وداعا طلال سلمان، صديق المغرب و «الاتحاد الاشتراكي» : شراكة جعلت لـ «السفير» حضورا بالمغرب ولـ»الاتحاد» صوتا في لبنان

بعد مسيرة إعلامية حافلة، غادرنا يوم الجمعة الماضي25 غشت، الصحافي والناشر اللبناني، ومؤسس صحيفة «السفير» اللبنانية طلال سلمان عن 85 عاما في أحد مستشفيات بيروت.
وقد حظي الراحل بتقدير كبير بين الإعلاميين والسياسيين والرأي العام، حتى بين الذين اختلف معهم في الرأي، حيث نعاه وزير الاعلام اللبناني زياد المكاري قائلا: «الكبير طلال سلمان العابر بقلمه للمناطق، ستبقى ذكراه خالدة وتاريخه العريق صفحة لن تطوى في تاريخ الصحافة اللبنانية».
أصدر طلال سلمان في 1974 جريدة «السفير» في بيروت، وكانت صحيفة يومية حملت شعار «صوت الذين لا صوت لهم»، وعرفت بمواقفها المناصرة للقضايا العربية، لا سيما القضية الفلسطينية.
ولسنوات طويلة، كتب افتتاحية في صحيفة «السفير» التي نجحت على مدى 40 عاماً في إيجاد موقع لها في لبنان والعالم العربي، وأصبحت مرجعا لكثيرين لتحليل وفهم الواقع العربي، حيث جمعت أسماء لامعة في الفكر والأدب مثل عبد الرحمن منيف ، ياسين الحافظ، وسعد الله ونوس وطارق البشري ورفعت السعيد وعصمت سيف الدولة وعبد الرحمن الخميسي وكلوفيس مقصود.كما فتحت صفحاتها أمام اتجاهات فكرية وسياسية متحالفة أو متخالفة كالناصرية والبعث والقوميين العرب والسوريين القوميين والعلمانيين والشيوعيين بمختلف اتجاهاتهم السوفييتية والماوية والتروتسكية.
وفي سياق هذا الإشعاع العربي لجريدة «السفير»، فقد شرعت جريدتنا «الاتحاد الاشتراكي»، ابتداء من يوم الجمعة 22 يناير 2010، في نشر الملحق الثقافي «للسفير» اللبنانية، وذلك بناء على اتفاق شراكة أبرم خلال زيارة وفد من الجريدة ضمن فعاليات الملتقى العربي والدولي لدعم المقاومة، يضم الزميل عبد الحميد جماهري، طالع سعود الأطلسي وحسن طارق، بالإضافة إلى الزميل محمد عباسي، الذي حضر إلى الملتقى الدولي باسم الفدرالية الديموقراطية ، وبين مدير اليومية اللبنانية «السفير» الراحل طلال سلمان، وهو الاتفاق الذي التزم بموجبه المنبران بتبادل المادة الصحافية الثقافية، بالإضافة الى الآراء التي تنشر في كل منبر والافتتاحيات التي ترى كل جريدة أنها تهم قراءها.
هذا التبادل الإعلامي الذي جعل لـ»السفير» صوتا وحضورا في المغرب، كما جعل لـ»الاتحاد الاشتراكي» صوتا في لبنان، من خلال اهتمام النخبة المغربية، السياسية والثقافية والمدنية عموما.
وقد كتب عبد الحميد جماهري عن هذه الزيارة لمقر “السفير”، آنذاك، في افتتاحية عدد 22 يناير 2010: “كنا هناك، حسن طارق وسعود الأطلسي وعبد ربه الضعيف، في مقر السفير ببيروت، التي زرناها ضمن فعاليات الملتقى العربي والدولي لدعم المقاومة، لم نكن نشعر بغربة . فعلى صفحات “السفير”، وبكلمات النور المتقدة النابعة من التزام كتابها ومناضليها الوطنيين والتقدميين والمهنيين، كبرنا وتشربنا الفكرة النبيلة للصحافة، كما قرأنا العالم ورأيناه بعيون كتابها ومحرريها.
لقد كان اللقاء على زمنين، في المرة الأولى جلسنا الى طلال سلمان نحن الثلاثة، وتواعدنا على الزمن الثاني، حيث الجلسة التي حضرها عباس بيضون، القامة الشعرية الكبيرة، وأسطورة الشعر اللبناني الحديث، والذي يشرف على الملحق الثقافي، ثم نصري الصايغ الذي يشرف على صفحة الآراء، وانضاف إلى وفدنا، الزميل محمد عباسي، الذي حضر إلى الملتقى الدولي باسم الفدرالية الديموقراطية. لقد كانت فرصة من مداد وود وتقدير كبير، وكانت فرصة لكي نعبر أساسا عن حبنا للبنان وعن تقديرنا لجيل “السفير” الكبير، واهتمامنا بشؤون لبنان..
إننا نشعر باعتزاز كبير ، بخصوص الثقة التي بادلنا إياها الاستاذ والفاضل طلال سلمان، ومعه فريق العمل الذي جلسنا معهم لنتحدث عن المغرب وعن لبنان وعن تقاطعاتنا في الجغرافيا الكبرى للثقافة وللإبداع، والجغرافية المحدودة للسياسة وللاستراتيجيات.. وكالعادة كان اهتمام اخواننا اللبنانيين ببلادنا وحضور المغرب كبيرا جدا..”
سيغادر الراحل في 4 يناير 2017، تجربة “السفير” وسيقفل الجريدة بسبب صعوبات مادية خصوصا، وقد شكل هذا الإقفال ضربة كبيرة للإعلام اللبناني الذي عرف على مر سنوات بتنوعه وحريته، وشكل علامة فارقة بين الدول العربية الأخرى. ويكفي الراحل أن تاريخ الصحافة في لبنان، وتاريخ لبنان الثقافي والسياسي، مدينان له ولصحيفة «السفير» بصفحات بهية ووضاءة ، وبمواقف جريئة .
بعد إغلاق السفير، بقي طلال سلمان يكتب عبر موقع حمل اسمه واسم «على الطريق»، وهو كان عنوان زاويته الأسبوعية في الجريدة.
للإشارة، فقد تعرض الراحل في 14 يوليوز 1984 لمحاولة اغتيال أمام منزله في رأس بيروت فجراً تركت ندوباً في وجهه وصدره. وكانت سبقتها محاولات لتفجير منزله، وكذلك عملية تفجير لمطابع «السفير» في الأول من نونبر 1980.
ترك الراحل مؤلفات عدة بينها «مع فتح والفدائيين»، و»الى أميرة اسمها بيروت»، و»سقوط النظام العربي من فلسطين الى العراق»، و»هوامش في الثقافة والأدب والحب»، وغيرها…


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي

  

بتاريخ : 28/08/2023