النَّزِيفُ..

وَرْدَةٌ لِهَذا ٱلْمَدَى
نَجْمَةٌ لِذَاكَ ٱلرَّصِيفْ،
خَفْقَةٌ لِذَاكَ ٱلسَّحَابْ
شَهْقةٌ لِهَذَا ٱلنَّزيفْ،
دَفْقَةٌ لِهَذَا ٱلصَّبَاحْ
رَعْشَةٌ لِذَاكَ ٱلْخَرِيفْ،
مَطَرٌ لِهَذَا ٱلْمَسَاءْ
دَهَشَةٌ لِهَذْي ٱلْحُرُوفْ،
دَمْعَةٌ لِتِلْكَ ٱلْمَآقِي
رَجْفَةٌ، قَلْبٌ أَسِيفْ،
لَكِ رَائحَةُ ٱلْخُزَامَى أيَّتُهَا ٱلطُّيُوفْ،
هَلْ كَانَ إلاَّ خَرِيفاً عَابِراً
وَجِسْماً يَغْزِلُ نُورَهُ، شَمْساً يَطُوفْ؟ !
فَيَرْقُصُ فِي ٱلظِّلاَلِ ظِلٌ نَحِيفْ..
وَأَرَاكِ دَانِيَةَ ٱلْقُطُوفْ
تُهْدِينِي ٱلْقَصِيدَةُ ضَوْءَهَا
تَغْسِلُنِي؛ فَتُبَاركُنَا الْحُتُوفْ!..
عَيْنَاكِ صَوْتُ قِيثَارَةٍ،
وَشَعْركِ مُوسِيقَى تُسَافِرُ فِي ٱلرِّيَاحْ.
اُشْرُبْ شِعْرَكَ خَمْرَا
فِي كُؤُوسِ ٱلدّمَاءِ ٱلنَّازِفَة
وَٱشْرُبْ حُطَامَكَ فِي ٱلْحُطَامْ.
كَآبَةُ ٱلسَّمَاءِ فِي عَيْنيْكَ نُتَفَا
وَمَاءُ وَجْهِكَ ٱخْتَفَى
بِٱلْأَمْسِ كُنْتَ طَائِراً غَرِداً
يُرتِّلُ ٱرْتِجَافَ ٱللُّحُونْ
مَوَّالُهَا وَا أَسَفَا
نَغْمَةٌ، وَحُلْمٌ رَفْرَفَ
يَا صَيْحَتِي ٱلْمـُرْهَفَة
فِي وَادٍ لَا يَسْمَعُهَا َحَبِيبْ..
وَتَسْتعيدُني ذِكْرَى ٱلْوَجِيبْ
أَرْنُو لِسَمَائِي عَاشِقاً
كَأَنَّهُ كَانَ حُلُماً سَرَابْ.
فِي خَيَالِي، أدَاعِبُ وُجْنَتَيكِ
بِخُصْلَةٌ عَبَثَ بهَا ٱلْهَوَاءُ
كَأَنّي أَغَارُ عَلَيْكِ مِنَ ٱلْهَوَاءِ؛
إِذْ يُدَاعِبُ وُجْنَتَيْكِ،
وَمِنَ هَذِيلِ ٱلْحَمَامْ…
تَرَكْتُ لَذَيْكِ وَجْهِي
تَرَكْتُ ٱلْكَلَامْ،
تَرَكْتُ شِعْرِي، تَرَكْتُ ٱلْهُيَامْ،
تَرَكْتُ ٱلْحَمَامَ – فِي شَكِّهِ – يَرْعَى
مَوْتَ ٱلْحَمَامْ..
تَرَكْتُ ٱلسَّمَاءَ فِي نَفسِهَا
تَرْثِي هَذِيلَ ٱلْحَمَامْ
تَرَكْتُ ٱلْهَوَاءَ فِي نَفسِهِ
يُنْعِي مَوْتَ ٱلسَّلَامْ
تَرَكْتُ ٱلسَّلَامَ لِٱمْرَأَةٍ سَقَطَتْ
وَٱعْتَنَقْتُ ٱلظَّلَامْ،
تَرَكْتُ ٱلظَّلَامَ فِي لَيْلِهِ يُعْلِي
هَذَا ٱلْقَمَرْ،
تَرَكْتُ ٱلْقَمَرَ فِي عُشّهِ يَبْكِي
شُحُوبَ ٱلْقَمَرْ..
وَوَرَائِي ٱلْيَمَامُ فِي غُصْنِهِ يَحْكِي
حَفِيفَ ٱلشَّجَرْ،
تَرَكْتُ ٱلشَّجَرَ فِي أرْضِهِ
يَرْعَى هُروبَ ٱلشَّجَرْ..
وَ ٱعْتَنَقْتُ ٱلْغَمَامْ،
تَرَكْتُ ٱلْغَمَامَ لِنَفْسِهِ
يَبْكِي هُبُوبَ ٱلرِّيَاحْ
تَرَكْتُ ٱلرِّيحَ تَعْوِي
خَلْفَ ٱلْمـَطَرْ..
تَرَكْتُ ٱلْمـَـَطرَ عَلَى نَافِدَةٍ
يَشْكُو بُكَاءَ ٱلْمــَطرْ
عَانَقتُ ٱلسَّحَرْ،
وَتَرَكْتُ نَفسِي تُعْلِي
هَذا ٱلسَّحَرْ
تَرَكْتُ ٱلسَّحَرْ..
وَتَرَكْتُ نَفْسِي تَبْكِي فَقْدَ ٱلنَّظَرْ،
عَانَقتُ نَفْسِي،
أُعَلِّلُها بِهَذَا ٱلْقَدَرْ..
وَتَرَكْتُ نَفْسِي، فِي نَفْسِهَا، تَسْعَى
مَجِيءَ ٱلْقَدَرْ
وَتَرَكْتُ ٱلْقَدَرَ – لِنَفْسِهِ – يُرَتِّبُ
هَذَا ٱلْقَدَرْ!..


الكاتب : محمد عبد الفتاح

  

بتاريخ : 10/03/2023