المجلس الأعلى للحسابات يشخّص مسببات خصاص الأدوية ويدعو إلى وضع سياسة دوائية وطنية

أوصى المجلس الأعلى للحسابات في آخر تقرير له بوضع سياسة دوائية وطنية ترتكز على تحفيز الإنتاج المحلي للأدوية والحرص على تتبع تنزيلها وإعادة النظر في عمليات الإذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد ثمن بيع الأدوية، خاصة ما يهمّ الآجال القانونية لمعالجة الطلبات وطرق تحديد ومراجعة الأسعار، وذلك لضمان توافرها وسهولة الولوج إليها اقتصاديا.
وكان المجلس الأعلى للحسابات قد أكد أن تنفيذ جميع مقتضيات القانون 17.04 المتعلق بمدونة الأدوية والصيدلة والمرسوم 2.14.841 المتعلق بالإذن بعرض الأدوية يقتضي اعتماد مجموعة من النصوص التطبيقية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن عشرة نصوص منها لم يتم إخراجها إلى حيز الوجود، فضلا عن أن بعض المقتضيات التنظيمية المؤطرة لقطاع الأدوية تتسم بعدم الوضوح، خاصة تلك المتعلقة بالمخزون الاحتياطي للأدوية وصيغة تحديد سعر بيع الأدوية الجنيسة. وأوضح تقرير المجلس أنه وإلى جانب ما سبقت الإشارة إليه فإن المرسوم رقم 2.13.852 المتعلق بشروط وكيفيات تحديد سعر بيع الأدوية المصنعة محليا أو المستوردة لم يحدد طريقة تحديد أسعار الأدوية التي لا تحمل لا صفة دواء أصلي ولا صفة دواء جنيس.
ونبّه تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي يخصّ سنة 2021 والذي صدر بحر الأسبوع الجاري، إلى أن الإطار القانوني المعمول به لا يشجع بشكل كاف على تطوير الإنتاج المحلي بشكل عام، وسوق الأدوية الجنيسة بشكل خاص، وهو ما ينعكس على توافر الأدوية وولوجيتها الاقتصادية، مشيرا إلى أنه بالمقابل يحفز على الاستيراد على حساب الإنتاج المحلي بمنح هامش ربح إضافي بنسبة 10 في المئة من ثمن المصنع دون احتساب الرسوم على كل دواء مستورد. وعاب التقرير كذلك عدم توفر وزارة الصحة والحماية الاجتماعية على بيانات حول الإنتاج الوطني للأدوية، الأمر الذي يحول دون التأكد من كون عمليات الإذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد ثمن بيع الأدوية تمكّن من ضمان توافر أدوية عالية الجودة في السوق الوطنية، منبها في نفس الوقت إلى عدم توفر نظام معلوماتي مندمج لتدبير هذه العملية، حيث يتم الاكتفاء باعتماد تطبيقات مكتبية وسجلات يدوية مما لا يضمن موثوقية البيانات. وشدد المجلس الأعلى من خلال تقريره على أن عملية مراقبة المخزون الاحتياطي للأدوية تقتصر على تسجيل المعلومات التي تدلي بها المؤسسات الصيدلية الصناعية، التي تصرح بوضعية مخزونها الاحتياطي لبعض الأدوية فقط، مؤكدا أن الآجال القانونية المخصصة لطلبات الإذن بالعرض في السوق وتجديدها تعتبر طويلة مما لا يشجع على توافر الأدوية.
وفي الشق المرتبط بأسعار الأدوية، خلص التقرير إلى أن الدول المعيارية التي تم اختيارها من أجل تحديد أثمنة الدواء في المغرب لم يتم على أساس دراسة مسبقة، ويتعلق الأمر بكل من إسبانيا والبرتغال وفرنسا وبلجيكا وتركيا والسعودية، حيث يتم اعتماد أدنى سعر من أسعار المصنع، دون احتساب الرسوم، المعمول بها في هذه الدول وفي البلد المصنع إذا كان سعره مختلفا. ووقف التقرير عند عدم احترام المدة القانونية لمعالجة ملفات تحديد الأسعار أو المصادقة عليها في حالات كثيرة، المحددة في 60 يوما من تاريخ استلام الملف الكامل، على مستوى مديرية الأدوية والصيدلة، إذ تتراوح مدة التأخير ما بين 30 و260 يوما في هذه المديرية، وبين 52 و274 يوما على مستوى لجنة الأسعار المشتركة بين الوزارات، وما بين 86 و 339 يوما خلال مرحلة نشر قرارات تحديد الأسعار في الجريدة الرسمية، مشيرا كذلك إلى أن أسعار الأدوية تتأثر بشكل سلبي بهوامش ربح المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة والصيدليات ونسبة الضريبة على القيم المضافة التي تعتبر مرتفعة مقارنة بالدول المعيارية، علما بأن الشق المتعلق بهوامش الربح في ارتباط بالمتدخلين المشار إليهم يرى عدد من المهتمين بالشأن الدوائي أن فيه نقاشا كبيرا.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 10/03/2023