اندحر فريق الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم إلى القسم الثاني للمرة الخامسة في مشواره الكروي، بعد مواسم 63 – 64 و86 – 87 و92 – 93 و98 – 99 و2022 – 2023.
لكن هذا الموسم كان استثنائيا لدى الجماهير والألترات، التي لم تستفق بعد من صدمة النزول، الذي كان عصيا على الفهم والهضم، بل سادت حالة من الحزن والغضب مساء ذاك الثلاثاء الأسود في كل الأحياء الشعبية لمدينة الجديدة، معقل عشاق الفارس.
لقد قضى أنصار فارس دكالة ليلة حزينة وعصيبة، وهم يشاهدون بحسرة كبيرة فريق المدينة الأول، ومتنفسهم الوحيد يحزم حقائبه ويودع بطولة القسم الأول رغما عنه، والتي كان أحد أطراف موسمها الأول غداة الاستقلال.
ولم يتمكن الفريق الدكالي من فرض قوته كفريق ينافس من أجل البقاء بالبطولة الاحترافية، خصوصا وأن النتائج جاءت مخيبة تماما لمحبيه، بل ومتناقضة بين شطري البطولة. فالكل هنا بالجديدة كان يراهن على أن يتمرد اللاعبون ويبصمون على موسم استثنائي، يمحون به المسار المتذبذب منذ 2019، وتكوين فريق تنافسي يستطيع تحقيق نتائج ايجابية، لكن لا شيء تحقق وأصبح الفارس بلا جواد يصارع لوحده.
إياب بعلامة استفهام كبيرة
أنهى فريق الدفاع الجديدي موسمه في الرتبة الأخيرة بـ 25 نقطة، وفشل في الحفاظ مكانه بعدما انهزم في 15 مقابلة، ليكون بذلك صاحب ثاني أكبر عدد من الهزائم في البطولة الوطنية، كما تعادل في 10 مناسبات، في الوقت الذي تمكن من تحقيق الفوز في 5 مباريات فقط.
وبلغة الأرقام فالنتائج جاءت نسبيا دون طموحات الأنصار، خاصة وأنه أقصي كذلك من كأس العرش على يد الوداد الرياضي في ربع النهائي، ليخرج الفريق خاوي الوفاض.
لقد مر الفريق الدكالي بفترات مريبة، أثرت عليه بشكل كبير، فضيع نقطا ثمينة أمام اندهاش المتتبعين، بالرغم من الانطلاقة التي كانت لا بأس بها، حيث أنهى شطر الذهاب بـ 21 نقطة.
ويرى متتبعو مشوار الدفاع الجديدي أن التطاحنات والمؤامرات، إضافة إلى عدم انضباط اللاعبين والأخطاء التحكيمية، ساهمت بشكل أو بآخر في تراجع عطاء عدد من اللاعبين بشكل ملفت للانتباه طيلة الشطر الثاني من البطولة، حيث لم يحقق فيها فارس دكالة سوى 4 تعادلات مقابل11 هزيمة، حيث عجزت عناصره عن تحقيق التفوق خصوصا أمام فرق المؤخرة والتي كانت تنافسه على تفادي النزول.
والحقيقة أن نزول الفريق الجديدي لم يكن مفاجئا، وإنما هو نتاج طبيعي لموسم كارثي بكل المقاييس وعلى جميع المستويات، كان امتدادا لموسمي العذاب للذين أمن خلالهما وبالكاد مكانته بقسم الصفوة دون أن يستخلص أصحاب القرار الدروس والعبر ويعيدوا ترتيب أوراق الفريق الذي نخرته الأزمات المتتالية والصراعات الهامشية.. ، بل تمادوا في أخطائهم الفادحة بتخليهم عن نجوم الفريق، واللجوء تحت إكراهات الواقع المتعددة إلى سياسة الترقيع، بالتعاقد مع لاعبين من أقسام الهواة والمجازفة بأبناء الفريق الذين لم يكن معظمهم جاهزا لحمل قميص الكبار، لضعف تكوينهم في الفئات الصغرى التي مروا منها، كما ساهمت القرارات المزاجية للمدرب التونسي السابق لسعد جردة الشابي في تراجع أداء ونتائج وأسهم الفريق، الذي استعصى عليه الفوز في سبع عشرة دورة بالتمام والكمال
لقد عانى الدفاع الجديدي خلال هذا الموسم من الفوضى والتسيب وغياب الانضباط، وهي سمات أساسية لدى مجموعة من اللاعبين، تجلت في شد الحبل بين بعض اللاعبين والمدرب السابق التونسي لسعد جردة الشابي، الذي ألحق مجموعة منهم بفريق الأمل كعبد فتاح حدراف وشعيب مفتول وعبد الحميد بوبا لحسن وعبد الحميد فراس وغيرهم، بالإضافة إلى عدم رغبة مجموعة منهم في تجديد عقودهم والمطالبة بالرحيل ويبقى أبرزهم المهاجم الكيني مسعود جمعة وعبد الفتاح حدراف .
تطاحنات بين المكتب المديري وجمعيات رياضية
كانت التطاحنات، الظاهرة منها والمستترة، من بين أبرز المشاهد التي عرفتها الساحة خلال المواسم الأخيرة، حيث ارتفع الصراع بين المكتب المديري للفريق وجمعية قدماء اللاعبين بسبب عدم قبول انخراطها، تحث مسميات شتى لتنقسم هي الأخرى إلى فروع وقبائل، ومع بعض الجماهير التي كانت غاضبة من طريقة تسيير النادي، ناهيك عن عدم التزام بعض الشركاء بالتزاماتهم المالية لدواعي سياسية .
شبح التراجع
تراجع عطاء عدد من اللاعبين بشكل ملفت، خاصة عندما أصبح الفريق الجديدي يعيش سيلا من النتائج السلبية بعدما توالت الهزائم انطلاقا من مباريات الإياب، حيث مني الفريق بخمس هزائم متوالية، لكن ما أثار انتباه المتتبعين كذلك هو هزيمة الفريق بالرباط أمام الفتح بحصة ثقيلة (5 – 0)، وهي الهزيمة التي أثرت نسبيا على معنويات اللاعبين، وقادت إلى تعويض المدرب التونسي الشابي بالمغربي عبد الرحيم طاليب، إلا أن الفريق ظل على حاله رغم تحسن مستواه التقني نسبيا، وأنهى شطر الإياب بأربع نقط فقط .
الشابي باع الوهم للدكاليين
تعاقد الفريق الجديدي مع بداية الموسم مع المدرب لسعد جردة الشابي، الذي باع الأوهام لكل مكونات النادي، حيث أكد خلال تقديمه أنه يعرف البطولة الاحترافية جيدا، وأنه قادر على تكوين فريق تنافسي من أبناء النادي والذين بإمكانهم إنهاء الموسم في المرتبة السادسة وأن الأزمة المالية التي يمر منها الفريق هي جزء من الأزمة المالية التي تمر منها جميع الفرق العالمية بسبب جائحة «كورنا»، بالإضافة إلى دخوله في صراعات مع عدة لاعبين، الأمر الذي دفعهم إلى مغادرة الفريق، قبل أن يغادر بدوره عند الدورة 21، حيث ترك الفريق في الرتبة 13 برصيد 21 نقطة. وبالتالي لم يستطيع لسعد إسعاد جماهير الجديدة، وظل في كل ندواته الصحافية يبيع الوهم لمسؤولي الفريق والجماهير والإعلام أيضا.
توقف الدعم المالي عن الفريق
عاش الفريق الجديدي منذ جائحة «كورونا» أزمة مالية خانقة، نتيجة تقليص المحتضن الرسمي للفريق المكتب الشريف للفوسفاط منحته إلى 900 مليون سنتيم، بعدما كانت مليار و600 سنتيم، بالإضافة إلى تنصل جميع الداعمين من مجالس محلية وإقليمية من التزاماتهم المالية، بل تم توقيفها بتوجيه من محمد الكروج، العامل السابق الذي ظل لمدة طويلة متسترا عن قرارات لم تخدم الفريق في شيء، حيث أن المكتب المديري لم يتوصل خلال ثلاث سنوات الأخيرة سوى بـ 50 مليون سنتيم بعدما كان سابقا يستفيد من حوالي 600 مليون سنتيم إلى جانب هذا رحل جل المستشهرين، كما أن الفريق يدين لمجوعة من اللاعبين المغادرين بمستحقات كبيرة. ما دفع الكثير منهم إلى طرق باب لجنة النازعات بالجامعة.
التحكيم في قفص الاتهام
لم يسلم الدفاع الجديدي، على غرار العديد من الفرق الوطنية، من أخطاء التحكيم، حيث عاني بدوره من قرارات تحكيمية أثرت عليه، وخصوصا في فترة الإياب، إذ أن بعض الحكام لم يكونوا موفقين في قراراتهم، وخصوصا مباريات أاولمبيك آسفي وحسنية أكادير ومولودية وجدة بالإضافة إلى مباراة الوداد البيضاوي .
مغادرة جماعية ومنع من الانتدابات
غادر الفريق خلال موسم النزول مجموعة من اللاعبين أبرزهم زكرياء حدراف وأيوب الكعداوي وعبد الفتاح حدراف وإسماعيل ساودوغو والمعطي تميزو ومحمد الجعواني وسفيان بنرحو، بالإضافة إلى جواد خلوق ومراد كعواش ويونس ولاد زيان والكيني مسعود جمعة ومحسن الربجة، بعدما كانوا يشكلون العمود الفقري للفريق، واستمرت رحلة المغادرين بسبب الديون العالقة بذمة الفريق، بعد أن قررت «الطاس» منعه من دخول «الميركاتو الشتوي» الأخير، حيث اعتمد على أبناءه، علما بأنه سرح مسعود جمعة للفيصلي السعودي ومحسن الربجة على سبيل الإعارة إلى اتحاد طنجة والمعطي تميزو إلى الشباب السالمي.
رئيس يصارع الطواحين
بدل عبد اللطيف المقتريض، رئيس الفريق الجديدي، مجهودات كبيرة من إجل إنقاذ فريقه من النزول، وذلك بتوفير التحفيزات المالية والمعسكرات الاعدادية، لكن اليد الواحدة لا تصفق، بحكم أن أغلب أعضاء المكتب المديري كانت تغرد خارج السرب.
ومباشرة بعد السقوط عقد المقتريض ندوة صحفية أكد فيها أنه يتحمل كامل المسؤولية في نزول فريقه وأنه لن يتخلى عنه وأن يده ممدودة لكل من يريد أن يتولى القيادة، شريطة تقديم مشروع متكامل لإعادة التوهج. كما أبرز المقتريض المعيقات التي واجهته خلال السنوات الأخيرة، بدءا من غياب الموارد المالية وتنصل مجموعة من الشركاء من التزاماتهم المالية بالإضافة إلى أن بعض المكونات لم تكن في مستوى تطلعات المرحلة.
واعتبر في ندوة أخرى أن معاناة الفريق، رغم سقوطه، مازالت مستمرة جراء المشوشين عليه وغياب الدعم خاصة من طرف الجماعات الترابية مؤكدا على أن الفريق اليوم في حاجة إلى تقوية الشركة الرياضية من أجل العودة السريعة إلى قسم الصفوة.
لا ضوء في الأفق
يتساءل الكل بمدينة الجديدة عن مستقبل الفريق، في ظل الاكراهات التي تواجهه في غياب الموارد المالية والبشرية والمنع من الانتدابات، إضافة إلى أن اللاعبين لا يتوفرون على تجربة كافية من أجل مقارعة فرق القسم الثاني، إلى جانب رحيل مجموعة من اللاعبين أبرزهم موكوكو أمالي، الذي يخطب اليوم وده مازيمبي وشعيب مفتول الذي رحل إلى الجيش الملكي والطيب بوخريص إلى الفتح وشيشان إلى المغرب الفاسي، ليتواصل نزيف الهجرة، رغم الحاجة الماسة إلى كتيبة قوية تنازل في معارك قسم المظاليم
أرقام تدرس
حقق الفريق الجديدي خلال الموسم المنتهي 5 انتصارات و10 تعادلات و 15 هزيمة. ويعد دفاع الفريق أضعف خط دفاع بالبطولة الاحترافية، حيث تلقت مرماه 44 هدفا، بينما سجل خط هجومه 24 هدف، وهو ثاني أضعف خط هجوم. كما أنه حقق انتصارا وحيدا خارج ميدانه أمام مولودية وجدة، في حين انهزم 6 مباريات بميدانه .