الدكتور الطيب حمضي لـ «الاتحاد الاشتراكي» : المنظومة الصحية تعاني من سوء الحكامة والتدبير

جرّاحون في مستشفيات عمومية يجرون نصف عملية جراحية كمعدّل في اليوم الواحد

 

 

يضطر الكثير من المرضى الانتظار لأشهر وليس فقط لأيام أو أسابيع، التي قد يصل عددها إلى الستة فما فوق، من أجل الولوج إلى أحد المستشفيات العمومية للخضوع لفحص أو للقيام بتدخل جراحي لعلاج مرض معيّن، الأمر الذي يزيد من معاناتهم ويفاقم من حدّة وضعهم الصحي ويعرضهم لتبعات وخيمة.
وضعية تتواصل إلى غاية اليوم، وهو ما وقفت عليه جريدة «الاتحاد الاشتراكي» خلال استطلاع تم القيام به على مستوى بعض المؤسسات الصحية، الإقليمية والجهوية، حيث عبّر مجموعة من المواطنين الذين التقتهم الجريدة عن استيائهم من طبيعة تدبير المنظومة الصحية، بسبب تباعد المواعيد وعدم تلقي العلاجات الضرورية في الوقت المناسب، مما يدفع الكثير من المرضى اللجوء للعلاج في القطاع الخاص، وهو ما يجعل جيوبهم مستنزفة أكثر أمام إجراءات بعض المصحات التابعة للقطاع الخاص.
وصرّح عدد من المستجوبين بأن بعض المسؤولين بالمستشفيات يبررون طول المواعيد بضعف البنية التقنية، كعدم توفر بعض المعدات الطبية والبيوطبية أو إصابتها بالأعطاب أو وجود مركبات جراحية بعدد قليل لا يسمح بولوج الأطباء الاختصاصيين للقيام بالتدخلات الجراحية إلا وفقا لبرنامج قد تطول مدته. تبريرات تجد بعضا من صحتها في تصريح سابق لوزير الصحة الذي أكد على «أن 80 بالمائة من الأجهزة الطبية التي توجد في المستشفيات العمومية معطلة أو شبه معطلة»، الذي أضاف بأنه «لا يتم استخدامها بالشكل الصحيح»، مشيرا أيضا إلى أنه « إما هذه الأجهزة توجد في بعض المراكز لا تستجيب لحاجيات السكان، وإما أن هناك أجهزة بدون أطر طبية للاشتغال بها، أو أن هناك أطر بشرية بدون تكوين على تلك الأجهزة، إضافة إلى وجود عطب بدون إصلاح».
وتعليقا على الموضوع، أكد الدكتور الطيب حمضي في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» على أن «بعض المستشفيات العمومية يقوم فيها طبيب جرّاح بعملية واحدة في يومين، بمعدل نصف عملية في اليوم»، مشيرا إلى أنه «ينتظر بالمقابل عدد كبير من المواطنين موعد توقيت العملية التي هم في حاجة لها لمدة سنة بل وحتى السنة والنصف». وأوضح الباحث في النظم والسياسات الصحية في تصريحه للجريدة «أن الطبيب الاختصاصي في القطاع العام يقدم ثلاث استشارات طبية كمعدل في اليوم، علما بأن هناك من المرضى من ينتظر موعده منذ ما يقارب ستة أشهر أو سنة».
وأبرز الخبير الصحي، أن المستشفيات العمومية في المغرب «تعاني من سوء التدبير والحكامة على مستوى العديد من العوامل، البشرية والتقنية والإدارية وأيضا القانونية»، مضيفا بأن المنظومة الصحية «تعرف اختلالات كبرى بسبب غياب إستراتيجية لقطاع الصحة»، مشيرا إلى أنه «ليست هناك سياسة صحية، علما بأن أية رؤية لقطاع الصحة يجب أن تكون على المدى البعيد وتتأسس على معرفة حاجيات البلاد لـ 30 سنة المقبلة».
ونبّه حمضي إلى «أن تقوية المنظومة الصحية يتطلب التركيز على العلاجات الأولية والوقاية، وضمان التتبع، ومرافقة المواطنين»، مشيرا إلى أن دولة كوبا نموذجا، «لديها مؤشرات صحية كالولايات المتحدة الأمريكية لأنها تعمل على تتبع المواطنين وعلى الاهتمام بالرعاية الأولية». وأبرز المختص أن «من بين المشاكل التي تعاني منها المنظومة الصحية هناك مشكل التمويل لأن أزيد من 60 بالمائة من المصاريف الصحية بالمغرب تؤديها الأسر من جيبها، إما بشكل مباشر أي ما يمثل 45 بالمائة، أو بشكل غير مباشر وهو ما يعادل 15 بالمائة أو أكثر كمساهمة في التأمين عن المرض»، إضافة إلى «معضلة غياب مسار منسق للعلاج بسبب نقص الأطر البشرية ونزيف هجرة الأطر نحو الخارج، حيث يبلغ عدد الأطباء المتواجدين خارج المغرب ما يقارب 14 ألف طبيب».
ودعا الباحث في النظم والسياسات الصحية إلى «تحقيق عدالة صحية ترابية لأن محور الجديدة – القنيطرة مثلا يحتضن 50 من الأطباء»، مشيرا إلى أن « 3 جهات بالمغرب تتوفر على 75 بالمائة من الموارد البشرية في حين أن 9 جهات لا تتوفر إلا على 25 بالمائة فقط»، مؤكدا كذلك على «ضرورة إعداد خريطة صحية تحدد مكان وجود المستشفيات والمصحات، وكذلك الأطر والتجهيزات الطبية».

(*) صحافية متدربة


الكاتب : (*) شيماء الريحاني

  

بتاريخ : 11/05/2023