63 سنة من تاريخ اتحاد كتاب المغرب : المؤتمر 18 والأسئلة التنظيمية المعلقة : حول أزمات اتحاد كتاب المغرب

صاحبت التحضير للمؤتمر الثامن عشر لاتحاد كتاب المغرب، نقاشات متباينة ورؤى متعددة لتجاوز الأزمة الخانقة التي عرفها بعد مؤتمره 17 وبالضبط بعد إقالة رئيسه عبد الحميد عقار في أكتوبر 2009 أي سنة بعد تجديد انتخابه على رأس هذه المنظمة، وبعد تأجيلات متتالية، وبعد أن استنفد المكتب التنفيذي، أنذاك، جميع التدخلات والوساطات التي قام بها بعض رؤساء الاتحاد السابقين وبعض الحكماء والفاعلين الجمعويين والغيورين على هذه المنظمة الثقافية، لدى رئيس الاتحاد عقار، من أجل تجاوز حالة الجمود التي مر منها منذ المؤتمر 17 ، وهي الفترة التي تولى فيها عبد الرحيم العلام مسؤولية تسيير هذه المنظمة بالنيابة، الى حين عقد المؤتمر 18. وللمتأمل في ما حصل وما يعيشه الاتحاد اليوم أن يقول: ما أشبه اليوم بالبارحة.
ننشر في هذا السياق بعض خرائط طريق، ساهم فيها بعض الكتاب كما حكماء ورؤساء الاتحاد السابقون من أجل تجاوز هذه الأزمة والتي ضمها ملف نشرته الجريدة بتاريخ 9/8 شتنبر 2012 قبيل عقد المؤتمر 18.

 

ليست الأزمة التي عرفتها جمعية اتحاد كتاب المغرب على إثر استقالة الاستاذ عبد الحميد عقار في 2009 هي التوتر الوحيد الذي عاشته هذه الجمعية. يذكر أعضاء الاتحاد السنة التي انقسمت فيها الجمعية شطرين. احتجاجا من طرف الأديب أحمد المديني على عدم قبوله رئيسا للاتحاد. وهو ما قاده الى الانسحاب من اتحاد كتاب المغرب وتأسيس جمعية جديدة تحمل اسم »رابطة الادباء بالمغرب« واعتقد البعض حينها في أمرين.. أن الاتحاد سينتهي بسبب هذه الأزمة. هذا أولا، أما الأمر الثاني فيتعلق بمصير الرابطة الجديدة التي كانت التنبؤات تقول بأنها لن تقوم لها أية قائمة. وما حصل هو ما أثبتته الايام الموالية والسنون التي تلتها وهو أن هذه النهاية المفترضة لمنظمة كتاب المغرب لم تحصل. وأن الرابطة لم تعرف النكوص، كما أن مؤسسها لم يرح لوحده الى الاختيار الذي تبناه غضبا واستياء من رفضه رئيسا لجمعية الكتاب. لقد استخلص الكتاب في ذلك التاريخ العبرة. وهي أن الاتحاد أقوى من أن تعصف به أزماته الداخلية مهما كانت قوية. وهل حصل في تاريخ المنظمة أخطر من أزمة أدت الى تأسيس تنظيم جمعوي آخر للكتاب حرص أصحابه على التدقيق في اسمه لدواع وخلفيات لم تخف على أحد في تلك الفترة العصيبة من تاريخ الاتحاد. ليس غرضنا هنا استعراض جميع أزمات الاتحاد، فلا فائدة في ذلك الآن غير أنه لابد من الإشارة الى صنفين، يتعلق أحدهما بالصراعات السياسية الناتجة عن ميل الاحزاب الى التواجد في الجمعيات دعما لخطها الحزبي. واختياراتها السياسية. وهو أمر طبيعي تماما لأنه لا يمكنا أن ننكر على الاحزاب أن يكون في صفوفها كتاب مثلما لا يمكن أن ننكر على الكاتب اختياره الانتماء الحزبي. وبالمثل لا يمكن أن نتفادى صراع الاحزاب ضد بعضها البعض أو تدافع التيارات المختلفة داخل الحزب الواحد. ومن الطبيعي كذلك أن ينعكس هذا كله على الجمعيات أيا كانت مجالات أنشطتها. غير أن ما يشكل خاصية مغربية هي مدعاة للفخر والاعتزاز، هو من جهة حرص الاحزاب المغربية على أن يمثل داخل الاتحاد كل الطيف الحزبي المعني بهذه الجمعية، ومن جهة ثانية لم يحصل أبدا أن تم إقصاء اللامنتمين حزبيا.
لهذا المعطى إيجابياته وبالطبع له تبعاته، وهذا أمر لا يمكن الانفلات منه في مجتمع يسمح بالتعددية، ويتخذ الحرية منطلقا ومنتهى. وهو شأن الوضع في المغرب الذي لايزال الصراع فيه قائما الى اللحظة التاريخية التي نعيشها اليوم ببعض الاطمئنان وبكثير من الحذر والترقب، صراع بين توجهين عامين عريضين: توجه التقليدانية المتحجرة، والتي لاتزال قوية وفاعلة في المجتمع. وتوجه تقدمي حداثي إنساني ومتفتح. ومهما كانت التوهمات والمسبقات والنظرات التدميرية لدى الكتاب الذين يرفضون هذا القدر الحزبي الثقافي والثقافي الحزبي. فإن كل متتبع موضوعي ومحايد. لابد أن يلاحظ أن الاتحاد استفاد استفادات هامة ودافعة بعجلة التقدم في مساره الخاص، وفي المسار العام لخدمة الثقافة العالمة بالمغرب. وبتعبير أكثر وضوحا، فإن التفاعل بين ماهو حزبي وماهو شأن خاص بالاتحاد، كان في عمومه إيجابيا ولمصلحة الاتحاد، ولم تكن الأحزاب تستفيد منه أكثر من الدعم الثقافي للتوجه التقدمي الحداثي ضد التوجه المحافظ الذي كان ولايزال ينظر الى الاتحاد بغير قليل من الريبة والحيطة وعدم التقبل. أما الصنف الثاني من صنفي الأزمات داخل الاتحاد، فهو المرتبط بالنزوعات الشخصية المفرطة في الذاتية والمتعاظمة في أنانيتها. وقد كان دائما وبالا على الاتحاد في الماضي وفي الزمن الجاري، وقبل أن نختم هذه الملاحظات الموجزة. لابد من القول إن الكاتب هو كاتب أولا، يعيش للكتابة وبالكتابة ولا يستطيع أن يكون متلائما مع ذاته ومع العالم إلا وهو يكتب. وهو يكتب ليس لأن المجتمع في حاجة الى كتاباته هو تحديدا، بل هو يكتب لأنه هو نفسه في حاجة تكاد تكون وجودية للكتابة وهو ما يعني أن الكاتب المستقل والكاتب المنتمي لقضية ينافح من أجلها، هو أولا وقبل كل شيء كاتب. لذلك فإنه لن ينقص انتماء من كتاباته بل قد يعضدها، ولن يزيده أن يكون عضوا في الاتحاد شيئا على الاطلاق. ومن حسن الحظ أن كل الكتاب يدركون هذه الحقيقة التي لا يمكن أن تحتمل الاختلاف.
لذلك فإن المطروح اليوم هو التفكير الجدي في دور الاتحاد الذي لم يعد هو الدور الذي اضطلع به في العقود الماضية. وذلك في أفق الإسهام في نمو الثقافة من أجل إنماء المجتمع وخدمة الأدب والإبداع. من موقع الدفاع عن المكتسبات والتهييء لابتكار أساليب جديدة تشمل مجالات الكتابة تحديدا.


الكاتب : مصطفى خلال

  

بتاريخ : 15/05/2023