في أفق 2035: 80 مليار دولار قيمة مساهمة تكنولوجيا الميتافيرس في اقتصادات دول منطقة الـ«مينا»

أفاد تقرير «ديلويت ستادي» (Deloitte Study) الذي يبحث في «إمكانات الفضاء الإلكتروني لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» أن : «تكنولوجيا الميتافيرس يمكن أن تساهم بأكثر من 80 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي الإضافي بشكل سنوي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلول عام 2035»، وفقا للتقرير الجديد بعنوان «الميتافيرس وإمكاناته لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».

يعتبر هذا التقرير، جزءا من سلسلة من التقارير بتكليف من شركة «ميتا» (Meta)، التي تبحث على العموم (أي الدراسة) في كيفية تطبيق «الميتافيرس» (Metaverse) وتقنيات على علاقة بالواقع المعزز والواقع الإفتراضي بطرق مبتكرة، باحثة عن المطلوب لتعظيم الفرص الإقتصادية المحتملة. وقال «فارس العقاد»، المدير الإقليمي لفرع «ميتا» لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا : «سيكون الميتافيرس عبارة عن كوكبة من التقنيات والمنصات والمنتجات التي أنشأتها مجموعة من الشركات، مما يفتح فرصا إبداعية وتجارية جديدة لا تصدق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحول العالم».

*الميتافيرس : رؤى متعددة لمصادر دخل متنوعة !

وتتولى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، من خلال خططها «رؤية 2030» و «نحن الإمارات 2031» على التوالي، زمام المبادرة، مما يعكس خطة النمو الرقمية المتنوعة في المنطقة المستندة على الرقمنة في جوهرها. يعد إنفاق حكومة المملكة العربية السعودية على التكنولوجيا هو الأعلى في العالم، حيث يبلغ 21.7 في المائة من إجمالي الإنفاق التقني، بحسب ما عبر عنه «أحمد محمد الصويان» محافظ هيئة الحكومة الرقمية، خلال المؤتمر العالمي لريادة الأعمال في الرياض العام الماضي.
و بالمثل، تهدف كل من رؤية «مصر 2030» و رؤية «الأردن 2025» و «خطة أفق 2025» في المغرب إلى تعزيز النمو في البلاد مدفوعا بالتحول الرقمي. وتشير الدراسة، إلى أن «ظهور الميتافيرس يمكن أن يدعم أهداف الإبتكار الرقمي والتكنولوجيا في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وقد قامت الدولتان الرائدتان في المنطقة بالفعل، بإستثمارات كبيرة في هذا المجال، حيث تستثمر المملكة العربية السعودية 1 مليار دولار في المشاريع المتعلقة بالفضاء الإلكتروني، كما أطلقت دبي «إستراتيجية ميتافيرس»، تهدف إلى «تحويل دبي إلى واحدة من أكبر 10 إقتصادات تستند على الميتافيرس في العالم».
ومع تزايد الإهتمام بالميتافيرس وإعتماده في جميع أنحاء المنطقة، بدأت حالات الإستخدام التجاري تظهر بالفعل – مثل الحفلات الموسيقية الإفتراضية والسياحة – مما ينبه إلى الكيفية التي يمكن للمستهلكين الإستفادة بها من هذه التكنولوجيا، التي ستطور الإمكانات الكاملة للمنطقة مع تطور الفضاء السيبراني، والمستندة حاليا على 4 مجالات رئيسية تم تسليط الضوء عليها في التقرير، و هي: «الألعاب» ; «السياحة» ; «تجارة التجزئة» و «العقارات».
في ما يخص مجال الألعاب، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمتلك واحدة من أسرع صناعات الألعاب نموا في العالم، إذ تستثمر المملكة العربية السعودية ما يقرب من 40 مليار دولار في هذا القطاع، وفقا للدراسة. من المتوقع أن يسرع «ميتافيرس» (metaverse) هذا النمو من خلال أشكال جديدة من ألعاب الواقع الافتراضي والرياضات الإلكترونية. بالنسبة لقطاع السياحة، الذي تمثل 19% من الناتج المحلي الإجمالي في الأردن، 12% في مصر و 11% في المغرب، سيكون قطاعا يمكن أن يستفيد من قوة الميتافيرس لتوفير تجربة إفتراضية للسياح المحتملين، مما قد يثير إهتمامهم لخوض غمار الزيارة الحقيقية لهذه الدول. على سبيل المثال، أنشأت الهيئة الملكية لمحافظة «العلا» تجربة ميتافيرس تسمح للمستخدمين بزيارة موقع الحجر للتراث العالمي (Hegra World Heritage)، قبر لحييان (Tomb of Lihyan).

*تجارب ناجحة و أرباح بالجملة !

تبلغ قيمة صناعة التجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 1 تريليون دولار. منذ تفشي الوباء، أصبح 73% من المستهلكين يتسوقون أكثر عبر الإنترنت، كما يوفر نمو التجارة الإلكترونية فرصة لتجار التجزئة لتعزيز تجربة التسوق عبر الإنترنت من خلال الواقع المعزز والواقع الافتراضي الذي يمكن أن يجعل تحديات التسوق عبر الإنترنت – مثل تجربة الملابس – أسهل من مشاهدتها.
في تجربة أخرى، أنشأت «إيكيا» (IKEA) تجربة للواقع الإفتراضي في كل من «الكويت» و «الأردن» و «المغرب» أدت إلى قفزة بنسبة 20% في الإقبال على الشركة والمبيعات لمنتجاتها، وفقا للشركة. يمكن أن يشهد قطاع العقارات، الذي يعد أمرا بالغ الأهمية لمراكز إقليمية مثل دبي، مزيدا من النمو من خلال تنفيذ العروض الإفتراضية وإنشاء أسواق جديدة للأراضي الإفتراضية.
فعلى سبيل المثال، تقدم شركة «داماك» للتطوير العقاري التي تتخذ من الإمارات مقرا لها، جولات للواقع المعزز والواقع الافتراضي تخطط لدعمها بإستثمار 100 مليون دولار في المدن الرقمية. في نفس السياق، لا يزال النظام البيئي للفضاء السيبراني في مراحله الأولى، و ستعتمد إمكاناته الكاملة على «بيئة تمكينية تتجاوز مزودي خدمة الإنترنت الحاليين، بما في ذلك البنية التحتية الرقمية الكافية والمهارات واللوائح الرقمية لجذب الإستثمار وتعزيز الإبتكار وتسهيل الوصول إلى تطبيقات ميتافيرس (metaverse)»، وفقا لنفس التقرير.
ومن المرجح، أن تشهد البلدان الأكثر تقدما مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إعتمادا واسع النطاق على الميتافيرس في وقت أقرب. ومع ذلك، ستكون هناك حاجة إلى مزيد من التنويع لخلق «بيئة أعمال ديناميكية لصالح القطاع الخاص مع حوافز للإبتكار والإستثمار»، وفقا للدراسة. ومن المرجح كذلك، أن تشهد بلدان مثل «مصر» و «الأردن» و «المغرب» معدل تبني أبطأ بسبب التفاوتات في البنية التحتية الرقمية والمهارات والقدرة على تحمل التكاليف، مما يعيق تنفيذ التكنولوجيات المتقدمة وظهور حالات الإستخدام المبتكر لها.
وإستنادا إلى توقعات إستثمارات تكنولوجيا المعلومات والإتصالات المتعلقة بالميتافيرس على مستوى العالم، قدرت الدراسة أن: «تقنيات ميتافيرس يمكن أن تدعم في نهاية المطاف مساهمة إقتصادية سنوية تتراوح بين 20.2 إلى38.1 مليار دولار في المملكة العربية السعودية، 11.6 إلى 22 مليار دولار في مصر، 8.8 إلى 16.6 مليار دولار في الإمارات العربية المتحدة، 2.6 إلى 5 مليارات دولار في المغرب، و0. إلى 1.7 مليار دولار في الأردن بحلول عام 2035».
و أردف فارس العقاد، المدير الإقليمي لفرع «ميتا» لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا: «كما يظهر هذا البحث، فحتى و إن كانت هذه التقنيات إفتراضية، فإن تأثيرها الإقتصادي سيكون حقيقيا للغاية»، و يتابع: «إن إطلاق هذه الإمكانات التكنولوجية أمر بالغ الأهمية ولن يتحقق إلا بشكل تعاوني، من خلال بذل الجهد والتعاون بين شركات التكنولوجيا وصانعي السياسات والمجتمع المدني وغيرهم في المنطقة».

 

«الميتافيرس» تفتح الباب أمام الإبداع
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

على الرغم من أن الميتافيرس لا يزال في المراحل الأولى من التطوير، فمن الممكن بالفعل رؤية إمكاناته في مجالات مثل التعليم، والألعاب، والصحة، والتجارة. وتطرح هذه الفرص وغيرها من الفرص التي ستظهر مع تزايد تبني تكنولوجيا الميتافيرس – والتي ستتيح المزيد من الأسواق ونماذج العمل، وتطرح سبلاً أفضل للعمل، كما ستغير من نظم التدريب والتطوير- هي محور سلسلة جديدة من التقارير البحثية، والتي تبحث الإمكانات الاقتصادية للميتافيرس حول العالم بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
فوفقًا لتقرير “الميتافيرس وإمكانياته في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا“، تعيش المنطقة رحلة تحول اقتصادي ورقمي، وتبدي شركاتها وحكوماتها ميلاً نحو تبني الأدوات الرقمية الجديدة والغامرة. تلعب الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية دورًا رائدًا في هذا المضمار، حيث تستثمران بنشاط في نظم الميتافيرس.
وتسعى السعودية إلى استثمار مليار دولار أمريكي في مشاريع مرتبطة بالميتافيرس، لتصبح مركزًا تكنولوجيًا عالميًا. وبالمثل، أطلقت دبي استراتيجية الميتافيرس، التي تهدف إلى “تحويل دبي إلى واحدة من أكبر 10 اقتصادات الميتافيرس في العالم” عبر التركيز على الابتكار في مجالات السياحة، العقارات والتعليم وتجارة التجزئة، والخدمات الحكومية. مع تزايد الاهتمام في الميتافيرس عبر المنطقة، بدأت عدة تطبيقات واستخدامات تجارية في الظهور بالفعل والتي توضح كيفية استخدام المستهلكين في المنطقة للميتافيرس كي يحضروا الحفلات الموسيقية الافتراضية، شراء الأصول الافتراضية، أو الوصول إلى التعليم.
فوفقاً للأبحاث، سيعتمد تحقيق هذه الإمكانات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تسريع تطوير المهارات الرقمية وسد فجوات المهارات في جميع أنحاء المنطقة. عندما تتحقق هذه الخطط بالكامل، يمكن أن تصل العوائد على اقتصاد المملكة العربية السعودية ما بين 20.2 – 38.1 مليار دولار سنويًا من الناتج المحلي الإجمالي الإضافي بحلول عام 2035.
في الإمارات العربية المتحدة، يمكن أن تصل هذه العوائد ما بين 8.8 – 16.7 مليار دولار سنويًا . كما يمكن أن تصل ما بين 11.6 – 22 مليار دولار سنويًا في مصر، 2.6-5 مليار دولار سنويًا في المغرب، و ما بين 0.9 – 1.7 مليار دولار سنويًا في الأردن بحلول عام 2035.
وقال فارس العقاد، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ميتا: “سيكون الميتافيرس بمثابة كوكبة من التقنيات والمنصات والمنتجات تقوم ببنائها مجموعة واسعة من الشركات، والتي يمكن أن تفتح الباب أمام عوالم جديدة من الفرص الإبداعية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحول العالم. وكما يظهر هذا البحث، في حين أن هذه التقنيات قد تكون افتراضية فإن تأثيرها الاقتصادي سيكون حقيقيًا. يعد تحقيق هذه الإمكانيات مسألة غاية في الأهمية، ولن تتم سوى بجهود تعاونية، وسيتطلب ذلك جهدًا وتعاونًا بين شركات التكنولوجيا وصانعي السياسات والمجتمع المدني وغيرهم.”
ويعد تقرير “الميتافيرس وإمكانياته في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” جزءًا من سلسلة من التقارير الجديدة التي تكفلت بها ميتا وأنتجتها شركة Deloitte والتي تبحث في الفرص الاقتصادية التي يمكن تحقيقها في الولايات المتحدة، كندا، البرازيل، الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أفريقيا جنوب الصحراء، تركيا، وآسيا.

 


الكاتب : المقدمي المهدي عن «arabnews»

  

بتاريخ : 23/05/2023