الكلاب، القطط، الخيول وغيرها من الحيوانات، علاقتها بالإنسان ليست وليدة اليوم، تتعدّد دوافع وغايات والارتباط بها، إما بغاية الحراسة أو الخدمة أو الألفة والمؤانسة ومواجهة الوحدة أو غيرها من الأهداف، التي وإن اختلفت المقاصد من وراءها إلا أنها تؤكد على أن الرابطة بين البشر وبعض هذه الحيوانات تكون أكثر متانة وقوة وأشدّ وفاء.
وإذا كانت الرغبة في الحصول على أحد هذه الحيوانات وترتبيها قوية بالنسبة للبعض، فإن الاعتناء بها وتوفير كل الشروط لها يجب أن يكون أقوى، فهذا الأمر يعتبر شرطا أساسيا، للحفاظ على حقوقها، وحماية صحتها وصون سلامتها وعدم تعريضها للخطر، وهو ما يتطلب الإلمام بالعديد من “التفاصيل الحياتية” منذ الولادة، كما هو الحال بالنسبة للتلقيح، التعامل مع الأمراض، التغذية، العلاقة بالمحيط، النظافة، التزاوج وغيرها من المعطيات لتفادي الإضرار بها وفقدانها في لحظة من اللحظات بسبب تقصير أو سوء تقدير.
“الاتحاد الاشتراكي” ومن أجل الاطلاع أكثر على كيفية التعامل مع “ الحيوانات الأليفة “، اختارت أن تخصص للقراء سلسلة من الحلقات لأجل تقريب كل المعلومات المتعلقة بتربية عدد منها، مستضيفة في هذا الإطار الدكتور بدر طنشري الوزاني، الطبيب البيطري، ورئيس المجلس الوطني للهيئة الوطنية للأطباء البياطرة، للوقوف عند التفاصيل المختلفة من أجل تربية سليمة للكلاب والقطط وغيرها من الحيوانات الأخرى …
تعتبر مرحلة البلوغ عند الكلاب من المراحل الأساسية في دورة حياتها، التي بوصولها تنتقل إلى وضع حياتي آخر، يفرض تعاملا خاصا، لأنها تصبح منفتحة في فترات بعينها من السنة على الممارسة الجنسية والإنجاب. وتصبح بعض أنواع الكلاب بالغة عند سنّ 6 أشهر، وقد تصل بعض الأنواع الصغيرة إلى هذه المرحلة قبل ذلك، في حين أن بعض الفصائل الكبيرة لا تعرف البلوغ إلا بعد 18 شهرا عن ولادتها أو بعد سنتين.
إن الوصول إلى مرحلة البلوغ يؤشر كذلك على وضعية خاصة بالنسبة لإناث الكلاب والتي تتعلق بدورة الحيض، التي تكون مرتين في السنة وذلك كل ستة أشهر، حيث تستمر هذه الفترة ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ويتغير فيها سلوك الكلبة وتظهر عليها إفرازات مهبلية فضلا عن النزيف المهبلي، وتقوم خلال هذه الفترة بالتبول كثيرا مع ما يعني ذلك من إفراز للفرمونات التي تجذب الذكور لأنها تكون قابلة للتزاوج.
وتعتبر فترة الحيض من الفترات المقلقة، خاصة بالنسبة لمن يربّون كلابا في الشقق السكنية، لأن وضعهم السكني لا يقبل بأن ينتشر ما تفرزه الكلبة في مختلف الغرف والفضاءات وعلى كل الأرائك أو الأسرّة أو غيرها. وتصبح الكلبة كذلك في هاته الفترة ميّالة للذكور من أجل إقامة العلاقة الجنسية، وهو ما قد يجعلها تتصل بكلب ضال وآخر قد لا يكون من نفس فصيلتها فتحبل وتلد جراء من فصيلة أخرى مع ما يعني ذلك من تبعات مختلفة.
إن هذه الإشكالات التي قد تعترض من يربون كلبة في المنزل، والذين لا رغبة لهم في أن تلد لهم جراء ولا همّ لهم في تربية كلاب أخرى أو الاتجار فيها، خلافا لتوجه البعض الآخر، ولمن يربون كلابا بغاية الحراسة في ضيعات وفضاءات شاسعة الذين لا تشكل لهم هذه الأمور أية إزعاج، يقترح عليهم الطبيب البيطري إجراء عملية التعقيم، التي لا تستهدف فقط الإناث وإنما حتى الذكور كذلك، الذين بدورهم تؤدي الرغبة الجنسية عندهم إلى عدد من المتغيرات ومن بينها خطر الضياع بسبب الهروب بحثا عن أنثى في مكان آخر، وهو الحل المقترح من أجل وقف كل أشكال دورة الحيض وما يتلوها من قلق وسلوكات يراها البعض بأنها مزعجة، ونفس الأمر بالنسبة للحمل والولادة. ويقوم الطبيب البيطري في هذا الإطار باستئصال المبيض والرحم عند أنثى الكلب مما يتيح وقف كل ما له صلة بالحيض ويؤدي على الحد من كثرة التبول التي تميز تلك الفترة ويتحسن سلوك الكلب بشكل عام.