بسبب موجة الجفاف وندرة مياه السقي، زيت الزيتون بالرشيدية.. تراجع المحاصيل وأسعار تصل إلى مستويات قياسية

 

دقّ عدد كبير من المتتبعين للشأن الفلاحي، خاصة في الشق المتعلق بإنتاج الزيتون وما يليه من خطوات لتحضير زيته، ناقوس الخطر خلال الأيام الأخيرة، مشددين على أنه من المتوقع أن تحدث أزمة كبيرة داخل المزارع الخاصة بهذا المنتوج بإقليم الرشيدية، إذ عرف المحصول تراجعا كبيرا، بسبب درجات الحرارة المرتفعة التي اجتاحت الجنوب الشرقي للمملكة هذا الصيف، زيادة على موجة الجفاف الذي تضرب الإقليم والجهة للسنة الخامسة على التوالي، مما خلّف أنباء سيئة للغاية، إذ حذر فلاحون محليون يشتغلون في مجال صناعة زيت الزيتون من ارتفاع صاروخي في الأسعار ونقص كبير في العرض.
ويعرف موسم جني الزيتون بالرشيدية هذا العام، فتورا وقلقا غير مسبوقين، نظرا لضعف الإنتاج بل لانعدامه هذا الموسم. وتعود أسباب هذه الظاهرة غير المعتادة، إلى الجفاف الذي ضرب ويضرب الإقليم منذ سنوات، وإلى نضوب الآبار التي كان يسقي بها الفلاح، كما أن مياه سد الحسن الداخل بدورها قلت و فترت، ووصلت حقينته إلى أدنى المستويات منذ بنائه وتشييده سنة 1972، حيث تراجعت إلى أقل من 10 بالمائة.
نشاط عريق وجهود محدودة

يعد إنتاج الزيتون من أهم أنشطة الأعمال الزراعية بالرشيدية والإقليم، ويمثل 23 % من الناتج الإجمالي للزيتون في المغرب، وقد شهد هذا القطاع تطورا ملحوظا خلال العقدين الماضيين، مما أدى إلى توسع في الإنتاج رغم الظروف المناخية الصعبة.
لقد كان لإنتاج الزيتون بالرشيدية صيت إقليمي وجهوي ووطني في العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين، وكان التجار الذين يشتغلون في هذا المجال يحلّون بالرشيدية من فاس ومكناس لشراء المحصول الذي كان يعد بمئات الأطنان، حيث كانت المدينة تعج بالمروجين لهذا المنتوج، في الوقت الذي كان فيه كل الفلاحين المعنيين ومعهم عموم الأهالي يحتفلون بوفرة الإنتاج الذي يساهم في تنشيط دورة الرواج التجاري والاقتصادي.

معطيات رقمية وإكراهات

واقع، انقلبت تفاصيله اليوم رأسا على عقب بكل أسف، حيث تبخّر المنتوج وتبخرت معه أحلام الفلاحين الصغار الذين كانوا يمنّون النفس بالمحصول الوافر الذي يعدّ المرجع الحقيقي لمردودهم الاقتصادي الذي يسعون من ورائه إلى تحسين أوضاعهم المعيشية، وباتوا يجرون ورائهم آلام الجفاف والقحط الذي أصاب مزارعهم في كل من جماعتي مدغرة والخنك، والحال أنهما كانتا تزخران بإنتاج زيتي وافر، يجعل من الأهالي رواد في إنتاج زيت الزيتون ذات جودة عالية.
فلاحون يتطلعون اليوم إلى من يمد لهم العون ويقدم لهم الدعم لتجنيب حقول أشجار الزيتون الموت والاندثار، خاصة وأن أغلب هذه الحقول لا تتوفر على آبار ذات عمق كبير لاستخراج المياه الجوفية القادرة على السقي، في الوقت الذي يروج فيه حديث عن أن وزارة الفلاحة قد برمجت سبعة آبار عميقة لحفرها في مختلف مناطق الجماعتين، رغم أن الفعل كان متأخرا وكما يقولون « فوق ما جاء الخير ينفع»، خاصة إذا علمنا أن زراعة الزيتون تعتبر إحدى الركائز الأساسية للنشاط الفلاحي بالإقليم ، إذ تمتد إلى ما يقارب 10 آلاف هكتار، ويبلغ عدد الأشجار ما مجموعه 3 .2 مليون شجرة ( 13 في المائة من الثروة الجهوية)، كما أن معدل الإنتاج السنوي يصل إلى 144 ألف طن تقريبا، حسب الظروف المناخية وحسب ظاهرة التناوب التي تعرفها هذه الزراعة، وهو رقم يبقى دون مؤهلات المنطقة.
ارتفاع في الأسعار

وبالرجوع إلى الوضعية الحالية، فإنه من المتوقع أن تعرف أسعار زيت الزيتون في المغرب قفزة صاروخية، بحسب إفادات، فقد تراوح سعر اللتر الواحد ما بين 85 و100 في الأسواق المحلية والمساحات التجارية الكبرى، وذلك قبيل انطلاق موسم جني الزيتون مما دفع إلى تصاعد المطالب بوقف تصدير هذه المادة الحيوية بالنسبة للمغاربة. وجاء ارتفاع أسعار زيت الزيتون جراء عوامل عديدة على رأسها تراجع الإنتاج المحلي، نتيجة النقص الحاد الذي تم تسجيله في الموارد المائية في المناطق المنتجة، مما خفض مستوى التوقعات حول حجم المحصول الوطني من الزيتون.
وعلاقة بالموضوع، وحسب عدد من التصريحات من فاعلين في المجال، فإن المغرب ليس الدولة الوحيدة التي تعرف ارتفاعا كبيرا في أسعار زيت الزيتون، فغالبية الدول المتوسطية المنتجة لهذه المادة تعرف نقصا كبيرا على مستوى الإنتاج، مما انعكس سلبا على الأسعار التي عرفت ارتفاعات متزايدة علما بأن هذه الزيوت مخزنة عن الموسم الفلاحي الماضي، أي أنها أقل جودة لاسيما وأننا قبيل انطلاق موسم جني الزيتون، وهو ما يؤكد على أنه علاوة على العوامل المناخية فإن المضاربين لهم أيضا يد في رفع أسعار هذه المادة الحيوية للمغاربة.
وأمام هذه الأوضاع، بات لازما على الدولة اتخاذ إجراءات هامة للحد من ارتفاع أسعار زيت الزيتون في الأسواق الداخلية، وعلى وزارة الفلاحة أن تعلن وقف تصدير زيت الزيتون إلى الخارج، ليبقى العرض المحلي مع الطلب المتزايد على هذه المادة الحيوية عند عموم المغاربة.


الكاتب : فجر مبارك

  

بتاريخ : 17/10/2023