ولي كلمَات.. من أزهارِ الصَّمت

 

العالم رُقعة … رُقْعَة شطرنج صاخبة … وأنا هادئة، هادئة حَدَّ الضجر، أتَصَيَّدُ الكلمات، تلك المرتبكة المُترنِّحة الراجفة… أمشي فوق ظَهْرِ الغَيم، أُزيلُ الغشاوةَ من عُمقِ المعنى، ليصبح حزني مرئيّا ..
أمشي في البياض القاتم
أسْكُبُ خَطَواتي النَّاصعة السواد
قطرة ..
قطرة ..
وأَلْعَقُ ما فاضَ عَنِ الحاجة،
عَناكِبَ تُخْرسُ صَخَبَ المَدّ.
أُعَلِّقُ الكَوْنَ
ولا أنتظر أحدا.
وهذا الرَّقْصُ لي .. أرقص والكلمات الثملة، حمل ثقيل يحتسي أمنيات ضئيلة، ونُدوبا تمتطي عُرْيَ غيمة مُنتشِية، أرتشف أنين جدرانها، أغرق في شقوقها الملتاعة، أحرك اللغة بعيدا، والفزع الذي حَشَوْتُه في جمجمتي يتكاثر، وغبار الأرصفة يموء ..
وأنا امرأةُ سريعة العطب
يُرْهِقُني التَّطابُق
كلما نما جُرْحٌ
على خاصِرَةِ الوَقْت ..
تَنَهَّدْت.
وعشتار اللغة
تُفاوضُ الفَناءَ
عَلَّ قمحَ الليل يَخْضَر ..
وأنا أَسْفِكُ دمي كلمات .. أُعَتِّقُها كخمر العيد، لأضيء الفكرة، أَمْنَحُها لونا قرمزيا، أَمْكُثُ في الرُّكْنِ القَصِيِّ من نبضي، حيث بابُ السَّماءِ واسِعٌ، أصعد الدُّرْجَ الأملس، وأتساءل، من أي الطرق أرتوي؟ وأَمُدُّ أسرابا من هواجسي، عَلَّ الفراغ الممتد في ذاتي يتسع.
كيف أنجو؟
كيف أغفو تحت شجرة الصفصاف،
أحلم بكلمات قَبْلَ القَبْلِ وبَعْدَ البَعْد؟
أتلو لحنا غريبا يشبهني؟
تعويذة معلقة على جدار الريح؟
كيف أجعل العبارة ..
سالكة يا الله؟
أضُمُّ نفسي إلَيَّ زهرةً تلثم بعض رحيقٍ، أغرس أظافري عميقا، لألينَ مثل رغوة تفيضُ .. وتفيض ..
وهَديرُ الارْتِيابِ مُسْرِع الخُطى،
يتقاطر من جَوْفِ الغيب ..
و قَوْسُ قزح ..
أُرْجوحَةٌ ..
تَحْمِلُ مَخاوفي المُلَوَّنَة
المخاوف التي،
تتقافز على ملامحي
ملامحي الهاربة
من أنْيابِ الوَقْت،
الوَقْتُ القابِعُ هناك
جنديا يَحْرُسُ الخطوات ..
الخُطُواتُ المُتَدَحْرِجَة
تحت عتبة الباب،
البابُ وهو يَسْتعيرُ دَقَّاتِه
دقاته تلك ..
نوتات العابرين.
وأنا امرأةٌ مُنْتَحِبَة، بخطوتين من أَسى أطَرِّزُ حكايَةَ وَجْدٍ قديم، أبني جسورا من وَهْم، أبكي الكلمات بفصاحة، وترعبني تلك التي لم أقُلْها .. وحين تهمس الوردة بأصواتٍ خفيضة، أرتق دقات القلوب العمياء بقفزتين من حنين. تتدلى وساوسي كعُنْقودِ غَيْم، تمة أجراس يابسة، والأرض أغنية تحتسي نَحيبَ الجوعى والمقهورين.
يا الله ..
أيُها المُتَربِّع في سماواتك ..
هَلْ ترانا .. ؟
وبالرغم من أن الأزمنَة رديئة يا بريخت، ورغم سُؤالِكَ المُسْتَفِز، سَأشْنُقُ الكلمات على مقْصَلة عشب أزهار الصمت ..
لكن؛ كيف أجعل الغيم يَتَشَقَّق بِحُنُو ..
ليَخْطُبُ وُدَّ الغَيْب ويَفْقٌسَ بيضَتَه؟
خَشَبُ المَجاديفِ
يَصْطَكُّ يا موسى،
والألواح تَشْحَذُ ظِلَّها
تحكي كل ليلة،
بِحَذَرٍ شديد
حكاية غرقى
حَلُّوا ضيوفا،
على بَيْتِ السَّمَكَة.


الكاتب : مليكة فهيم

  

بتاريخ : 18/08/2023