على مدى ستة أيام باحثون ومهتمون يقاربون الظاهرة وتوصيات لتجويد القادم من الدورات
على مدى ستة أيام، نظمت مقاطعة الحي المحمدي بالدار البيضاء، المهرجان الوطني لظاهرة المجموعات، وقد افتتحت الدورة الثانية بتكريم خاص ومتميز للفنان الراحل العضو المؤسس لفرقة جيل جيلالة مولاي الطاهر الأصبهاني، التي حملت اسمه.
وفي كلمة افتتاحية بالمناسبة، أبرز يوسف الرخيص رئيس مقاطعة الحي المحمدي أن الحي المحمدي هو ميلاد وانطلاق الظاهرة الغيوانية التي تحولت إلى حركة ونمط غنائي فريد، معتبرا أن تنظيم هذه التظاهرة يعد وفاء وتقديرا لتاريخ وعراقة هذا التراث.
وأشار إلى أن الدورة الثانية من المهرجان تأتي بناء على نجاح فكرة وتصور الدورة الأولى من مهرجان الحي المحمدي لظاهرة المجموعات سنة 2022، مبرزا أن دورة 2023 تنفتح على التجارب المؤسسة والشبابية، وذلك من أجل خلق حوار الأجيال والفنون.
من جانبه، أبرز عبد لله لوغشيت مدير المهرجان، أن الدورة الثانية من المهرجان تروم أن تكون محطة لإبراز الدور الوازن لهذه الظاهرة في استجلاء فنون القول وسبر مكنونات وجمالية الإيقاعات المغربية، وذلك من خلال تكريم أحد رموز الظاهرة وسادة الإيقاع المرحوم مولاي الطاهر الأصبهاني أحد مؤسسي الفرقة الرائدة جيل جيلالة.
أرملة الراحل مولاي الطاهر الأصبهاني، في كلمة بالمناسبة، أعربت عن فخرها واعتزازها بهذا التكريم الذي يعد اعترافا وتقديرا للمسار الفني المتميز للراحل، مؤكدة أن الفقيد خلف وراءه إرثا فنيا كبيرا يجب صونه والمحافظة عليه.
بالإضافة إلى السهرات التي أحيتها العديد من المجموعات الرائدة والمجموعات الشابة، تميزت هذه الدورة بتنظيم ندوتين فكريتين مهمتين الأولى حول «تأثير فنون القول في الغناء المجموعاتي» والثانية حول «إسهام الظاهرة المجموعاتية في تثمين الإيقاعات المغربية»، وكذلك تكريم كل من عبدالكريم القسبجي، عبد المجيد مشفق، أحمد دخوش الروداني، محمد حمادي، عبدالواحد مدوني وعمر السيد.
وقد كانت المناسبة من خلال ندوة إسهام الظاهرة المجموعاتية في تثمين الإيقاعات المغربية» فرصة تطرق فيها المتدخلون إلى الدور الذي لعبته المجموعات برمتها ،ناس الغيوان، جيل جيلالة، لمشاهب، تكادة ،السهام ،مسناوة وباقي الفرق الأخرى بمختلف تلاوينها، محددة جغرافية هذه الإيقاعات والألوان الفنية التي تمتح منها كالإيقاع البدوي والجبلي وأقلال ولكناوي والعيساوي والحمدوشي ..الخ.
المتدخلون في هذه الندوة، حسن نرايس، العربي رياض، سعيد جعفر، عبد لله رمضون وعبد لله لوغيشت، أكدوا أن هذه المجموعات لعبت دور مؤسسة ثقافية، مذكرين بالسياق السياسي والاجتماعي والدولي الذي برزت فيه هذه المجموعات الغنائية، ومدى المطبات التي واجهتها، لأنها ظهرت كوجه غريب عما كان مألوفا لدى الجمهور المشبع بصورة جوق مع مطرب.
وأبرز المتدخلون فضل هذه المجموعات في تعريف المغاربة بألوانهم الثراتية ،خاصة وأن هذا التعريف جاء من جيل من الشباب يبحث عن الانعتاق والهوية الخاصة به، هكذا وعلى سبيل المثال، أخرجوا اللون الكناوي من مفهوم الشعوذة والطلاسم التي كانت محيطة به، إلى لون فني رائع قائم الذات، وحولوا رتابة الملحون إلى فن حركي، أصبح يتردد ليس عند النخبة الحضرية فقط، وإنما في مختلف المداشر والقرى والمدن، واطلعوا على شعراء مغاربة مروا منذ قرون، ولم يسلط عليهم الضوء من قبل، حيث أصبحت قصائدهم تتردد في كل البيوت، وهو ما قد أغفلته الجامعات المغربية والمؤسسات الثقافية.