سي محمد الخضوري، ستذهب بعيدا فوق التراب

لقد حدث ما كان حتما سيحدث، وما كان مأمولا أن يتأخر حدوثه، حدث يوم الثلاثاء 11 يوليوز، أن جسد أخينا محمد الخضوري أفرغ آخر ما استطاع من نفس، ليسلم أنفاس المناضل لفضاءات التاريخ الرحبة والعطرة بأريج انبعاث النيات المخصبة لمشاتل، تولد الشمس في مستقبل التاريخ …
كان كفاءة اتحادية، كان مناضلا في تأجيج التطلع إلى وطن مغاير، كان حياة مفعمة بجدل الحياة، لا تكل في سعيها لتوليد الفرح، حياة مستعرة بالحيوية…
مناضل اتحادي، اشتراكي ديموقراطي…
كفاءة علمية …طبيب
شرعية شعبية، رئيس سابق للفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين…
وهو اليوم لم يفعل إلا أن حلق إلى مثواه في البراري المزهرة لذاكرة الوطن، وهي التي تصون، برفق وفرح، حيوات أمثاله من مولدي التدفق في المجرى العظيم للأمل في أوصال وطن يقاوم الارتداد ويراوغ المطبات، ويمضي بهدوء وثبات وبعزم نحو الامتلاء بالكرامة لمواطنيه…
سي محمد الخضوري ممتد في المشترك المديد والعميق بيننا…
سي محمد الخضوري، سيحفظ لك الوطن أنك كنت من أبنائه الأوفياء له، وقد بذلت من أجل تقدمه الكثير من الجهد بكفاءة نضالية، لذلك لن تذهب بعيدا تحت التراب، لأنك ستذهب بعيدا فوق التراب…
سي محمد الخضوري، ذكراك ستزهر وتولد أبدا نفحات الأمل في التقدم نحو حلمك بالوطن الزاخر بالكرامة لمواطنيه…
سي محمد الخضوري، كنت معنا دوما وستظل معنا دائما…
إنك الطبيب الاتحادي، الإنسان المناضل، ولا أحد غيره، إنك الرجل الذي يستحق منا ألف تحية وألف احترام وألف تقدير، إنك الرجل الذي انسل منسحبا من الرداءة إلى التمدد في محبتنا له، كنت تقول لا يهمني الموت ولا أعيره أي انتباه ، لهذا واجهت البشاعة بشجاعة نادرة، وانتصرت على جبن هزم الجميع، ويشهد الجميع أنك لم تضعف ولم ترضخ، لم تضعف ولم ترضخ لقوى الظلام والرجعية..
كنت دائما عظيما،كبيرا، اطمئن أيها الهرم فالجماهير تكن لك الحب الصافي الصريح اعترافا بمروءتك، اعترافا بنبلك، كنت تحب الوطن، كنت تحب الجميع، فأحبك الوطن وأحبك الجميع، ناضلت وقاومت لتبقى الراية مرفوعة، لتبقى راية المغرب حداثية وديموقراطية، وليبقى الوطن كينونة المغاربة…
فاس تبكي وتعلم الجميع أنك المناضل الذي يستحق الاحترام كله والحب كله، إنك المثال والقدوة، الرمز والنموذج…
سجل يا تاريخ ! سجل يا وطني ! فرحيل اليوم، رحيل رجل، رجل وطني، رجل وطني بامتياز نضالي واستحقاق إنساني، هنا الشرف والمجد ..والاتحاد الاشتراكي، يقدر الرجال ويفتخر بهم …
كنت تكره اللغة السوداوية والأسلوب المتشائم ولغة اليأس والتيئيس، كنت تكره التطرف والعدمية، الثرثرة ولغو الكلام ، الكذب والنفاق، المكر والخديعة…كنت تكره الكره،لا، كنت إنسانا جد متفائل، وعيناك كانتا تعبران بالابتسامة عن هذا التفاؤل، وهذا الصدق، وهذا الطموح، وهذا الحب اللامشروط لهذا الوطن رغم التهافت لدى البعض والتدمير لدى البعض الآخر، كنت تبني وغيرك يهدم، وكنت دائما تنتصر وغيرك ينهزم…
المجد يوم ولدت ويوم تولد، المجد يوم ولدت حرا، والمجد يوم ولدت مناضلا، وطني أنت، يتعب كثيرا كل من حاول الفصل بينك وبين الحب وكل من حاول تفكيك هذه الوحدة الانطولوجية، يتعب كل من حاول ذلك لأن وحدة سي محمد الخضوري والإنسان لا تقبل الثنائية باعتبار أنها وحدة وجود …
جاء في نعي المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي لفقيدنا سي محمد الخضوري «وبهذا الفقدان الأليم‮ ‬يكون الاتحاد‮ ‬الاشتراكي‮ ‬للقوات الشعبية ومعه القوى الوطنية‮ ‬والديموقراطية والتقدمية قد فقد أحد الأبناء البررة لهذا الوطن‮ ‬،‮ ‬الذي‮ ‬وهب حياته للنضال السياسي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬والمهني،‮ ‬منذ أن انخرط في‮ ‬صفوف الحركة الاتحادية الجماهيرية‮.‬
والفقيد من الشباب المغربي‮ ‬الذي‮ ‬عانق النضال الطلابي‮ ‬في‮ ‬عز الأوج الكفاحي‮ ‬لشبيبة المغرب المستقل ‬سواء داخل أسوار الجامعة وفي‮ ‬حرمها‮،‮ ‬أو في‮ ‬أماكن وفضاءات الفعل‮ ‬النضالي الشبيبي‮ ‬والحزبي‮ ‬وتواجده‮. ‬
وقد عرف عنه نضاله المستميت‮ ‬داخل الإطارات النقابية سواء الطلابية منها أو المهنية بعد التحاقه بالوظيفة الطبية‮.‬
وأدى ثمن التزامه وانحيازه إلى الحركة المناضلة،‮ ‬غاليا، حيث كان مِن بين مَن شملتهم القرارات التعسفية‮ ‬بالطرد من إطاره المهني‮ ‬كطبيب‮. ‬وبعد ذلك تابع الفقيد نضاله الطلابي‮ ‬من جديد‮ ‬،‮ ‬وواصل بعدها التزامه الواضح والصريح داخل الأسرة الاتحادية المناضلة‮.‬
وكما أبلى البلاء الحسن في‮ ‬التزامه المهني‮ ‬كانت له مساهماته الوطيدة في‮ ‬النضال الديموقراطي‮ ‬المؤسساتي،‮ إذ تحمل مسؤولية رئيس الفريق الاتحادي‮ ‬في‮ ‬مجلس المستشارين،‮ ‬اغتنمه فرصة نضالية لدفاع عن عموم الجماهير وعن مدينة فاس التي‮ ‬أخلص لها،‮ ‬كما رافع من منبره البرلماني‮ ‬عن قضايا المهنة التي‮ ‬ظل مخلصا لقسمها وأخلاقياتها‮.‬
رحم الله أخانا محمد الخضوري‮ ‬وعزاؤنا واحد في‮ ‬فقدانه وكل التعازي‮ ‬لأسرته الصغيرة والكبيرة‮ «‬إنا لله وانا اليه راجعون».


الكاتب : عبد السلام المساوي

  

بتاريخ : 14/07/2023