عيسى بن عمر العبدي.. قائد عبدة -22- تكفل القائد برعاية وتربية مواشي السلطان

نعود لنعرض أهم احداث الفترة ما بين (1879-1914) التي وقعت بمنطقة عبدة، والتي عرفت حكم القائد (عيسى بن عمر العبدي)، اعتمادا على كتاب «عيسى بن عمر.. قائد عبدة» لمؤلفه الأستاذ المصطفى فنيتير. وجاء في مقدمة هذا الكتاب التي أعدها الأستاذ ابراهيم بوطالب «أن عيسى بن عمر البحتري العبدي»، رجل سلطة، نشأ بين أحضان السلطة وعاش من ممارستها ومات وهو في حرمتها..

 

كانت أيالة القائد عيسى بن عمر تقدم ما ينوبها من الحراك للمساهمة في الحركات المخزنية ، وفي سنة 1307 هجرية //1889ميلادية .، ساهمت قبيلة البحاثرة في
الحركة التي قام بها السلطان من فاس الى مراكش . ونعثر على رسالة يستنفر فيها السلطان القائد عيسى بن عمر بالنهوض للحركة فيقول : ( فنأمرك أن تكون على أهبة واستعداد بالحركة المعتادة ، ولتكن منتخبة من أنجد الرجال وأجود الخيول وحسن الحال ، بحيث تكون بها على جناح السفر متى نأمرك بالنهوض بها للمحل الذي نعينه لك . هذه المشاركة ، كانت تكلف القبيلة أعباء اختيار وانتقاء أجود الفرسان ، وتوفير الخيل والعدة ، فهي بذلك تدخل ضمن الواجبات المفروضة على القلبية ، والتي لها طابع الزامي .
كما شاركت أيالة القائد في الحركة التي قام بها السلطان من الرباط الى فاس سنة :1310ميلادية //1893هجرية . بحيث صدر الأمر للقائد : ( نأمرك أن تفرض عدد حركة اخوانك على العادة منتخبين من وجوه الرجال الأقوياء والخيل الجياد المسومة الصحاح الجيدة …ذوي عدة واستعداد ، يعتد بهم حال الكفاح والطرح ، ولتكن بهم على بساط الأهبة ، بحيث اذا ورد عليك أمرنا الشريف في شأنها تجدك في الحال ناهضا ).
واذا كانت العادة في مثل هذه الحركات أن ينتفي القائد أحسن الفرسان وأقواهم ، .فان الرسائل التي نتوفر عليها ، لم تفدنا في معرفة العدد الذي ساهمت به قبيلة البحاثرة في الحركتين المذكورتين ،ولعل نصيب قبيلة البحاثرة كان يساوي مجموع ما تقدمه قبيلتا الربيعة والعامر ،وذلك ما سيظهر واضحا في المراسلات الخاصة بالفترة العزيزية .
ومن بين ما كان القائد عيسى بن عمر يتكلف به ،الاشراف على رعاية وتربية المواشي المودعة لديه من طرف المخزن المركزي ، وبالأخص منها ، الخيول والبغال ، حيث كان القائد يسهر على توفير الكلأ لها ، ورعايتها وهذا ما كان يتطلب منه توفير المراعي الكافية أو البحث عنها ، لذلك كان القائد بدوره يلجأ الى فرض نوع من السخرة على افراد القبيلة ، فيوز ع عليهم الماشية قصد رعايتها . وكثيرا ما كان السلطان يفاجئ القائد بطلب ارسال عدد منها ، مما يدفع بالقائد بالبحث عن أجودها ، ولو من ماشيته الخاصة ،. وتتعدد الرسائل المخزنية في هذا الصدد وكلها أوامر صادرة عن السلطان بتوجيه عدد منها فيقول 🙁 نأمرك أن توجه لوصيفنا الحاج أحمد أمالك ثلاث بغال من بغال جنابنا العالي بالله التي تحت يديك عزما ….).
واذا تأملنا العدد الذي كان يكلف القائد برعايته من ماشية السلطان ، نستطيع أن نتصور مقدار التكاليف التي كان يتحملها القائد فقد تفوق أحيانا المأتين . وهو ما يبرره جواب السلطان ، للقائد مباشرة بعد تنفيد أمره. :(وصل جوابك عما أمرناك به من توجيه مأتي بغلة وسبع بغال لجنابنا العالي بالله عنذك والاحتفاظ بالباقي الى وقت الحاجة اليه .
وكثيرا ما كان القائد يعوض الأعداد التي تتعرض الى الضياع بسبب الموت أو غيره ، وكان السلطان يتشدد في انتقاء واختيار أجود أنواع المواشي ، وبالأخص منها الخيول ، وكثيرا ما كان يرفض المعيب منها . وفي جواب من السلطان على تنفيد أمر في هذا الباب 🙁 وصل جوابك بتوجيهك ثمانية وثلاثين فرسا تحت يدك لجنابنا العالي بالله ، وصار بالبال ، فالواصل منها ، اثنثان وثلاثين ، وجد منها معيبا تسعة ، ها هي ردت اليك فنأمرك أن تستبدلها بصحيحة سالمة ، وتعجل بتوجيهها مع الستة الباقية كما أمرناك.
(هدايا الأعياد) .
عادة ما كان القائد ، أو بعض اخوانه من أعيان القبيلة ، أو خليفته ، يفدون الى حضرة السلطان بالعاصمة ، وذلك بمناسبة الأعياد الدينية الثلاثة لتقديم هدايا العيد ، أو ما يطلق عليه أحيانا في المراسلات المخزنية : اسم ( عيادة).


الكاتب : إعداد : محمد تامر

  

بتاريخ : 28/04/2023