المجلس الأعلى للحسابات يحذر من استمرار العجز في أعداد الأطباء والممرضين وتقنيي الصحة

أكّد على أن توزيعها لا يعتمد على معايير موضوعية 

حذّر التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2021 من استمرار العجز في أعداد الأطباء والممرضين وتقنيي الصحة، مؤكدا أن الخصاص سيتزايد أكثر فأكثر خلال السنوات المقبلة، وهي النتيجة التي يمكن استخلاصها من خلال قراءة لتدفق أعداد الخريجين من هذه الأطر، مشددا على أن تحقيق تغطية ملائمة للساكنة المتمثلة في 1.45 عاملا لكل ألف نسمة، كما حددت ذلك منظمة الصحة العالمية، يبقى أمرا صعب التحقيق، مبرزا أن الوصول إلى هذه العتبة يبقى مرهونا بقدرة منظومة تكوين العاملين الصحيين على المحافظة على الوتيرة الحالية لأعداد الخريجين واستبقائهم في المنظومة الصحية.
ونبّه المجلس الأعلى للحسابات، من خلال تقريره الجديد الذي صدر أول أمس الثلاثاء، إلى أن تحليل توزيع الأطر الصحية حسب كل من شبكات العرض الصحي والمجال وكذا وفقا للمؤسسات الصحية، قد بيّن على أن توزيعها لا يعتمد على معايير موضوعية، وهو ما أدى إلى ظهور تفاوتات ترابية واختلالات على مستوى تغطية السكان، فضلا عن ضعف الملاءمة بين البنيات التحتية والموارد البشرية المخصصة لها، بالإضافة إلى الاستخدام غير الأمثل للموارد البشرية المتاحة، وأبرز تقرير المجلس أن نقص الإلمام بديناميات التغيرات التي تعرفها الموارد البشرية الصحية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية قد أدى إلى تطورها خلال الفترة ما بين 2011 و 2021 وفقا لاتجاهات لا تساعد على تنميتها وتقليل الفوارق على عدة مستويات، مشددا على أنه بالرغم من تزايدها بشكل عام؛ بالنظر لارتفاع معدل كثافة العاملين الصحيين منتقلا من 1.50 لكل ألف نسمة في 2011 إلى 1.64 في 2020، إلا أن هذا الارتفاع الطفيف لا يتيح تغطية فعّالة لاحتياجات السكان والمؤسسات الصحية، وهو ما يعكسه «هيمنة» الاختصاصات غير ذات الأولوية عدديا مقابل تراجع حصة الاختصاصات ذات الأولوية، وكذا تعزيز عرض علاجات لا يخدم تدعيم علاجات القرب، فضلا عن كون الآليات الكفيلة بإعادة توزيع الموارد البشرية بشكل متوازن تظل، حسب تقرير المجلس، غير فعّالة بل وتزيد من حدة التفاوتات والاختلالات.
وشدّد تقرير المجلس على أن الوتيرة الحالية لتوظيف الأطباء على مستوى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وتوقعاتها المستقبلية مقارنة بتوقعات أعداد المغادرين، خاصة المتقاعدين منهم، تشير إلى تراجع مستمر في أعداد العاملين الصحيين خلال السنوات المقبلة، منبّها من أن استمرار الوتيرة الحالية للتوظيف لن يسمح بتغطية الحاجيات الناتجة عن توقعات المغادرة، وذلك اعتبارا من سنة2028. وأوصى المجلس لتجاوز هذه الصعوبات بوضع سياسة حكومية متعددة القطاعات، مكرّسة للموارد البشرية في قطاع الصحة، مع مراعاة مختلف المعايير التي تؤثر على توافرها، مع الحرص على تعزيز جاذبية المستشفى العمومي، إضافة إلى ضرورة اتخاذ تدابير فعالة لتعزيز هيئة الأطباء العامين وضمان تطوير الاختصاصات ذات الأولوية وتوزيعها بشكل دقيق يتوافق مع الحاجيات الحقيقية للساكنة وخصوصيات مختلف مناطق المملكة، فضلا عن اعتماد سياسة متعلقة بتوظيف وحركية الموارد البشرية الصحية، التي من شأنها تعويض أعداد المغادرين وضمان توزيع متوازن لهذه الموارد بين الجهات والعمل على تصحيح التفاوتات والاختلالات بشكل مستمر.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 09/03/2023