الظلم

– عبرات تُرتجع خوفا من دمعة تتساقط، ولن يرى مجراها سواك، ولن يستشيط بحرارتها أحد غيرك. تلك التي كلما حبستها استقرت بصدرك حتى تُحرّه، وتضيقه وكأنك سجنت عن الدنيا قصرا داخلك.
– في علاقاتنا الإنسانية نعيش كمن يتصفح مجلة بجميع أبوابها. هناك باب من الأصلح لنا أن نقرأه دون أن تقف عليه يوما لبشاعته. باب من دخله مفقود ومن تنحى عنه مولود، في كل مرة تتاح له فرصة أن يخطو صوبه فيتراجع، إنه باب الظلم… ذلك المدخل الذي يبنى بابه من غرور وكذب، وطلاؤه زيف وزور. باب قُفِل على سماع صوت الحقيقة القابعة في عقر دار النفس، باب إن فتح حتى بالغلط لن تبصر شيئا من ورائه، ولن تسمع سوى صدى لن تميز به صوتك من صوت من سكنوا وراءه.
– هم نفسهم من أسلموا آذانهم لنزعة الشر، من اعتقدوا أنهم هم فقط قوة عليا ولا يعلى عليها. من تفاخروا بالأذى، من أوقفوا عقارب الساعة بغية أن يحسموا في توقيت جدلية الذنب والعقاب.
– الظالم هو شخص ربط نفسه مكان البهيمة التي تدور في ساقية تحركها وتشغلها بقواها وجهدها، لكن الآخر هو من ينتفع بها -عمق بعض الأشياء مهما بدا واضحا فهو مستتر، متوار يحتاج بصيرة متوجة بقلب سليم ينازع من أجل نجاته ويعلم أن النجاة الحقيقية هي السلام- من يدور في تلك الساقية لن يجني سوى التعب الذي يعقبه عذاب، نتيجة قوى سحقت بثقل الأوزان والتي ماهي سوى أوزار يصعب على الذات القاصرة حملها، هي ذات لم ترتد معطف الذات العظمى التي تقف في وجه موجات الصقيع، محافظة على كل برعم خير يهم بالنمو. الظالم هو شخص عاش وتقمص كل الأدوار ما عدا دور من أنزل به ظلمه. الظالم هو شخص أعلن عن قدرته على الشر وأفسح لها المجال كله، لم يستثن أو يستبعد سلاحا، فربما ما تراه أنت نصرا ما هو إلا كيد ومكر.
– كيفما كانت ديانتك، معتقداتك أو توجهاتك، أن تحجم الآخر بلجام نفسك قبل أن تُنزل به قولا أو فعلا، فمعناه أنك ستحيا بخفة فراشة، وبين الفينة والأخرى ستنعم بعبق زهور نهاية الأزمات، فكل أزمة تعقبها باقة تأتيك من حديقة ربما بذرتها يوما وتناسيت، فالذي تزرعه هنا تحصده يوما ما هناك.
– نحن في غنى عن الأكاذيب التي تجمل بحجة الظروف وتكسى بعدم المقدرة، ثم تغلف بأنها تفوق المستطاع ولا مستطاع يعلو على القيم. حين تبطش تأكد أنه سيُبطش بك، وحين تغدر أيقن أنه سيُغدر بك، والسكين الذي ذبحت به عنوة، سيغرز بك على حين غرة بعدما اطمئنيت، ستأخذ سهوا في المكان الأشد إيلاما بالضبط. الظلم ظلمات فَانْأَ بنفسك كحمامة سلام، كلما أوجست خيفة طارت إلى المكان الأكثر أمنا وأمانا. ثق أن يد القوة العليا راحتها مبسوطة لتشمل كل تنهيدة أسى وظلم. دائما هناك تدخل خفي يدقق الحسابات ويعدل الموازين.
– قبل الإقدام على أي جولة في جولات حياتك، تذكر عند خوضها أنها مهما طالت ستنتهي، الأهم أن تلعب بشرف، والظالم لا شرف له، لأن الشرف عطية والعطية لا تمنح إلا لمن كان أهلا لها.
– ترفع عن كل وضيع فيك يشحت الرفعة، أطعمه الخير وسينمو إلى أن تجده طال واستطال حتى أظل الظالم نفسه، والحياة قطعا ستفاجئك بتغريدة خارج السرب.


الكاتب : سهام الكاس

  

بتاريخ : 02/10/2023