رحيل الروائي والقاص العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي

أطفأ الموت، صباح يوم أمس في بغداد، نجمة أدبية عربية لامعة، ولدت سنة 1939 بمدينة الناصرية جنوب العراق، ويتعلق الأمر بالروائي عبد الرحمن مجيد الربيعي، بعد مسيرة أدبية طويلة أثرى خلالها المكتبة العربية بعدد كبير من الأعمال الروائية والقصصية والشعرية والنقدية وكتب السيرة.
وعاش الراحل في بغداد وبيروت وتونس، لفتت مجموعته القصصية الاولى «السيف والسفينة»، التي صدرت سنة 1966، الانتباه إليه وكتب عنه آنذاك الروائي الفلسطيني الراحل غسان كنفاني مقالاً أشاد فيه بهذا الكاتب الذي جاء إلى الأدب من الفنون الجميلة.
هو كاتب عراقي وفنان تشكيلي، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة الملك فيصل بالناصرية، فالمتوسطة بالناصرية أيضاً. ثم دخل معهد الفنون الجميلة ببغداد، فأكاديمية الفنون الجميلة وحمل إجازة جامعية في الفنون التشكيلية.
وقد بدأ النشر في الصحف العراقية والعربية، وأشرف على تحرير الصفحة الثقافية في جريدة «الأنبار الجديدة»، و»الفجر الجديد».
بدأ الكتابة في العشرينات من عمره، وذلك سنة 1962 بقصة «الخدر»، ومجموعة قصصية بعنوان «السيف والسفينة « سنة 1966، تلتها رواية «الوشم» ثم «وجوه مرت» مجموعة بورتريهات عراقية. كانت أول زيارة له بالمغرب سنة 1976، حيث تمكن من ربط علاقات مع أدباء مغاربة من خلال قراءته لهم، فقد كان يجمعهم قاسم مشترك وهموم واحدة تتجلى في التوحد واقتراب القصاصين والروائيين من بعضهم البعض، وسحق حدود التقوقع والقطرية، من أجل الانفتاح على الآخر، خدمة لتطوير الجنس القصصي المحبوب.إذ لم يكن جيل الستينات قطريا، وإنما يكاد يكون عربيا، فكل الذين كتبوا في تلك الفترة كانوا متقاربين في أعمارهم وهمومهم، ومعاناتهم من أجل طرح تجاربهم، التي كانت تئن تحت ثقل الرقابة الاجتماعية من جهة، ورقابة النقد الماركسي من جهة ثانية.
مارس التدريس والصحافة والعمل الدبلوماسي في لبنان وتونس. فكان المستشار الصحفي العراقي في بيروت بين 1983 و1985. كما كان عضوا في اتحاد الكتاب العراقيين ونقابة الصحفيين في العراق وجمعية الفنانين التشكيليين بالعراق.
لقد تعددت أعمال الربيعي، لكنّ الخيط الرابط بينها كان رصد تحولات المجتمع العراقي والعربي. وكانت روايته «الوشم» التي طبعت في عشرات الطبعات من أبرز الأعمال العربية التي عبرت عن مناخ الهزيمة والأنكسار بعد حرب حزيران 1967.
ومن أبرز أعماله أيضاً نذكر: «الأنهار»، و»القمر والأسوار»، و»نحيب الرافدين» و«من سومر إلى قرطاج».
الربيعي الذي توفي في بغداد بعدما عاد إليها منذ حوالي سبع سنوات، غادر العراق اواخر السبعينيات وعمل في السلك الديبلوماسي العراقي في بيروت وشهد الاجتياح الاسرائيلي وتفجير السفارة العراقية في بغداد، وهي المأساة التي توفيت فيها بلقيس زوجة الشاعر نزار قباني لينتقل بعد ذلك مطلع ثمانينيات القرن الماضي إلى تونس لإدارة المركز الثقافي العراقي. بعد فترة وجيزة، انتقل إلى بغداد من جديد لكنه فضل هجر الوظيفة والعيش في تونس.
عاش الربيعي في تونس وكتب في معظم الصحف التونسية ونشر أعمالاً روائية وقصصية ونقدية وتزوج من القاصة التونسية رشيدة الشارني التي أنجب منها أصغر أبنائه سومر. وقد كان الربيعي تونسي الهوى وحصل على الجنسية التونسية منتصف التسعينيات وعمل لحوالي عشرين عاماً في وزارة الثقافة «مجلة الحياة الثقافية».
وطيلة سنوات حصار العراق كان الربيعي بمثابة الواجهة الثقافية لبلاده رغم تقاطعه مع النظام العراقي، لكنه لم ينخرط في المعارضة العراقية ولم يعد للعراق إلا في السنوات الأخيرة فقط.


بتاريخ : 21/03/2023