ألا ينام الزلزال مثل الأطفال !

ـ 1 ـ
قالت الطفلة من تحت الأنقاض تخاطب رجل الإسعاف بصوت خفيض، عاجزة عن تحريك أطرافها عيناها مغبرتان تستكشفان ما حولها في ذهول:
«عمو طالعني من هون و بصير عندك خدامة»
( يوم ضرب الزلزال سورية الشقيقة)

ـ 2 ـ
بينما كان الطفل عالقا تحت الأنقاض يستغيث، كان رجل في الخارج عاجزا عن إنقاذه، يلقنه قول الشهادة.
(يوم ضرب الزال تركيا)

ـ 3 ـ
على إثر الزلزال الذي ضرب القرى الجبلية، سأل صديق يقيم في الخارج صديقا له عن أحواله وأحوال عائلته.
أجابه: «كلُّهم بخير إلّا أنا»!.
كان قد مر أسبوع على فقده عائلته في الزلزال.

ـ 4 ـ
كان يغني لحظة سحبه من تحت الأنقاض..
وأمام دهشة وفرحة من يحيطون به، قال الصبي:
« أ رأيتم كيف أتقن الغناء»
ـ 5 ـ
حين نشلوا طفلة من تحت الأنقاض، خاطبتهم بصوت واهن قائلة: « السلام عليكم «.

ـ 6 ـ
حين وصل إليها رجل الإنقاذ المدني، ابتسم في وجهها:
ـ ها أنا أمسك بك؟
ـ وهل كنا نلعب الغميضة؟
ـ نعم، أنسيتِ؟..
ـ كيف دخلت المنزل؟
ـ دخلت من النافذة..

ـ 7 ـ
فجأة صرخت امرأة متوسلة: « أنقذوا أولادي إنهم هنا تحت الحطام «
أثار صراخها فريق إنقاذ كان يبحث عن أحياء غير بعيد عنها. هرع الفريق إلى حيث أشارت. وعندما أنقذوا أطفالا ثلاثة، بحثوا عن المرأة… سألوا الأولاد عن أمهم فبادر أكبرهم إلى القول: « أمنا ماتت.. مر على موتها ثلاث سنوات».

ـ 8 ـ
بعد خروجه من تحت الأنقاض حيث قضى اثني عشر ساعة، سأله مبعوث قناة أخبار:
« أ لم تجع كل هذه الساعات؟»
قال:
« كان شخص يرتدي الأبيض، كل فترة يأتي يطعمني ويسقيني ثم ينصرف».

ـ 9 ـ
ـ لا تخافي عزيزتي
ـ أنا لست خائفة، لكنه مشاغب..ويهدم البيوت..
ـ سيتوقف عزيزتي..
ـ .. ألا ترى أنه يبالغ في شغبه؟
ـ اطمئني، سيتوقف
ـ أخبره أني لا أطيقه.. قل له إنه لا يحسن اللعب مع الأطفال.

ـ 10 ـ
بعد سلسلة من الهزات حدثت والناس نيام، تساءلت الطفلة بحزن شفيف:
« ألا ينام الزلزال مثل الأطفال ليلا !»


الكاتب : عبد الحميد الغرباوي

  

بتاريخ : 22/09/2023