أطباء الطب الشرعي ينبّهون لخصوصيات هذا التخصص ويحذرون من تبعات «التكوينات القاصرة»

أكدوا أن هناك ممارسات قد تضرّ بصورة حقوق الإنسان في بلادنا

حذّر الأطباء المختصين في الطب الشرعي من خطوة التصديق على بعض التكوينات الجزئية وتحويلها إلى معادلة الدبلومات خارج القواعد القانونية في هذا المجال، مشددين على أنه يمكن أن تستغل لأغراض مختلفة قد تترتب عنها مجموعة من التبعات غير الهيّنة. ونبّه المختصون خلال الاجتماع الذي عقده أعضاء الجمعية المغربية للطب الشرعي إلى أن هذا التخصص يعتبر حيويا ومرتبطا بمجالات حقوق الإنسان، مؤكدين أن أي محاولة للرفع من العدد دون الاعتماد على التكوين الأساسي عبر نموذج الإقامة لمدة أربع سنوات، كما هو منصوص عليه في قانون التعليم العالي، قد تكون نتائجها سلبية على مرتفقي العدالة وعلى صورة حقوق الإنسان ببلادنا لما لهذا التخصص من ارتباط بهذا المجال.
ودعا المختصون في الطب الشرعي إلى منح الأطباء التابعين لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية الوسائل والأدوات اللازمة لتحقيق الأهداف المنشودة داخل المستشفيات، مؤكدين على استعداد الجمعية المغربية للطب الشرعي للمشاركة في بلورة استراتيجية واضحة في هذا المجال يكون لها وقع على كل الجهات التي تستفيد من خبرات هذا التخصص. وتدارس المختصون في اجتماعهم وضعية الطب الشرعي بلادنا مؤكدين دعمهم للدينامية التشريعية المسجّلة بعد صدور القانون 77/17 والنصوص التنظيمية المواكبة، مثمّنين عمل لجنة التصديقات على مختلف التكوينات المخولة لأطباء لممارسة بعض أنشطة الطب الشرعي، لكن مع التنبيه في نفس الوقت إلى تبعات أي منزلق قد يقع تسجيله بسبب ما يمكن وصفه بـ «التكوينات القاصرة» كمّا وكيفا، التي لم تستوف لا المدة المطلوبة ولا المنهج المتكامل.
وعلاقة بالموضوع أكد البروفيسور عبد الله دامي في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن الجمعية عملت على مواكبة الترسانة القانونية المرتبطة بالقانون 77.17 والنصوص التنظيمية المصاحبة له بهدف التوفر على طب شرعي بجودة عالية، مشيرا إلى أنه خلال السنوات الأخيرة تم التنبيه في مناسبات عديدة إلى الخصاص والنقص الذي يعرفه هذا التخصص من أجل بذل الجهود الضرورية للرفع من عدد الأطباء المختصين في المجال لكن بشروط محددة وخاصة، وهو ما جاء به القانون المذكور. وأوضح رئيس الجمعية المغربية للطب الشرعي أنه تبعا لذلك صدر النص التنظيمي الذي ينظم التصديقات على بعض التكوينات في مهام الطب الشرعي التي يمارسها بعض الأطباء للحفاظ على جودة المهام الطبية الشرعية، وتكفلت لجنة تم تشكيلها لهذه الغاية وتضم عددا من المتدخلين وتترأسها وزارة العدل بالعملية، إلا أنه بعد التصديقات الأولى على بعض التكوينات الجزئية في مهام الطب الشرعي خاصة في مجال التشريح الذي يعرف نقصا كبيرا تبيّن أن عنصر الجودة سيصبح مفتقدا لأن الهدف المنشود لن يتحقق برفع العدد من خلال تكوينات محدودة في الزمن بعيدا عن المسار التكويني المطلوب.
ونبّه البروفيسور دامي في تصريحه للجريدة من تفريخ تكوينات جزئية يمكن استغلالها في إطار معادلة الديبلومات بشكل لا يشكّل قيمة مضافة وقد تترتب عنه تبعات متعددة، داعيا بالمقابل إلى إعطاء الأولوية للأطباء المتخصصين الذين يتكونون عبر نظام الإقامة بدوام كامل، والذين يفتقدون وسائل العمل في مجموعة من المدن، مشددا على ضرورة استثمار الموارد البشرية المتوفرة التي تتكون في المجال بالشكل الأمثل من خلال توفير كل ظروف الاشتغال الضرورية لها، والتعامل مع موضوع التكوينات برؤية متبصرة خاصة وأن مجال الطب الشرعي ليس في حاجة إلى مزيد من الممارسات التي قد تضر به وتضر بصورة حقوق الإنسان في البلاد بشكل عام.
وكان أعضاء الجمعية المغربية للطب الشرعي قد أكدوا، بعد تقييمهم لحصيلة عمل السنة الماضية من الأنشطة العلمية، أن هذا الإطار المدني العلمي سيواصل العمل من أجل رفع مستوى تخصص الطب الشرعي الحيوي في بلادنا لتجويد عمل الأطباء الشرعيين وسيدافع عنه لكي يظل تخصصا طبيا يتميز بالجودة بالشكل الذي يشرّف المملكة المغربية.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 29/03/2023