مهنيون للصحة في القطاع العام يقاطعون المستشفيات بحثا عن العزل للهجرة أو للعمل في القطاع الخاص

تعيش مجموعة من مستشفيات المملكة حالة فراغ كبيرة على مستوى الموارد البشرية، سواء تعلق الأمر بالأطباء أوالممرضين من مختلف التخصصات والفئات، الذين اختار عدد منهم «التخلي عن المنصب» وعدم الالتحاق بالمؤسسات الصحية التي يشتغلون فيها كي يتم تفعيل المسطرة الإدارية في حقّهم، وذلك حتى يتسنّى لهم مغادرة «الوظيفة العمومية» إما بهدف الهجرة خارج المغرب أو للتسجيل في سجلات الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء من أجل المزاولة رسميا في القطاع الخاص.
وعلمت «الاتحاد الاشتراكي» أن الملفات التي تهمّ الانقطاع عن العمل في المؤسسات الصحية العمومية ارتفع عددها بشكل كبير، وأضحت حلاّ بالنسبة للكثير من المهنيين بعدما أوصدت أبواب قبول الاستقالة في وجوههم، باستثناء المحظوظين الذين تتم تلبية طلباتهم بكل سلاسة، بالنظر إلى أن بعض المدراء الجهويين وقعوا على طلبات مماثلة بالرفض بسبب الخصاص قبل أن يفاجأوا بقبولها مركزيا بكيفية من الكيفيات. وتوجه الراغبون في مغادرة القطاع العام لهذه الخطوة، التي باتت مسطرتها تتسم، في الآونة الأخيرة، بسلاسة تطرح أكثر من علامة استفهام، بعدما تبيّن أن كلفتها مربحة ماديا وزمنيا، خاصة وأن الملفات باتت تعالج في مدة تتراوح ما بين أربعة وخمسة أشهر في الوقت الذي كانت تتطلب سابقا ما بين ستة أشهر وسنة، للحصول على شهادة العزل التي تمكّنهم من التوجه صوب القطاع الخاص.
وأكدت مصادر الجريدة أن عددا مهما من المستشفيات تراجع عدد الأطباء فيها إلى أكثر من النصف وأخرى بنسبة الثلثين بشكل بات مقلقا ويرخي بتبعاته على مردودية المؤسسات الصحية، ونفس الأمر بالنسبة للممرضين وتقنيي الصحة الذين قرر عدد منهم القيام بهجرة جماعية نحو الخارج، انطلقت فصولها بمجموعة صغيرة في انتظار استيفاء خطوات إدارية لتلتحق الأخرى. وأوضحت ذات المصادر أن ما يقع اليوم، وبشكل أكثر حدّة من السابق، يزيد من تعميق جراح القطاع الصحي العمومي الذي تتقلًّص موارده البشرية يوما عن يوم، إما بفعل التقاعد أو «العزل»، وهو ما يتطلّب تعاطيا مسؤولا لإنقاذ القطاع العام من «الغرق».
بالمقابل يبرّر عدد من المهنيين الذين اختاروا مغادرة سفينة الصحة العمومية خطوتهم بما يتم إعداده من سيناريوهات تحت مسمى «إصلاح التقاعد»، ونفس الأمر بالنسبة للقوانين التي ترفع شعار «إصلاح النظام الصحي»، مشددين كذلك على أن معادلة التعويض عن المهام والمردودية لن تشكّل قيمة مضافة بالنظر إلى أن دخول تعميم التغطية الصحية حيز التنفيذ دفع وسيدفع فئة عريضة من المواطنين للتوجه صوب القطاع الخاص تفاديا للأعطاب التي يعرفها القطاع العام، إلى جانب عدد من المبررات الأخرى التي يؤكدون أنها تحول دون تجويد المنظومة بشكل عام وترخي بتبعاتها على أوضاعهم الاجتماعية. تعليل يرى متتبعون للشأن الصحي بأنه مهما بلغت موضوعيته إلا أنه سيجعل من المواطن البسيط ضحية، خاصة في المناطق التي لا تعرف حضورا للقطاع الخاص، ويؤكدون أنه إذا ما استمر تفاقم هذا الوضع فسيكون ولوج المواطنين للخدمات الصحية وللعلاج متعسّرا وتعتريه العديد من الصعوبات مع ما يعني ذلك من تبعات على الصحة العامة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 31/03/2023