إعادة الإعمار.. تحدي الحفاظ على الخصوصيات المحلية والانتصار للإنسان والجبل

فدوى رجواني

الآن، وبعد أكثر من أسبوع على زلزال الحوز، وبعد أن هدأت النفوس واطمأنت القلوب على أن المنكوبين تلقوا ما يكفي من الدعم والعناية، يحق لنا أن نتحدث عن مستقبل أهلنا هناك وعن تراثنا المشترك، ويحق لنا أن ننبه ونتساءل عن إعادة الإعمار.
لقد كان زلزال الحوز فرصة ليتعرف العالم وربما المغاربة كذلك على منطقة متفردة تترجم أصالة وتاريخ شعوب مرت وأخرى استقرت بين أحضان الأطلس، جمال أخاذ وثراء بيئي متميز ومنازل أقر الناس بصعوبة الوصول إليها ومسالك وعرة، بنايات غرائبية شيدت على جنبات الجبال وقممها، استغرب الجميع من شكل وموقع المنازل المعلقة متناسين أنها في الأصل تعبير عن ذكاء معماري فذ، منسجم مع تضاريس المنطقة ومنصهر في ألوانها حتى تكاد تعتقد أنها جزء من جبال الأطلس نحتتها الطبيعة وليست من تشييد البشر، دور تتفاعل كذلك مع المناخ الحار صيفا والبارد شتاء، فتجدها باردة في عز الصيف ودافئة في عز الشتاء، استعملت فيها مواد طبيعية وجب اليوم الحفاظ عليها، فقد جاء البلاغ الملكي واضحا في هذا الباب وتحدث عن إعادة الإعمار مع الحفاظ على خصوصية المنطقة وتراثها، ومراعاة كل مميزاتها الثقافية والاجتماعية.
إن المواصفات المعمارية والخصائص الطبيعية والهندسية لمنازل الحوز لن تمنع إيجاد سبل لتقويتها وجعلها مقاومة للزلازل ولا يجب أن نكون أمام خيارين، إما مقاومة الزلازل والتضحية بالفوائد الأيكولوجية والصحية لمنازل الجبل أوإعادة الإعمار بنفس الطرق البسيطة والبقاء تحت رحمة الأقدار وتقلبات الطبيعة.
لجأ بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى الذكاء الاصطناعي لتقديم تصور عن ما قد يكون عليه شكل المنازل وطريقة بنائها، وقدم لهم هذا الذكاء نماذج تبدو للوهلة الأولى وكأنها فعلا موجودة أو ممكنة في حين أن الأمر ليس بالبساطة التي تشتغل بها الروبوتات، وأن إعادة الإعمار تحتاج لذكاء حقيقي وإرادة حقيقية في إعادة الاعتبار لمنطقة عاشت دوما معتزة بطريقة عيشها ومتشبثة بأرضها وللكثير من الجدية في التعامل مع سكانها الذين من بينهم من أصبح اليوم من مكفولي الأمة.
هو إذن تحد يجب أن يكسب والمهندسون المعماريون مطالبون أن يمشوا في هذا الطريق، طريق البناء والحفاظ على التاريخ والخصوصيات المحلية والانتصار للإنسان وللجبل..

الكاتب : فدوى رجواني - بتاريخ : 21/09/2023

التعليقات مغلقة.