نعود لنعرض أهم احداث الفترة ما بين (1879-1914) التي وقعت بمنطقة عبدة، والتي عرفت حكم القائد (عيسى بن عمر العبدي)، اعتمادا على كتاب «عيسى بن عمر.. قائد عبدة» لمؤلفه الأستاذ المصطفى فنيتير. وجاء في مقدمة هذا الكتاب التي أعدها الأستاذ ابراهيم بوطالب «أن عيسى بن عمر البحتري العبدي»، رجل سلطة، نشأ بين أحضان السلطة وعاش من ممارستها ومات وهو في حرمتها..
بمناسبة عيد الفطر ، أرسل القائد عيسى بن عمر وفدا من أعيان أيالته ، لتقديم الهدية ، وبعد تأدية واجب الولاء ، أخبر القائد بوصول : عيادة اخوانك وشهدوا معنا عيد الفطر …وأدوا الهدية التي وجهت وفق ما ذكرت ، فوضعكم الله خلفا وبارك لكم أمين .
وان كنا لا نعرف مقدار الهدية التي قدمها القائد للسلطان ، الا اننا نعثر على بعض الاشارات التي تعطينا تقديرا لمبلغ الهدية ، بمناسبة قدوم السلطان المولى الحسن من احدى حركاته الى حضرة مراكش . فقدم عليه قواد عبدة ، وأدوا الهدية ، فكان مقدار ما قدمه القائد عيسى بن عمر بمناسبة التهنئة بالقدوم ، هو اربعة مائة ريال ، ومناسبة تعزيته في أخت السلطان قدم مائتي ريال، أي ما مجموعه ستمائة ريال، وهو نفس المبلغ الذي قدمه كذلك قائد ايالة الربيعة ، الشافعي بن الحافظي ،حيث قدم ثلاث مائة ريال للتهنئة وثلاث مائة للتعزية .
من جانب أخر كان السلطان المولى الحسن حريصا كل الحرص على الحد من انتشار الحمايات القنصلية ، وأصدر في ذلك أوامره الى كل الجهات للحد منها ، وفي هذا الاطار كان يعمل على احصاء السماسرة و المخالطين لضبط عددهم ، فقد أصدر أمر للقائد عيسى بن عمر باحصاء المحميين ، فيقول : ما للمريكان من السماسرة والمخالطين بايالتك ؟، وأمر بوضع قائمة يوججهها الى النائب محمد بن العربي الطريس لدار النيابة بطنجة في أسرع وقت ، وان يخصص ( رقاصا) للوقوف على تنفيد ذلك ..و لا بد أن يتوجه الرقاص في غد اليوم الذي يصلك كتابنا هذا ووجه نسخة منه لحضرتنا الشريفة ..ولعل ذلك ما كان يدخل ضمن محاولة السلطان لتصفية الديون التي كانت للأجانب على بعض المواطنين المغاربة ، وفي هذا الصدد ، نعثر على بعض الرسائل التي تخص قيادة عبدة .فقد أصدر السلطان المولى الحسن أمره الى القائد عيسى بن عمر يطالبه باستيفاء ما على ايالتك من ديون الأجناس . وقام القائد من أجل تنفيد ذلك على ساق الجد والاجتهاد ، حتى أدى الجميع ..وحاز على عثر عليه من الرسوم التي بلغ عددها مائة وعشرين رسما ، استخلصها القائد وبعث بها الى السلطان مع رسم ابراء قونصل الانجليز . وقام القائد بكل التحريات لضبط ما تبقى للأجناس الأخرى من ديون على أيالته . فلم يجد لهم دينا باقيا . وربما يكون القائد بذلك قد استوفى كل الديون التي كانت للأجانب على بعض الأفراد من أيالته ،حتى يتمكن القائد من ضبط هذه العملية ، كان على القاضي أن يقوم ..باعلامه بكل من أراد تحمل دين من ايالته .
ولعل تصفية هذه الديون ، استلزمت من القائد القيام باجراءات من بينها ، تكليف أحد أفراد المخزن بالاقامة في دار النيابة بطنجة قصد تصفية كل الرسوم ، وفعلا فان بعض الوثائق تؤكد أن الطالب محمد بن سليمان قد أقام بطنجة مدة مديدة في الوقوف على ما كان ايالتك من دين الانجليز حتى صفى أمره وانحسمت مادته .
وكانت الواجبات المترتبة على القيام بهذه المهمة يتكلف بدفعها القائد بعد أخدها من الغرماء الموسرين الذين أدوا ما عليهم من ذلك ..
وقد توجه أحد أعوان المخزن ، وهو الشريف سيدي عثمان ولد للا نفيسة ،لفصل قصية الديون التي كانت على بعض المخالطين من ايالتة القائد عيسى بن عمر ، وقام في ذلك على ساق الجد ، وفاصل أرباب الديون ولم يبق الا ما قل ، ثم ورد بعد ذلك الكاتب المنيعي فأحضر بعض الغرماء ، واستفهمهم بمحضر القاضي عما بقي بذمتهم ، فوجد أن عددا منهم أدى ما عليه ومن تبقى منهم دفع جل ما عليه .فكتب العدول بذلك شهادة مخالفة للواقع ، وبعد رفع هذه القضية الى السلطان المولى الحسن أكد في رسالة له بأن الحجة والشهادة هي حيازة الرسوم ، بعد الكتب عليها والابراء ، وفي هذا الصدد تم اختيار باقي قواد عبدة ، بأن الواجب في هذه القضية هو كتابة رسم البراءة بجميع أسماء الغرماء ، وليس تمزيق الرسوم ، وصدر الأمر الى القاضي بالوقوف على تصفية باقي ديون ايالة قواد عبدة ، فامتثل القاضي للأمر ..وأخبر بتصفية ديون ايالة عيسى بن عمر ، والشافعي ، ولم يبق على ايالة الحافظي الا نحو 5000ريال ومقابل قيام القاضي بهده المهمة ، طالب الأجرة له وللاعيان والعدول وأجرة الرقاص.