الزلزال قدر طبيعي، ولكن..

 

نعم، قطعت بلادنا، في ظل القيادة الحكيمة والعقلانية لجلالة الملك، شوطا جد محترم في إنجاز أوراش تحتية كبرى ومهمة من طرق سيارة، ميناء متوسطي دولي، مستشفيات جامعية، براق ، تجهيزات وإنجازات رياضية مدوية ، تهيئة حضرية فارهة في بعض المدن.. وغيرها ، والبقية على الطريق…
مؤخرا أخذ الاهتمام ينصب على الحماية والخدمات الاجتماعية التي تعاني من خصاص وهشاشة كبيرين، وبخاصة على مستوى التغطية الصحية ، ومستلزمات العيش الكريم ، ونأمل أن يتقدم هذا الورش بجدية و وتيرة كبيرين.. لكن فاجعة زلزال الحوز كشفت عن خلل فادح في نموذجنا التنموي البشري.
نعم، تجندت الدولة من جلالة الملك إلى كل المؤسسات والقطاعات ، بكل مسؤولية وجدية وسرعة لمواجهة ومحاصرة الفاجعة….ومعها هب الشعب المغربي بكل جهاته ولغاته وفئاته لمؤازرة ومد المناطق المنكوبة ، بالدم والمؤونة والإيواء والأغطية والأفرشة وغيرها ، هبة كثيفة..مؤثرة..عزيزة..هبة، قد نقول دون مبالغة ، لا مثيل لها في العالم..هبة تجعل كل مغربي أصيل يرفع رأسه عاليا ويقول، أنا مغربي وأفتخر…هبة فاقت تسع درجات من سلم ريشتر الروح والحب المغربيين…
إن الخلل المزمن الذي أومأنا إليه سابقا ، والذي كشفت عنه عنه هذه الفاجعة يكمن في هذا المغرب الٱخر..هذا المغرب الهامشي الهش.. هذا المغرب النائي بجباله وبواديه حتى القريبة منها من المركز…هذا المغرب الذي يخاطبنا فيقول..بدوري أستحق أوراشا تنموية ملموسة يفتخر بها مغربنا أيضا ،على مستوى الطرق الرابطة والمساكن اللائقة والأنشطة المدرة والخدمات الاجتماعية القريبة وغيرها..فلا يرضيك يا مغربنا الحبيب ، أن تستيقظ بعد الفاجعة ، على أطراف منك بعيدة وغريبة عن الدينامية المعتبرة لأوراشك ومنجزاتك هناك..وهناك..لصالح هؤلاء..دون هؤلاء…فكما أن أحبابنا وأهالينا المغاربة هبوا إلينا من كل حدب وصوب، قلوبهم ودماؤهم ودموعهم وجيوبهم بعيد الفاجعة ، فليس بعزيز يا بلادي ، في ما بعد أن تهبي إلينا بمستقبل تنموي باسم كريم صامد..حتى تتحقق وتتجسد تمغربيت الجميلة في تنمية بشرية واحدة موحدة…وأما الزلزال ، وغيره من كوارث الطبيعة ، فيبقى، في أي حين ، من قضاء الله والطبيعة ، ونحن لا نجحد ما أصابنا من هذا القدر. وعلى كل حال ، فما تنطق به الصور البيضاء والسوداء المواكبة للفاجعة أبلغ من كل قول…فعسى أن يكون زمننا مابعد الزلزال، خيرا مما قبله.


الكاتب : محمد الحاضي

  

بتاريخ : 21/09/2023