تمكنت فرق الإنقاذ بمنطقة سيدي لمين، ضواحي كهف النسور، إقليم خنيفرة، بعد زوال يوم الثلاثاء 25 أبريل 2023، من انتشال جثة عامل من تحت أنقاض انهيار صخري بأحد مقالع الرخام المنتشرة بالمنطقة، فيما أوضحت مصادر متطابقة أن «عمليات البحث ظلت متواصلة بحثا عن جثة عامل ثان». وواصلت فرق الإنقاذ تخطيطها وجهودها، إلى حدود مساء ذات اليوم، بالإمكانيات المتاحة، في محاولة للعثور على الجثة العالقة، مقابل أمل الجميع في عدم وجود أي عامل آخر تحت الأنقاض، وذلك وسط حالة استنفار للسلطات والدرك، وكذلك في ظل قلق شعبي حيال وضعية الفوضى والاستغلال التي تعرفها بعض مقالع المنطقة خلف أعين القوانين ومعايير السلامة.
واستفاقت المنطقة منذ الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء على وقع خبر انهيار جبل صخري بمقلع للرخام، وبينما تضاربت الآراء والاحتمالات بشأن عدد الأشخاص الذين كانوا داخل المقلع، تم الإجماع على وجود شخصين تحت الأنقاض حيث لم يكن سهلا على فرق الإنقاذ الوصول إليهما بالنظر لعملية الحفر المعقدة، ولحجم الصخور المنهارة والتي يقدر وزنها بالأطنان، علاوة على عمق موقع الانهيار، ما أصاب البعض بفقدان الأمل في العثور على الجثتين العالقتين تحت الأنقاض، سيما في انعدام حفارات متطورة ووسائل تقنية لتفتيت الصخور الضخمة المنهارة.
وفي ذات السياق، أوضحت مصادرنا بعين المكان أن الضحية الأول لا يزال شابا وعمره 19 سنة ويتعلّق الأمر بـ «ق. محمد» الذي يعتبر المعيل الوحيد لوالدته الأرملة وأشقائه، بعد وفاة والده في حادثة شغل بأحد المقالع، أما الثاني فهو شخص أربعيني «س. المعطي»، متزوج وأب لطفلين، ويشتغل سائقا لجرافة، ولولا الرعاية الإلهية، بحسب تصريحات متطابقة، لكان الضحايا يعدون بالعشرات، فيما تحدثت مصادرنا عن إصابة مجموعة من العمال بجروح متفاوتة إثر تساقط الحجارة أثناء الانهيار الصخري بالمقلع المذكور الذي يستغله أحد المستثمرين بالإقليم، حيث ارتفعت الأصوات جراء الحادث المطالبة بفتح التحقيقات والعمل على ضمان عيش أسرتي الضحيتين.
واستنفرت الفاجعة عناصر الدرك الملكي، والسلطات الإقليمية والمحلية، وأفراد الوقاية المدنية والقوات المساعدة، الذين حلوا بمسرح الحادث الذي سجل نزول حشد كبير من السكان يتقدمهم أفراد أسر الضحيتين، الذي تحول إلى فضاء للمطالبة بحضور كل المسؤولين وتشكيل لجنة نزيهة للتحقيق في ملابسات وظروف الفاجعة وتحديد المسؤوليات، فيما لم يفت نقابيين وحقوقيين التساؤل حول دور صندوق الضمان الاجتماعي ومفتشية الشغل، وكذا لجن المراقبة التي عليها القيام بزيارات مفاجئة للمقالع، فيما طفا ملف مقلع كان قد تقرر إغلاقه في ظروف متشابكة دفع ثمنها العشرات من العمال الذين وجدوا أنفسهم عرضة للتشريد والتجويع.
وبقدر ما أعادت الفاجعة بذاكرة الساكنة إلى قصة «الطفل ريان»، فقد جعلت العديد من المهتمين بالشأن العام المحلي يجددون إصرارهم على ضرورة تشخيص المقالع التي تنشط خارج المبادئ القانونية، والتي تشكل خطرا على الأرواح.