الناجحون في الباكالوريا بالسوالم يبدأون مسارهم الجامعي بطعم المعاناة

بين تعقيدات الاستفادة من المنحة والبعد عن جامعة سطات

 

استقبل الناجحون في الباكالوريا بمنطقة السوالم المرحلة الجامعية بمعاناة من نوع جديد، فبعدما نجحوا في اجتياز البكالوريا ومشاقها يقفون اليوم عاجزين أمام تعقيدات حالت دون تسجيلهم بالجامعة المتواجدة بمدينة سطات، على بعد أزيد من 60 كلم من منطقتهم. تعقيدات ظهرت بشكل جلي حين تقديم طلباتهم للاستفادة من المنحة الجامعية، حيث اصطدموا بعدة صعوبات وإجراءات معقدة عند طلب التسجيل بالمنحة بسبب وجود مشاكل في نظام مسار، واشتكى عدد منهم الطريقة التي تتعامل بها الإدارة حيث لا تقوم سوى بأخذ المعلومات من الطلبة دون أي مجهود يذكر لمعالجة المشاكل المطروحة بسبب عدم اعتمادها على مختصين أكفاء في الميدان، حسب تصريحات عدة متضررين .
مشاكل جعلت الطلبة الناجحين يتخبطون بين الذهاب والإياب وبين «كود» لا يعمل، وجواب من الإدارة لا يشفي الغليل (غير سيرو دابا يتحل المشكل ) دون أن يعلم أحد متى وكيف سيحل هذا المشكل، علما أن هناك أجلا محددا للتسجيل في المنحة كما أن أغلب الطلبة يقطعون أكثر من أربعين كيلومترا، ولعدة مرات، متحملين بعد المسافة ناهيك عن تكاليف التنقل.
مشكل بُعد جامعة سطات عن طلبة السوالم والمناطق المجاورة لها خصوصا منطقة الطريفية والساحل اولاد احريز على مستوى حدود جماعات العاصمة الاقتصادية حيث المسافة لا تتعدى كيلومترات معدودة عن الدار البيضاء، دفع كل فعاليات المنطقة للتساؤل عن سبب عدم استقبال الطلبة بجامعة الدار البيضاء التي لا تبعد عن السوالم إلا حوالي 15 دقيقة، ولماذا يضرب نظام الجهة في الصميم بحرمان طلبة السوالم القريبة من البيضاء من جامعاتها ودفعهم نحو جامعة سطات التي تبعد عنهم حوالي 60 كلم، وهو ما يتسبب في عزوف هؤلاء عن متابعة دراستهم الجامعية بسبب مشاكل التنقل والإقامة خصوصا الطالبات اللواتي يفضلن هدر زمنهم الدراسي والتضحية بشهادة البكالوريا التي سهرن الليالي للحصول عليها.
الحواجز التي تنتصب أمام هؤلاء الطلبة تدفعهم للتخلي عن متابعة مسارهم الجامعي كرها ووأد أحلامهم المشروعة هم وأسرهم الذين يبتلعون مرارة الحيف، الذي يطال أبناءهم، دون أن يجدوا تطبيقا لشعار مدرسة الجودة الذي لطالما سمعوا به، أو أن يجدوه على أرض الواقع المعيش بمنطقة السوالم، التي تعرف مشاكل في التعليم لا تعد و لا تحصى وإكراهات أقلها الاكتظاظ الذي تعرفه المدارس، والتي يصل عدد التلاميذ في بعضها إلى 50 تلميذا في القسم من أصل 1500 تلميذ ببعض المؤسسات، بل إن حجرات دراسية لاتزال غير مرتبطة بالشبكة الكهربائية مع ما يعنيه ذلك من تضييع للزمن الدراسي حيث يضطر الأساتذة إلى توقيف الدراسة، خصوصا في أكتوبر، في الفترة المسائية قبل الساعة 18,30، وعلى الرغم من عدة محاولات لتوسعة بعض تلك المؤسسات وإضافة حجرات جديدة من أجل الرفع من طاقتها الاستيعابية إلا أن المشكل يتفاقم سنة بعد أخرى.
التعليم باعتباره النواة الأولى للنهوض بالمجتمعات والسبيل إلى التنمية الذاتية للمضي قدما نحو المستقبل الزاهر للأفراد والمجتمعات لا يمكن أن يجد سبيله الصحيح دون تظافر جهود جميع الإرادات لإخراجه من مطباته واختلالاته، ومدرسة ذات جودة لا يجب أن يبقى مجرد شعار تلوكه الألسن ويوضع على أبواب المؤسسات المدرسية بل يجب أن نراه على أرض الواقع لتهيئة رجل الغد بالمدن كما بالقرى، في ظل التحديات التي رفعتها بلادنا، وفي ظل ما يموج في هذا العالم من تحولات تتطلب مواطنا متعلما قادرا على مواجهتها، ولن يتأتى ذلك إلا بتوفير ظروف مواتية تنهض بمنظمتنا التعليمية وتقضي على الاختلالات والأعطاب التي تحيط بها من كل جانب، إن إكراهات التعليم بمنطقة السوالم ومشاكل الاكتظاظ والهدر المدرسي وغيرها تظهر الحاجة الملحة إلى إحداث مؤسسات جديدة على مستوى الابتدائي،الإعدادي والثانوي، خصوصا أن السوالم تعرف توسعا عمرانيا كبيرا فقد أصبحت مركز استقطاب لليد العاملة بفضل توفرها على منطقة صناعية ذات معامل ومصانع كثيرة، وهي عوامل يجب أن تدفع المسؤولين على قطاع التعليم في هذه المنطقة إلى العمل وبشكل استعجالي لإيجاد الحلول، التي تخرج التلاميذ وأسرهم وكذا أسرة التعليم من معاناتهم اليومية والظروف المزرية التي تتخبط فيها منطقة السوالم، وكذا التفكير الجدي في إلحاق طلبة هذه المنطقة بجامعة الدار البيضاء بهدف النهوض بالتعليم في المنطقة ورفع الحيف عن أبنائها.


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 10/10/2023