في حوار مع الفنانة و أستاذة التعليم الفني فاطمة بوجو : أشتغل على موضوع المرأة في ورشاتي الخاصة بالتكوين المسرحي

لم أتوقع أن أكون على الهامش ومع ذلك سأبقى متفائلة، بأن الفرص آتية

هي سيّدةٌ تتميَّزُ بالعفويّة في التّعامل والإحترافيّة في العمل، وهي نشطةٌ ومجتهدة ومبدعة، ومَن لا يعرف المسارات التي أدّت إلى سطوع نجمها يجهل كم اجتهدت في مضمار الفنّ حتّى تبرز وتُبدع وتكون لها مكانةٌ خاصّةٌ بها، إنّها فاطمة بوجو، مُمثّلة ومخرجة مسرحيّة وكاتبة، خريجة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط.
تشيد بدور العائلة في حياتها وتعزو نجاحها بوقوفهم إلى جانبها، قد لا تحتاج إلى كثير كلمات للحديث عنها كممثلة أو مخرجة أو كاتبة ، فأعمالها، خير معبر عن المستوى الفني، الذي تألقت من خلاله، سواء كممثلة في العديد من المسلسلات والأفلام التي عرفت طريقها إلى الجمهور أو كأستاذة للتعليم الفني.
من أجل تسليط الضوء على مجموعة من المواضيع ،كان هذا اللقاء الخاص مع جريدة الإتحاد الإشتراكي.

 

p دامت تجربتك المسرحيّة سنوات فكيف كانت هذه التجربة؟

n إنها تجربة مسرحية متواضعة، أحيانا تستمتع بها وأحيانا أخرى، تؤديها كما تؤدي أي واجب دون متعة، لأنه أحيانا يكون السبب في الإختلاف في طريقة العمل وأحيانا أخرى بسبب سياسة التقشف لبعض الفرق، التي لا تجعلك تحس أنك فنان داخل فرقة مسرحية، بل عامل بسيط بأجرة لا تغني ولا تسمن من جوع، وأحيانا تصطدم مع غرور بعض الفنانين، الذين يقطعون حب التواصل بين العاملين في الفرقة، أضف إلى ذلك إلى أن الممثل المسرحي يتأرج بين قاعات مسرحية مجهزة ونظيفة وأخرى تفتقد لأبسط شروط العرض. كيف تعتبر نفسك فنان؟ وكيف تسترخي لتبدع على الخشبة ؟ و أنت في ظروف مهينة من الجانب الانساني.

p يلاحظ الكثيرون ولاءك التام لقضايا المرأة سواء في أدوارك أو من خلال لقائتك، كيف ترين هذا الأمر ؟

n أنا أومن بأن كل فرد في هذا الوطن عليه المساهمة في بنائه قدر ما يستطيع، كما أومن أن التغيير في المجتمع سياسيا واقتصاديا وثقافيا يأتي من الفرد وليس من الحكومة، فالفرد يأتي من داخل أسرة صغيرة ويقضي أغلب وقت طفولته مع الأم، لذلك إذا أردنا التغيير، وجب تفكيك العديد من الإعتقادات والأفكار والسلوكات عند هذا العنصر الذي يتربى على يديه من سيصبحون وزراء وقياديي أحزاب ومعلمين، غالبا ما أختلف مع الجمعيات النسائية حين تلوم الرجل على العنف الجسدي واللفظي وحتى النفسي، أو حين تعتقد أن الرجل هو الوحيد من بيده قرار تغيير العديد من البنوذ القانونية التي تسيئ الى المرأة ككائن بشري له حقوق. أرى أنه عليها المطالبة بذلك أمام الرجل والمرأة، فليس وجود أغلبية الرجال في مكان القرار هو من سيحل مشكلة الرفع من عدد تمثيلية النساء في المناصب العليا، أو إشكالية التمييز أو مقاربة النوع أو العنف.
الحل، في توسيع ٱفاق الوعي والإدراك، عند المرأة بخطورة بعض الأفكار التي تزرعها في عقول أولادها وبناتها في الطفولة، هذا هو ما يجعلني اشتغل على موضوع المرأة حتى في ورشاتي الخاصة بالتكوين المسرحي.

p مسرحية «حمام لعيالات»، تختزل عوالم مجموعة من النساء في زمن كورونا وبعد الحجر الصحي، تقدمين دوراً جديداً بالنسبة لك في هذه المسرحية، ما هي التحديات التي واجهتك عند تجسيد هذا الدور؟

n «حمام لعيالات «بدأت كحلم جميل خلال زمن كورونا العصيب، ورأت النور مباشرة بعد أن خرجنا من سجن الحيطان لنسقط في سجن القناع (Le Masque).
الحذر الشديد، الخوف وأيضا التوتر النفسي الدائم، وانتهت لتصبح أسوأ كابوس في حياتي، لأنها جعلتني أدخل في حفرة ظلام، تهت داخلها !! لا أنا وجدت الشخصية ولا حتى نفسي، وجدتني أمام شخصية مارية، كرهتها، لم أجد أي خيط يربطني بها عاطفيا، لا رابط فكري، مع أن الجميع كان يخبرني أنها قريبة من حياتي الشخصية. عشت مع مارية حالة جمود جسدي، ونشاط ذهني سلبي على كل المستويات العملية والشخصية، قلت مع نفسي ربما لست ممثلة، يجب أن أبتعد وأتخلى عن العمل في الفرقة، واصلت بالطبع إحتراما لإلتزاماتي مع الصديقة خلود البطيوي، و لإيماني بأن الخشبة هي مكاني، فكيف أغادر وأنا أحمل معي مرارة الفشل أمام شخصية فارغة وسهلة. كان العرض الأول والثاني صعبا، لكن حاليا وجدت التوازن بيني وبين شخصية مارية. أؤديها وأسترجع معها متعتي للمسرح وعلى الخشبة.

p مارأيك بالساحة الفنية اليوم والأعمال الفنية التي تقدم للجمهور ؟

n الساحة الفنية حاليا بخير، المسرح المغربي أصبح يحصل على الجوائز الدولية وحتى السينما. بفضل دعم الوزارة الوصية، و المركز السينمائي المغربي، هناك غزارة في الإنتاج ستحمل معها الجودة في السنوات القادمة.
الساحة الفنية في طريق التأسيس الحقيقي لأرضية صلبة قادرة على تحقيق الجودة أكثر في السنوات القادمة، مما سيشجع القطاع الخاص على ولوج الإنتاج الفني بثقة.

p هل ترين أن السينما قادرة على تغيير الواقع ؟

n لا يمكن أن نتوقع من السينما أن تكون وظيفتها الأساسية هي التغيير، فالفرجة السينمائية تنطلق من فكرة أو قصة أعجب بها المخرج أو السيناريست ولم تعتمد أبدا على فكرة، سأبحث عن قصة لتغيير المجتمع. أرى أن العمل الفني سينمائي كان أم تلفزيوني وحتى مسرحي، مهمته الأولى هي خلق فرجة بصرية وسمعية وحسية، تجعل المتفرج يستمتع بوقته، ويسترخي، وتتجدد معنوياته بعد يوم عناء. الفرجة الفنية للمتفرج ليست لمنحه دروسا في الحياة، بل قد تستعرض قصصا تلهمه، تمنحه الطاقة ليتشبث بأحلامه، إن تطابقت قصة العمل مع شخصيته كذلك.

p لاحظ الجمهور المغربي غيابك عن الدراما التلفزيّة، فهل كان ذلك نتاجًا لرغبتك في أخذِ مسافةٍ وتقييم تجاربك السّابقة أم أنّ السّبب يعود إلى أمور أخرى؟

n مع الأسف هو غياب مفروض علي، ليس إختيارا، حرمت من الإشتغال الدائم، وتحولت إلى المؤقت، فقط بين الفينة و الأخرى أحظى بفرصة متواضعة للظهور على الشاشة، أحيانا أرفضها بسبب صغر مساحة الدور وأحيانا يجتاحني الإشتياق لبلاطو التصوير، فأقبل ببقايا الأدوار، بالطبع حبا في عملي الذي إخترته، لكني لم أتوقع أن أكون على الهامش في الأعمال التي تقدم في فترة الذروة، خاصة خلال رمضان، أحيانا أشعر بالألم وأنا أقف متفرجة بدل أن أكون فاعلة، أتساءل مع نفسي، ما السبب ؟ ما الحل ؟ أعشق التمثيل وكلما تقربت منه بخطوة إبتعد عني بأميال؟ مع ذلك سأبقى متفائلة، بأن الفرص موجودة و آتية أيضا.


الكاتب : أجرى الحوار عزيز مفضال

  

بتاريخ : 15/06/2023