أنهى المؤتمر السابع عشر الذي انعقد يومي 28و29 نونبر 2008 أشغاله بالمصادقة على نتائج انتخابات هياكله الادارية الجديدة، وبتجديد الثقة في الناقد عبد الحميد عقار رئيسا للاتحاد.
وشكل انعقاد المؤتمر السابع عشر، فرصة لتأمل خمسين سنة من عمره وتاريخ الثقافة المغربية الحديثة المعاصرة، كان اتحاد كتاب المغرب خلالها بمثابة مرصد حقيقي لتحولات الخطاب الثقافي وتطور الانتاج الادبي والفني والفكري والمعرفي.
كما شكل مناسبة لحظة فكرية مطوقة بالعدييد من الأسئلة المتعلقة باستقلالية الاتحاد، رهان المؤتمر، الاتحاد والشباب، العلاقة مع الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، تدبير الاختلافات.
في هذا السياق فتح “الملحق الثقافي” لجريدة الاتحاد الاشتراكي، كدأبه، صفحاته للكتاب لمطارحة هذه الانشغالات والمساهمة في صياغة أجوبة قد تسعف في رسم وترسيخ مسار الاتحاد الذي انتهجه منذ نشأته في الستينات.
خذوا الكتاب
بنشوة !
عبد الحميد جماهري
اليوم سيتعانق الكتاب طويلا وسيبتسمون للوجوه الجديدة وسيتفرغون كثيرا للمودة، وغير قليل من الذكريات أو النميمة بكل ألوانها البيضاء، والحالكة و .. الخلاسية.
سيعطون للهواء درسا في الأسرار والمكاشفة معا، وسيمدون في شجرة تصادفهم فاكهة الأنساب، وربما سيؤرخون للحظة لتبادل المؤلفات وتبادل الهواتف، وتبادل الإيميلات والبعض الآخر سيشحذ كل أسلحته لكي يكون له دور في ترشيح الاتحاد للانهيار، لكنه سيفشل لكي يترك الباب لآخرين يأتون من بعده ليجربوا فشلهم من جديد.
لقد كنا نعتبر، أو جزء منا ممن لم يكونوا في حاجة إلى آباء لخوض الثورة، بأننا نكتب لنفعل المستحيل، وكان هذا المستحيل هو ألا نصبح راشدين.
وكنا نعتبر بأننا ننصت إلى الكلمات التي ترسم قدرنا، لأن العالم في الغالب أصم….
سيلتقي الكتاب وبين هذا وذاك، سينظرون إلى اتحادهم بعين النقد.
لقد سال حبر كثير منذ أن كان اتحاد كتاب المغرب ساحة مفتوحة على كل المقاومات، وتغيرت أشياء كثيرة في حياتنا الثقافية، وتغير العالم أيضا، وحتى طريقة الكتابة اليدوية لم تسلم من تدفق العالم الخارجي علينا. وتغيرت الأفكار والجبهات.
لم نعد نتوجه إلى اتحاد كتاب، كما لو أننا ذاهبون إلى معمل لقطع الأفكار، أو ورشة مفتوحة على حدائق الملائكة، ولا لكي نخوض الحرب ضد النظام ونقف مثل جدار، أمام تقدمه المذهل في مساحات الحياة العامة.
لقد تحررنا كذلك من نمطية الالتزام الذي يعني خلق الهيمنة الثقافية من أجل خلق الهيمنة السياسية، وتعودنا على حرية أكبر في الاختلاف مع من يشتركون معنا في الخندق: نعم، قد نحمل نفس البندقية، لكننا لا نحفظ بالضرورة نفس النشيد.
لقد أسعفنا أنفسنا كثيرا بالنضج والتحرر من تنميط الثقافة، كما أن أشياء كثيرة، مثل التعدد اللغوي وثقافة التسامح لم تعد مجالنا الحيوي وحدنا.
لما ارتقت الدولة في السياسة، تحرر المثقف الملتزم من حضورها القوي في خلق سقف اللحظة »وإبستيميتها.
على هامشنا وبالقرب منا، اتسعت المساحة أكثر للنشر والطبع والتثوير الثقافي، وأصبح العالم ورقة أكبر، ولم نعد في حاجة إلى »تضافر الجهود، بقدر ما صرنا في حاجة إلى قراء.
هناك ما هو في حكم التحول الانقلابي في التصور وفي التموقع، وما هو في حكم الاستمرار من أجل زراعة دائمة لقيم دائمة، مثل الحرية والاختلاف والفردانية المبدعة والحرة، بعيدا عن التقاطعات الكليانية التي تفقر الإنشائية المغربية.
أصدقائي الكتاب، أيها الجميلون بكل هذه الحرارة، أيها الضاجون بكل هذه الحرية، سلاما ولتأخذوا الكتاب بنشوة..!
الاتحاد سيظل فضاء يستوعب مختلف الأصوات
عبد الحميد عقار:
في حوار للجريدة مع عبد الحميد عقار، رئيس اتحاد كتاب المغرب، وقف هذا الأخير عند العديد من القضايا التي تخص شأن مؤسسة اتحاد كتاب المغرب وديناميته وخصوصيته ومميزاته ووضعه الاعتباري كمؤسسة ثقافية وطنية لها رصيدها وقيمتها،وتحرص على تجديد آليات عملها انسجاما مع تحولات ومتطلبات المرحلة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كيف يقاربها ويساجلها ، خصوصا مع محطة المؤتمر الوطني السابع عشر .
الحوار تطرق أيضا الى الرهانات المطروحة على المؤتمر 17 سواء في:
– الأفق التنظيمي المرتبط بتعزيز الشفافية والأسلوب الديمقراطي في التدبير والاجتهادات في عقلنة الاختلافات الممكنة والتي سيستفيد منها اتحاد كتاب المغرب على أن يقل فضاء مفتوحا لمختلف الأصوات الإبداعية والثقافية والفكرية بمختلف لهجات المغاربة وبما يؤسس الهوية الحركية ذات الروافد والمكونات المتعددة .هذه الهوية التي هي سمة المغرب ومصدر إبداعه الثقافي.
-الأفق الثقافي، عبر استعادة المثقفين والأدباء بمختلف مشاربهم السلطة النقدية تجاه الذات وتجاه التحديات وتجاه الآخر.
حيث اعتبر عقار أن الكاتب والمثقف مطالب أيضا بأن يساهم من موقعه في تحولات المجتمع المجابهة التعثرات ومقاومة التغيير بالعمل على هزم التقليد والعنف والأحادية في التفكير.
الحوار توقف عند سؤال ملح ظل هاجسا الثلاث سنوات السابقة عن المؤتمر، ويتعلق بأي اتحاد كتاب المغرب نريده للغد والمستقبل؟ وبأية صيغ تنظيمية وتدبيرية يمكن للاتحاد أن يضاعف من حضوره الثقافي ومن إسهامه في التثقيف ، وفي التنوير.
ومن تلك هاته الاسئلة أيضا، ماهو دور اتحاد كتاب المغرب، تجاه معضلات تداول الكتاب والابداع الثقافي والرمزي عامة وتجاه القراءة كذلك.
إن استمرار مؤسسة اتحاد كتاب المغرب بنفس الوهج، يتطلب حسب عقار، غيرة الكتابة والكاتبات، بما يعني من الحضور المكثف في البرامج الثقافية للاتحاد ، وبما يعني الاسهام المنتظم للمناقشة والسجال وإبداء الرأي وبما يعني الثقة المعقولة في أهمية الثقافي والفني والادبي بحاضر المغرب ومستقبله. بالاضافة الى مطلب مقر لائق لرمزيته وتاريخه ومهامه في التثقيف والتنوير والتحديث.
كما هناك حاجة الى أن يصوغ أخلاقيات لتدبير الاختلاف في الرأي، ولعقلنة الاحكام والافكار مثلما يحتاج الاتحاد الى وحدة الكتاب، وحدة تضمن الحق في الاختلاف و تحترم رأي الاغلبية.