها رييس ماروتو، اجتماعا مع رجال الأعمال وأرباب الشركات الإسبانية الناشطة في السوق الجزائري والتي تضررت أعمالها بشكل كبير بسبب تدهور العلاقات بين إسبانيا والجزائر على خلفية التقارب الإسباني المغربي والتحول الجذري لموقف مدريد من قضية الصحراء المغربية.
وكشفت صحيفة El Independiente الاسبانية، أن كبار المسؤولين في وزارة الصناعة والتجارة والسياحة – التقوا بعض رجال الأعمال الإسبان المتأثرين بهذه الأزمة المفتوحة مع الجزائر. والتي مازالت مستمرة منذ يوليوز الماضي، حين خرق نظام عبد المجيد تبون من جانب واحد معاهدة حسن الجوار وفرض حصارا على التجارة الخارجية مع إسبانيا، ردا على التحول التاريخي لموقف مدريد من النزاع في الصحراء المغربية.
وخلال الاجتماع الذي عقد في الوزارة، تلقت الشركات الإسبانية الناشطة في الضفة الجنوبية من البحر الأبيض المتوسط - ومعظمها شركات صغيرة ومتوسطة الحجم منتشرة في جميع أنحاء الجزائر – بعد شهور من عدم اليقين، جوابا من حكومة بدرو سانشيز، مفاده أن الحكومة لا تستطيع معرفة عواقب تدهور العلاقات الاسبانية الجزائرية على نشاط هذه الشركات.
وبحسب المصادر التي حاورتها هذه الصحيفة، فإن الخسائر المتراكمة على الشركات الإسبانية التي لها أنشطة تجارية في الجزائر تجاوزت بالفعل 600 مليون يورو، وهو استنزاف يؤدي إلى تراكم خسائر جديدة تتكبدها هذه الشركات بشكل يومي.
وفي عام 2021، بلغت الصادرات الإسبانية نحو الجزائر 2700 مليون أورو، وهو رقم ضعيف مقارنة مع 9500 مليون أورو التي تمثلها الصادرات الاسبانية نحو المغرب. هذه الحقيقة هي التي استندت عليها وزارة الصناعة والتجارة والسياحة الإسبانية، لتوضيح الانخفاض التدريجي في المبيعات الاسبانية الموجهة للجزائر، بسبب العقبات البيروقراطية التي وضعها قصر المرادية بغية وقف العلاقات التجارية. في المقابل تم إبلاغ رجال الأعمال الإسبان خلال هذا الاجتماع بالاستراتيجية الجديدة التي تنهجها مدريد من أجل تقوية شراكتها الاقتصادية مع المغرب وهي الاستراتيجية التي تم تأكيدها في الاجتماع رفيع المستوى بين إسبانيا والمغرب الذي عقد في الرباط. والذي وقع خلاله البلدان عشرين مذكرة تفاهم في مختلف القطاعات وبروتوكول دعم مالي بقيمة 800 مليون أورو لتسهيل الاستثمارات الإسبانية في المملكة المغربية.
وقد أصبحت الشراكة الموسعة مع المغرب، هي الورقة التي تراهن عليها مدريد وتضعها على رأس أولويات سياستها الخارجية، وتتضمن هذه الاستراتيجية خطة طموحة للاستفادة من الفرص الاستثمارية الكبرى التي تم إطلاقها في الرباط لجذب الاستثمار الخاص. ومن بين المشاريع التي تبحث عن شريك أجنبي، صفقة شراء في الأمد لما بين 80 و 100 قطار جديد، بسرعة تصل إلى 200 كلم / ساعة، بتكلفة تبلغ نحو 839 مليون أورو. حيث أبدت كل من مجموعة تالغو (Talgo) التي تملك أحد أكبر المصانع الاسبانية للقطارات ووشركة السكك الحديدية الإسبانية Construcciones y Auxiliar de Ferrocarriles (CAF) اهتماما بالمناقصة ، والتي من المرتقب الإعلان عن نتائجها خلال النصف الأول من عام 2023.
كما تضع العديد من المقاولات الاسبانية أعينها على صفقات تمديد الخط السريع بين مدينتي القنيطرة ومراكش ، بميزانية قدرها 3800 مليون أورو ، والذي سيرتبط الخط الحالي الذي يربط طنجة والدار البيضاء ، وهي الصفقة التي تسيل لعاب الشركات الاسبانية التي تتوقع أن تواجه في طريقها منافسة شديدة من الشركات الفرنسية المتواجدة في المغرب ، ناهيك عن المنافسة الصينية.
وهناك قطاع آخر يفتح شهية الشركات الاسبانية نحو وجهة المملكة مند مدة و سيتعزز مع الاستقرار التاريخي للعلاقات الإسبانية المغربية ، ويتعلق الأمر بمشاريع بناء محطات تحلية المياه ، بدءا من محطة الدار البيضاء ، والتي تطمح إليها مجموعة Acciona جنبًا إلى جنب مع الشركات المحلية. ويكمن الهدف النهائي في مضاعفة العدد الحالي من محطات التحلية – التي لا تتجاوز 9 بالكاد – في غضون سبع سنوات.