رغم أكثر من أسبوعين على وقوع الهزة الأرضية التي أصابت إقليم الحوز والتي تسببت في فاجعة أليمة بالمنطقة وباقي المناطق المجاورة، مرورا بتسجيل هزات ارتدادية خفيفة لاحقا في فترات متباينة، خاصة يومي الخميس ثم الاثنين، وذلك في ساعة مبكرة من الصباح ثم في منتصف الليل، فإن العديد من المتضررين، إما بشكل كلّي أو نسبي، اختاروا عدم العودة إلى البيوت التي ظلت واقفة، بسبب الشقوق والتصدعات التي ظهرت عليها.
قرار هجران المنازل والمبيت في العراء، إما في خيام تم التوصل بها من طرف السلطات المحلية، أو من طرف محسنين ضمن قوافل المساعدات التي وصلت إلى مختلف المناطق المتضررة، تبيّن للجريدة أثناء تواجدها بإقليم تارودانت أن عليه شبه إجماع، لأن مشهد الخيام وهي تصطف في الساحات في أولاد برحيل، نموذجا، كان مشابها لما هو عليه الوضع في دواوير مختلفة، في أوزغيميت، وتكوكة، وإكروفلا، وغيرها من الدواوير التي زارتها «الاتحاد الاشتراكي» بجماعتي تالكجونت وتافنكولت. خطوة أكد عدد من المواطنين الذين استفسرتهم الجريدة عن دوافعها بأنها ذات بعد وقائي، لأن تلك البيوت صارت تشكّل خطرا، ويمكنها أن تتداعى وتنهار فوق رؤوسهم في أي لحظة، لهذا ومن أجل الحفاظ على أرواحهم اختاروا أن «يرابطوا» أمامها في انتظار ما ستقوم به المصالح المختصة.
ودفع الإقبال على الخيام في عدد من الدواوير المتضررة بتارودانت، والخصاص المسجل فيها، نظرا لحجم الطلب المرتفع مقارنة بما تم توفيره، وفقا لما عاينته «الاتحاد الاشتراكي»، إلى إنعاش تجارة بيع الأغطية البلاستيكية «الباش»، والشباك والقنب، التي باتت حلاّ مؤقتا أقبل عليه مجموعة من المواطنين رغم انعدام الإمكانيات المادية لدى أغلبهم في هاته الظرفية، وهو ما جعل عددا منهم يطرقون أبواب القادمين إلى المنطقة في «اولاد برحيل» طلبا للمساعدة على اقتنائها، وتدبر عصي خشبية إلى جانب الاستعانة بالقصب، لتجهيز فضاء تلوذ إليه الأسرة، رغم أنه قد لا يكون كافيا على مستوى المساحة، كما أنه وبالعين المجرّدة يتبين على أنه لن يستطيع مقاومة تقلبات الطقس وهطول الأمطار، مما يجعل منه حلا استثنائيا لا يجب أن يتحول إلى «قاعدة».
واختار عدد من المتضررين الابتعاد عن منازلهم بضعة أمتار ونصب الخيام أمامها، لكي يكونوا قريبين منها بشكل يسمح بالتواصل معهم كلما تطلّب الأمر ذلك، سواء مع السلطات المختصة أو الوافدين على المنطقة بدافع المساعدة والتضامن، مع الاحتفاظ بمسافة للأمان، حتى لا تتساقط الجدران المتبقية عليهم. وعاينت «الاتحاد الاشتراكي» حجم الضرر الذي لحق الكثير من الأهالي بسبب الزلزال، الذي كان ماديا ومعنويا في دواوير بعينها، علما بأنه حتى تلك التي لم تسجل ضحايا في الأرواح، فهي لم تسلم من تبعاته على مستوى بيوتها التي إما انهارت كلّيا أو تداعت، وأصبح الولوج إليها يشكّل خطرا عليهم، وهو ما يجعل الجميع يترقبون أجرأة التعليمات الملكية من أجل إعادة إعمار المنطقة وإعادة الروح إليها.