بسبب ارتفاع الأعلاف ونقص رؤوس الأغنام : توقعات بارتفاع أثمنة الأضاحي والحكومة تستعين بالعملة الصعبة لتمكين المغاربة من شعيرتهم الدينية

 

يعيش أغلبية المغاربة قلقا كبيرا مع اقتراب حلول موعد عيد الأضحى، إذ أن كل المؤشرات تذهب في اتجاه أن هذه المناسبة الدينية ستشهد ارتفاعا في أثمنة الأضاحي   لاعتبارات عديدة.
كسابون ومهنيون صرحوا لجريدة الاتحاد الاشتراكي أن أثمنة الخرفان الصغيرة اليوم تتراوح في المتوسط ما بين 2100 درهم و2500 درهم، زيادة على ارتفاع  أثمنة الأعلاف من أجل تسمين هذه الخرفان، كل ذلك   يجعل المواطن المغربي ملزما بتحمل هذه التكلفة المالية الإضافية، وهو الأمر الذي زكاه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات محمد صديقي، في ندوة صحفية عقدها على هامش فعاليات الدورة 15 للملتقى الدولي للفلاحة بمكناس، الذي قال إن المشكل يكمن في ارتفاع كلفة الإنتاج بسبب غلاء الأعلاف .
من بين العوامل التي ستؤدي إلى ارتفاع ثمن الأضحية، أيضا، توالي سنوات الجفاف لموسمين متتابعين، والنتيجة النقص المسجل في رؤوس الأغنام، وهو ما سيدفع الحكومة، كما تناقلت الأخبار، إلى استيراد  “الحولي ” من دول أخرى، وعلى رأسها الجارة إسبانيا، ، أي أن هذه السنة المؤكدة في المذهب المالكي، والواجبة لدى الحنفية، ستقام هذه السنة بالعملة الصعبة.
لكن السؤال المطروح، هل سيقبل المغاربة هذه ” التخريجة الحكومية ” ويقبلون على “حولي الخارج “، أم أنهم سيحجمون عن ذلك، كما حصل مع الأبقار البرازيلية، التي كانت محط انتقادات وسخرية أيضا. سؤال أجابت عنه الحكومة من خلال أحد وزرائها  بالقول إن “اللجوء إلى استيراد الأغنام يدخل في باب الحفاظ على القطيع الوطني، ونشجع حاليا على استيراد رؤوس الأغنام، فإن أعجبت المستهلك يمكن ذبحها في عيد الأضحى، وإن كان العكس، فستوجه إلى الذبح واستغلال لحومها في المجازر”.
جواب الحكومة عوض أن يحمل تطمينات إلى المواطن، سيزيد من حيرته، على اعتبار أن ما صرحت به لا يعتبر إجابة عملية تصب في صالح تمكينه من ممارسة هذه الشعيرة الدينية بسلام وطمأنينة.
النقص الحاد في رؤوس القطيع عبر عنه الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، حين دعا إلى ضرورة العمل على إعادة تشكيل القطيع الوطني الذي لحقه ضرر كبير في مجموعة من المحطات آخرها “كوفيد 19″، التي أسفرت عن انخفاض الاستهلاك، وهو ما أدى إلى خفض حجم الاستثمارات في هذا القطاع، وخاصة في ما يتعلق بالأبقار الحلوب أيضا، وبالتالي  هناك واقع معروف مسبقا لدى الحكومة منذ السنة الماضية على الأقل، لكنها لم تتخذ حينها الاحتياطات  اللازمة، ولم تقدم على إيجاد حلول عملية للأسباب التي أدت إلى ذلك، وبقيت، كما يقول المهنيون والكسابون، في موقع المتفرج على هذا الوضع، ونحن على أبواب عيد الأضحى.
المشكل بالنسبة لعدد من الفلاحين أعمق من المقاربة  التي تروج لها الحكومة، إذ أصبح بنيويا بالنسبة للفلاحة المغربية وما يرتبط بها، وكان من المفروض أن يجيب عن ذلك في شموليته، مخطط المغرب الأخضر، الذي جاء أصلا من أجل هذا الأمر، لكن النتيجة كما يعلمها الجميع، الغلاء في كل شيء، واللجوء إلى السوق الخارجية للتعويض عن هذا الفشل، وبالعملة الصعبة. وكشفت هذه المصادر، أن الضحية يبقى هو المواطن، سواء كان ” العيد ” أو لم يكن، وأرجعت هذه المصادر المسؤولية إلى الحكومة التي قادت الأمور بدون نظارات، وفق وصفها… ففي الحالة الأولى، هناك نقص في رؤوس الأغنام، وارتفاع ثمن الأعلاف، زد على ذلك ضرب القدرة الشرائية للمواطن، مما سيزيد من معاناته، واستدلت مصادرنا على ذلك، بما حدث في عيد الفطر الأخير، وهي المناسبة الدينية التي كانت تعرف تنقل المغاربة، وتعرف فيها السياحة الداخلية رواجا، لكن ذلك لم يحصل هذه السنة لعدم وجود ادخار بالنسبة للأسر والعائلات المغربية.
وتشرح مصادرنا، أنه في حالة ” وجود  العيد ” ومع ارتفاع ثمن الأضحية، فإن ذلك سيؤثر على السياحة  الداخلية في الصيف المقبل، بسبب عدم وجود ادخار لدى هذه العائلات، والذي سيليه الدخول المدرسي  أيضا، مما سيضاعف من معاناة المغاربة، في ظل عدم وجود أي سياسة واضحة للوقوف أمام ارتفاع الأسعار وضرب القدرة الشرائية.
أما في حالة عدم ” وجود العيد”، فإن  المتضرر إلى  جانب الكساب والفلاح الصغير والمتوسط فسيكون أيضا المواطن، على اعتبار ما تؤمنه هذه المناسبة الدينية من وظائف جديدة لعدد من المغاربة، كما سيؤدي ذلك إلى فرملة الحركة التجارية والاقتصادية المرتبطة بعيد الأضحى في الأسواق وغيرها. هذا الواقع المغربي يثير الكثير من علامات الاستفهام، ويجعل التساؤلات تتناسل، لأن الأزمة ليست عابرة، بل هي بنيوية، وعلى الحكومة الإجابة عن هذه المعضلة في شموليتها، سواء أكان العيد هذه السنة أو لم يكن !


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 13/05/2023