الجزائر و«فخ» عضوية مجلس الأمن؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

أول ما ستجد الجزائر نفسها أمامه، وهي عضو غير دائم في مجلس الأمن الأممي، هو أنها ستكون مطالبة بتطبيق قراراته.
والقاعدة العامة، التي تحكم العضوية في الهيئات الأممية بطبيعة الحال، هو أنها مدعوة لاحترام عدم التناقض أوتوازي الأشكال.
لا يمكن أن تنتمى إلى هيئة لا تحترم قراراتها.
وهو «الفخ» الذي على الجزائر، المنتشية كثيرا بعضوية تدخل في سياق التوزيع العادل للمقاعد الأممية حسب القارات وفي سياق التناوب بين الدول، أن تواجهه أمام العالم.
والحال أن الجزائر لم تخف معارضتها وهجومها، إما مباشرة أو عبر الدمى المسلحة في تيندوف لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن في القضية الوطنية…
قد يحلو لمحلليها اعتبار أن الجزائر بإمكانها معارضة هذه القرارات أو التحفظ عليها، من داخل مجلس الأمن كما تفعل روسيا وجنوب إفريقيا قبلها، وكما فعلت تونس قيس سعيد في مرحلة من المراحل .. لكن الجوهري في الموقف الجزائري اليوم هو أن القرارات السابقة لاسيما القرار 2602 أو القرار 2654.. جاءت قبل العضوية، والقراران الأخيران ترفض الجزائر الامتثال لهما، من باب عدم موافقتها عليهما، وإذا أخذنا بعين الاعتبار مبدأ «لارجعية في القانون» السارية دوليا كما محليا، فإنها مطالبة بالامتثال لقرارات صنعتها الهيئة التي ستنتمي إليها.
وعليه سيكون النظام أمام امتحان دولي، وتحت كاميرات المتابعة الدورية في هذا المجال، ولا يمكن أن يعتبر المجلس الأممي منصة لترويج أطروحاته.
لقد عجزت جنوب إفريقيا عن ذلك، كما أن روسيا لم تغامر أبدا في القطيعة مع منطق العمل الأممي في قضية الصحراء، بل لعلها تبرر دوما امتناعها عن التصويت، في وقت يمكنها أن تمارس حق الفيتو، بأنها تفعل ذلك لموقف من واشنطن أكثر مما هو موقف من مضامين القرارات لفائدة المغرب..
وفي هذا الباب زلت قدم الرئيس المترنح في الزيارة الأخيرة إلى موسكو عندما حاول التوهيم بأن وصوله إلى مجلس الأمن هو ثمرة عمل ومساندة من روسيا، وهو خطأ جسيم، لكنه يكشف عن إرادة قصر المرادية في محاولة جعل هذا الوصول امتدادا لوجود روسيا في مجلس الأمن، ووضع الحافر على الحافر على مستوى الخيارات الدولية.
وفي هذا الجانب بالذات، هناك تساؤل جدي مفاده، هل تملك الجزائر بالفعل ما تقدمه لروسيا في إفريقيا غير شراء الأسلحة ووضع ترابها رهن إشارة الكرملين؟
وهو سؤال محوري يبدو أن روسيا تعرف جوابه جيدا، بل إنها تدرك بأنها ستأخذ من الجزائر أكثر مما حلمت به منذ أيام القيصرية!

(يتبع)

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 19/06/2023