بسبب انعدام وضوح الرؤية بخصوصه ، برنامج عمل الدارالبيضاء يؤجل إلى الجولة الثانية من دورة ماي

 

أضحى برنامج عمل الدارالبيضاء معضلة حقيقية أمام منتخبي الجماعة، وكجمرة وجب وضعها أينما كان حتى لا يكتوي بها حاملها. ففي الوقت الذي يحث فيه المشرع على تسطير برنامج عمل الجماعات في أجل لا يتعدى سنة من انتخاب هياكل المجالس، ها قد مرت سنة وثمانية أشهر ومازال مجلس أكبر جماعة في المغرب يتلكأ في إصداره بسبب عدة مشاكل، لعل أبرزها كما تقول المعارضة ذلك، أنه برنامج غير واقعي وعصي عن التنفيذ لأنه حالم جدا وترجمة لتمنيات، لا مقومات لها للتحقق على أرض الواقع وتغيب عنه رؤية وأهداف مدروسة خاصة إذا علمنا أن مدة الإنجاز وتبسيط خطاطات البرنامج محددة في ما بين 2023 و2028 ، بمبلغ مالي يقدر بالملايير من السنتيمات.
وبإطلالة على جدول أعمال دورة ماي لمجلس مدينة الدارالبيضاء، سنجد أن برنامج العمل هذا رمي به إلى الجولة الثانية من هذه الدورة، أي إلى غاية 22 ماي ، فيما ستعقد الجولة الأولى في 4 ماي ، ليس لأن المدبرين غير مهتمين به ولكن لأن عملية مناقشته داخل لجن المجلس عرفت تعثرات وملاحظات لم تكن في حسبان واضعيه، خاصة مكتب الدراسات الذي اعتمد لهندسته، فجزء من المعارضة داخل المجلس قاطع أو انسحب من بعض الاجتماعات بدعوى أن استفساراتهم لا تجد من يجيب عنها، إذ يجدون أنفسهم وجها لوجه مع مكتب الدراسات وليس مع المسؤولين في مكتب المجلس، وجزء آخر يرى ضرورة وضع تعديلات واقعية عليه وأن تتضمنها الصيغة النهائية له وهو مالم يحصل، ما جعل الحماس بخصوصه يفتر يوما بعد يوما، خاصة وأن جزءا من الأغلبية له نفس رأي من عارضوا الطريقة التي تم بها إعداده.
التأجيل، وبحسب بعض الأعضاء، هو فرصة لمحاولة إقناع الجميع بتمريره حتى لا يكون المجلس خارج القانون، وأيضا حتى لا يكون مثار جدال قوي خلال الدورة ويعصف بمآلها، خاصة وأن المسيرين خلال اللجن فعلوا كما فعل العدالة والتنمية في الولاية السابقة، خلال المناقشة داخل اللجان، إذ اعتمدوا الإستقواء بالأغلبية العددية بدل القوة الإقناعية المعتمدة على معطيات علمية مستساغة. تشكيك المخالفين لمنظور من سطروا هذا البرنامج، يمتح شرعيته من كون جل نقط البرنامج تعتمد على اتفاقيات وشراكات مع قطاعات عمومية وبملايين الدراهم، ستؤدي منها جماعة الدار البيضاء في المجمل 10 في المائة، لكن دون أن يقدم البرنامج موافقة تلك المؤسسات ووثائق التزاماتها والحصص المالية المتحدث عنها في تفاصيل ما تم عرضه على الورق فقط ، أو على الأقل أن يظهر المكتب المسير ضمانات واقعية تحصل عليها من الجهات موضوع الشراكات والاتفاقيات. كما يغيب على البرنامج أثر القطاع الخاص وكأن المجلس منغلق على نفسه وتراب نفوذه لا يضم مؤسسات اقتصادية ومالية وخدماتية كبرى، هي المستفيد الأول من الدارالبيضاء وساكنتها، دون أن تقدم مقابل ذلك دعما لمشاريع المدينة التي لن تكون إلا في صالحها وهي المستفيد الأول من إنجازها ، هذا دون التذكير بأن القطاع الخاص يجب أن يكون شريكا في التنمية ويساهم لتحويل مدننا إلى نقط جذب لاستثمارات دولية، ولن يتأتى ذلك إلا إذا تم توفير بنية تحتية في المستوى والتي تتطلبها المعايير الدولية المعمول بها في كل عواصم العالم.


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 03/05/2023