يقدّر عددها بالآلاف وتؤشرعلى مآس اجتماعية متعددة
تعرف العديد من الأحياء البيضاوية، الشعبية منها وحتى في بعض الأحياء الراقية والشوارع الرئيسية، وجود عدد من المباني المتداعية للسقوط، التي سبق وأن تداعت بعض أجزائها، بعضها كان سقوطها الجزئي بردا وسلاما على المواطنين، والبعض الآخر خلّف حوادث مؤلمة، كما هو الحال بالنسبة للمقهي المتواجدة بشارع عبد المومن، التي تهاوت أجزاء من واجهتها في وقت سابق وخلّفت وفاة ثلاثة أشخاص.
منازل وبنايات عددها ليس بالهيّن، إذ يقدّر بالآلاف، تواصل زرع الرعب في نفوس المارة، بالنظر إلى أنها لا تزال «منتصبة» في «الشارع العام» مهددة بالتداعي الجزئي مرّة أخرى أو الكلي بشكل نهائي في كل وقت وحين، بما أن القائمين على الشأن المحلي والمسؤولين المعنيين لم يتدخلوا لكي يتم هدمها من طرف الشركة المكلّفة في ظروف آمنة، وتحت مراقبة المختصين، وعوضا عن ذلك تم الاكتفاء بتسييج محيطها ووضع بضعة متاريس حولها، حتى يتفادى المواطنون المرور أمامها، وهو ما يعتبر حلاّ ترقيعيا لا يعالج الإشكال.
دور متداعية، تآكلت وتصدّعت جدرانها، تتواجد بشكل كبير في قلب درب السلطان، وأخرى تتوزع في أحياء مختلفة من العاصمة الاقتصادية، في تراب الصخور السوداء والحي المحمدي و»المدينة» وعين الشق والحي الحسني وغيرها، معلنة عن استمرار الخطر المتعددة تبعاته، ومكرّسة لتشوه عمراني يزيد المدينة قتامة، في زمن الأوراش المفتوحة منذ سنوات، التي لم تغلق صفحتها بعد، والتي جعلت من الدارالبيضاء مدينة بلا روح، مفتقدة للجمالية في عمرانها ومنتجة لمزيد من المسخ المجالي.
وضعية تسائل كل المسؤولين من مختلف المستويات، بالنظر إلى أن هذا الخطر المفتوحة أبوابه على المجهول، يهدد كل يوم المواطنين في أرواحهم، خاصة الذين لا يزالون متواجدين في منازل صدرت بشأنها قرارات للهدم، بسبب تعثر عملية إعادة الإسكان من جهة، التي يطالها تأخير كبير، ومن جهة ثانية نظرا لعدم قدرة الكثير من الأسر على توفير المبلغ المالي المطلوب للمشاركة في القرعة من أجل الحصول على شقة في مكان ما، وهو الأمر الذي تتعاظم حدّته الاجتماعية والإنسانية حين يتعلّق الأمر بمسنين وأرامل وأشخاص يعيشون على الهامش، ولا دخل لهم يواجهون به صعوبات الحياة، مما يضع العملية ككل، في مختلف مستوياتها، موضع التساؤل، في زمن الحماية الاجتماعية، وفي عهد دستور الحقوق لسنة 2011، لأن الكثير من هذه الحقوق يصطدم تنزيلها بـ «قوانين» جامدة، صمّاء وخرساء، لا تستوعب الأعطاب المجتمعية العديدة التي يعيشها المعوزون؟
عوز وفقر، يدفعان الكثير من المواطنين إلى الاستمرار في العيش داخل منازل هي بمثابة قنابل قابلة لـ «الانفجار» في أية لحظة، لأنهم لا يتوفرون على بدائل وليست لهم إمكانيات لدفع ملايين السنتيمات في أفق المشاركة في القرعة «الموعودة» والبحث عن مكان آخر في انتظار ذلك للعيش فيه من خلال تأجيره، علما بأن مدة الانتظار يمكن أن تمتد لسنوات وليس لأشهر فقط، وهي عوامل برمّتها تؤكد على أن تدبير ملف المنازل المتداعية للسقوط يعرف الكثير من الارتجالية والتعثر، وتتحكم في تسريع خطواته، في بعض الحالات، دوافع خاصة، لاسيما في الأحياء التي تحولت، في ظرفية زمنية وجيزة، إلى تجمعات تجارية، على حساب معاناة الغير!