أي منطق اقتصادي دفع الحكومة إلى استيراد الأغنام مادام العرض يفوق الطلب بمليوني رأس؟

 

لماذا فتح السوق الوطني أمام الموردين بدعم عمومي سخي مقابل جلب 200 ألف خروف؟

أعلنت وزارة الفلاحة أن» العرض الوطني من الماشية المخصصة لعيد الأضحى 1444 (المقدر بـ 7.8 مليون رأس) كاف ويغطي بشكل كبير الطلب الذي يقدر بـ 5.6 مليون رأس» وأوضح بلاغ للوزارة أن « العرض الوطني للحيوانات المخصصة لعيد الأضحى يقدر بـ 7.8 مليون رأس، ضمنها 6.3 مليون رأس من الأغنام و1.5 مليون من الماعز. ويتجاوز العرض الطلب الذي يقدر بـ 5.6 مليون رأس، ضمنه 5.1 مليون رأس من الأغنام و500 ألف رأس من الماعز».
وقد أثارت هذه الأرقام التي أفصحت عنها وزارة الفلاحة العديد من علامات الاستفهام التي تبعث على الارتياب. فإذا كان القطيع الموجه لذبيحة العيد هذا العام يصل إلى 7.8 مليون رأس مقابل طلب لا يتعدى 5.6 مليون رأس، فذلك يعني أن الفائض يبلغ 2.2 مليون رأس، ومادام الوضع مريحا إلى هذا الحد، فما الذي جعل الحكومة تلجأ، في سابقة تاريخية، إلى الاستعانة بالاستيراد من الأسواق الخارجية؟ وأي منطق اقتصادي هذا الذي اعتمدت عليه الحكومة لفتح السوق الوطني على مصراعيه أمام الموردين لجلب الخرفان من إسبانيا و رومانيا مقابل دعم بـ 500 درهم عن كل رأس، وإعفاء تام من الرسوم الجمركية (2%) ومن الضريبة على القيمة المضافة (20% ) ؟ وتزداد هذه الأسئلة إلحاحا إذا علمنا أن عدد الأغنام الأجنبية التي تعول عليها الحكومة لـ «تعزيز» السوق الوطني، لن يتعدى في أحسن التوقعات 200 ألف رأس، أي أقل من عشر الفائض الذي أعلنت عنه رسميا والمقدر بمليونين و200 ألف رأس من الماشية ضمنها مليون و200 ألف رأس كفائض من الأغنام؟
غير أن كل هذه «الأرقام المنتفخة» التي أعلنت عنها يكذبها يوميا السوق الوطني للأضاحي، وتنفجر مثل فقاعات الصابون أمام الغلاء الفاحش الذي يكتوي به المواطنون عند شراء الأضحية، حيث لم يظهر لكل هذه التدابير الحكومية، التي ستكلف ملايير الدراهم من أموال دافعي الضرائب، أي أثر على أسعار البيع النهائي للخرفان،
وتفيد آخر المعطيات التي حصلنا عليها أمس من مهنيي القطاع ومن مستوردي اللحوم الحمراء، أن هناك خصاصا في المعروض من الأغنام بالعديد من الأسواق، وأن الخروف المستورد مفقود في العديد من المدن، حيث ارتفعت وتيرة إقبال الأسر على شراء الأضاحي وسط انتقادات متواصلة للغلاء وارتفاع الأسعار التي لم تفلح حتى الآن الإجراءات الحكومية المعلنة في التخفيف من حدتها.
وعلى بعد يومين من عيد الأضحى، زادت وتيرة إقبال الأسر على أسواق المواشي، وسط سخط عارم وتذمر كبير من ارتفاع ثمن الأغنام بما يوشك أن يفسد على المغاربة فرحة العيد هذا العام.، فثمن الأضحية هذا العام زاد ب30 إلى 40 في المائة مقارنة مع العام الماضي، وهو ما جعل ثمن الخروف المتوسط الحجم من وزن 60 كيلوغراما يفوق 4200 درهما عوض أقل من 3000 درهم المسجلة خلال المواسم الأخيرة.
وتطرح الأسعار الملتهبة التي عمت مختلف أسواق المملكة، عدة تساؤلات حول جدوى الإجراءات الحكومية المرتجلة (رفع رسوم الاستيراد، دعم المستوردين ب 500 درهم عن كل رأس..) حيث لم يظهر أثر هذا الدعم حتى الآن على الأسعار النهائية التي تلهب جيوب المواطنين.
وإذا كان جزء من الزيادة التي تشهدها أسعار الأضاحي هذا العام يجد تفسيره في ارتفاع كلفة الأعلاف وتضرر القطيع الوطني الذي تناقصت أعداده بحوالي 18% مقارنة مع الموسم الماضي، فإن الجزء الأكبر من هذا الغلاء الفاحش يرجع إلى كثرة المضاربة وظاهرة الشناقة التي عجزت الحكومة عن التصدي لها، وهو ما يجعل الخروف الواحد يباع مرتين وثلاث مرات قبل أن يصل إلى المستهلك النهائي.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 27/06/2023