اليوم تنطلق الاجتماعات السنوية لمجموعة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بمراكش.. كريسيتا جورجيفا : المغرب سيجمع المجتمع الدولي بروح من التضامن والالتزام للتغلب على التحديات التي نواجهها

تنطلق يومه الاثنين 09 أكتوبر بمراكش الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وتجمع محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية والتنمية والبرلمانيين والمسؤولين التنفيذيين من القطاع الخاص وممثلي منظمات المجتمع المدني والأكاديميين لمناقشة القضايا ذات الاهتمام العالمي، بما في ذلك التوقعات الاقتصادية العالمية، والقضاء على الفقر، والتنمية الاقتصادية.
كما يتضمن برنامج هذه الاجتماعات تنظيم عدد من الندوات والإحاطات الإقليمية والعديد من الأحداث الأخرى التي تركز على الاقتصاد العالمي والتنمية الدولية والنظام المالي العالمي.
و قالت كريسيتا جورجيفا المدير العام لصندوق النقد الدولي في الخطاب الافتتاحي للاجتماعات السنوية الذي ألقته من أبيدجان يوم الخميس الماضي « ستُعقد اجتماعاتنا السنوية في مراكش بحضور  وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية من 190 دولة. وسوف تمثل هذه الاجتماعات ذكرى سنوية مهمة: مرور نصف قرن على انعقاد الاجتماعات آخر مرة في أفريقيا – في نيروبي عام 1973 . بعد أسابيع قليلة من وقوع الزلزال المروع، سيجمع المغرب المجتمع الدولي بروح من التضامن والالتزام للتغلب على التحديات التي نواجهها. أود أن أعرب عن تعاطفي الصادق مع الشعب المغربي وامتناني لاستضافة اجتماعاتنا بسخاء.»
و أضافت «في الخمسين عامًا التي انقضت منذ اجتماعاتنا الأخيرة في أفريقيا، تحول العالم بطرق عديدة – ارتفع متوسط ​​العمر المتوقع، وانخفض معدل الفقر عالميًا، وتكيف النظام النقدي الدولي مع نظام مرن لسعر الصرف، وغيرت التكنولوجيا طرق العمل والترفيه والتواصل.لكن التفاوتات داخل البلدان وفيما بينها تزايدت، ونحن نواجه أزمة مناخية وجودية. وكان النمو يتجه نحو الانخفاض على مدى العقد الماضي. وهذا يتطلب اتخاذ إجراءات لتمهيد الطريق للسنوات الخمسين القادمة . ويجب أن يكون هدفنا بناء الجسور نحو النمو المستقبلي القوي  الذي يكون مستداما وشاملا.»
و قالت أيضا «في القارة الإفريقية يمكننا أن نرى، كما تحت عدسة مكبرة، التحديات التي يواجهها العالم. لكننا نرى أيضًا إمكاناتها الكبيرة. تتمتع أفريقيا بموارد وفيرة وإبداع وطاقة لا حدود لهما. وهي موطن لأصغر سكان العالم وأسرعهم نموا.»
واعتبرت المديرة العامة للصندوق أن رخاء الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين مرهون برخاء إفريقيا. فالاقتصادات المتقدمة تشهد زيادة سريعة في أعداد المسنين، ولكنها تتمتع بوفرة رأس المال. والحل يكمن في تعزيز الرابط بين رؤوس الأموال تلك والموارد البشرية التي تزخر بها إفريقيا – لضخ المزيد من الديناميكية في آفاق النمو العالمي التي تبدو هزيلة في الوقت الحالي. وإفريقيا هي حجتنا الأقوى كذلك على ضرورة بناء الصلابة الاقتصادية. فجائحة كوفيد-19، وحرب روسيا في أوكرانيا، والكوارث المناخية، وأزمة تكلفة المعيشة، وعدم الاستقرار السياسي هي وجوه كثيرة لعالم عرضة للصدمات. ونراها حاضرة بكامل وطأتها في إفريقيا إلى جانب الحاجة الطاغية إلى المزيد من الاستعدادات لمواجهة هذا العالم.
ويتميز اليوم الأول من التظاهرة بتقديم الكتاب الجديد الذي أعده صندوق النقد الدولي حول «سعي المغرب إلى نمو أقوى وشامل». و يسلط الكتاب، الذي تم تصميمه كجزء من الطريق إلى مراكش 2023، الضوء على التقدم الاقتصادي الذي أحرزه المغرب على مدى العقود القليلة الماضية، ويناقش تحدياته المتبقية والأجندة الجديدة للإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى تحويل نموذج التنمية في البلاد، من خلال جعله أكثر توجها نحو القطاع الخاص و شامل. و يعتبر صندوق النقد الدولي المغرب يشكل مثالاً مفيداً للعديد من الاقتصادات النامية التي لا تزال تبحث عن بناء أسس استقرار الاقتصاد الكلي.
و يعتبر كتاب صندوق النقد الدولي أن التحديات التي يواجهها المغرب في تعزيز النمو وجعله أكثر مرونة وشمولا ليست مقتصرة على المملكة، ومن الممكن أن توفر سلسلة الإصلاحات التي بدأت البلاد في تنفيذها أفكاراً مثيرة للاهتمام بنفس القدر للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية الأخرى.  وسيعرض الحدث تجربة المغرب، ويناقش الدروس المستفادة للبلدان الأخرى، ويبرز إمكانات المغرب في إشراك القطاع الخاص، وهو ركيزة أساسية للنموذج الجديد لجدول أعمال التنمية في البلاد.
و تشكل ندوة أولويات الإصلاح لمعالجة الديون، إحدى أهم فقرات هذه الاجتماعات. حيث تعاني العديد من البلدان، وخاصة الاقتصادات المنخفضة الدخل والناشئة، تحت وطأة الديون المرتفعة.
و يؤكد صندوق النقد الدولي أن أعباء الديون الضخمة تحد من قدرة البلدان على الاستثمار في مجالات مثل التعليم، أو الصحة، أو الحماية الاجتماعية، أو البنية الأساسية. وبالنسبة للبعض، أصبحت الديون غير مستدامة بالفعل.
وتستكشف هذه الندوة الخيارات المتاحة لتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة مخاطر الديون، من خلال الإصلاحات المحلية لتعزيز النمو، وتحسين سياسات الإنفاق وتعبئة الإيرادات المحلية، وتعزيز إدارة الديون.
ويناقش الاجتماع أيضًا الحاجة إلى زيادة الدعم من المجتمع العالمي من خلال توفير التمويل الميسر والمساعدة الفنية لدعم الإصلاح المحلي وتغييرات السياسات، فضلاً عن إدخال تحسينات على عمليات إعادة هيكلة الديون السيادية لضمان إمكانية تخفيف عبء الديون بطريقة مستدامة. في الوقت المناسب وبطريقة يمكن التنبؤ بها عند الحاجة.
و من المنتظر أن تتناول اشغال هذه الاجتماعات السنوية إشكالية «تمويل القدرة على الصمود والنمو والرخاء المشترك». حيث يشير صندوق النقد الدولي إلى أن العديد من البلدان تضررت بشدة من الصدمات التي شهدتها السنوات الأخيرة، وخاصة البلدان المنخفضة الدخل التي تتصارع مع تحديات متعددة – بما في ذلك التضخم السريع، وانعدام الأمن الغذائي، والاقتراض المكلف، وتصاعد الديون
و يؤكد الصندوق في أرضية الندوة أنه عندما احتاجت هذه البلدان إلى صياغة استجابات سياسية، كان الحيز الخارجي والمالي المتاح لها يتضاءل بالفعل بعد الجائحة. والآن تواجه هذه البلدان ضغوطا تمويلية، مع جفاف المساعدات والقدرة على الوصول إلى التمويل الخاص، الأمر الذي يؤخر التعافي ويقوض آفاق النمو في المستقبل. ويهدد هذا بعكس الاتجاه المستمر منذ عقود من التقارب المطرد في مستويات المعيشة.
وستناقش هذه الندوة كيف يمكن للبلدان التغلب على أزمة التمويل وبناء مسار نمو مستقبلي أكثر مرونة، وعلى وجه الخصوص، استكشاف الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الدولي من خلال المشورة السياسية المنسقة بشكل جيد، وبناء القدرات، والدعم المالي. وستسلط المناقشة الضوء أيضًا على مشاركة صندوق النقد الدولي مع هذه البلدان في إطار الصندوق الاستئماني للحد من الفقر وتحقيق النمو، وكيف يلعب التمويل الميسر لصندوق النقد الدولي دورًا رئيسيًا في مساعدة هذه البلدان على تخفيف تأثير الصدمات المستمرة والأزمات المستقبلية على النمو.


الكاتب : مراكش: عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 09/10/2023