أقدم والي جهة الدارالبيضاء سطات أياما قبل توديعه لمنصبه، بعد تعيين الوالي امهيدية على رأس الولاية، على التأشير على برنامج عمل مجلس مدينة الدارالبيضاء، وهو البرنامج الذي ظل في رفوف مكتبه لشهور طويلة بعد أن صادق عليه المجلس، الذي كان ينتظر مصادقة الوالي لتنزيله، الغريب أن الوالي المغادر أشر على البرنامج بدون ملاحظات أو شروط كما فعل مع البرنامج التنموي لمجلس جهة الدارالبيضاء سطات، وجه الغرابة يكمن في عدة معطيات يعرفها كل متتبع للشأن المحلي البيضاوي، بل إن جزءا من الأغلبية المدبرة لشؤون الدارالبيضاء ترددت في التصويت على البرنامج المذكور وسجلت ملاحظاتها، وصوتت بدافع سياسي هدفه الحفاظ على التحالف المسير للجماعة ليس إلا، من الملاحظات الأساسية أن ” الباك” من أجل تنفيذه كاملا يتطلب حقيبة مالية تفوق 4000 مليار سنتيم، كما يضم مشاريع تعتمد على اتفاقيات مع وزارات ومؤسسات وطنية وخاصة، دون أن يقدم المجلس وثائق تلك الاتفاقيات موقعة من الأطراف الأخرى، ثم إن جماعة أكبر مدينة في المغرب تعاني من عجز مالي كبير ونسبة مشاركتها في ما خطته في البرنامج تتجاوز 10 في المئة، وهو أمر لا يستقيم، الجميع اعتقد بأن الولاية تأخرت في التأشير لأنها تحاول إعادة دراسة مابين يديها أو ربما ستسهم في مقترحات حلول لإمكانية تنزيل البرنامج،علما أن الرهان الذي ارتكز عليه برنامج عمل جماعة الدارالبيضاء هو الغرض البيئي، بذلك خصص 1000 مليار لجعل المدينة ومحيطها يستجيبان للمعايير الدولية المعمول بها في هذا المجال، استجابة للهدف الأسمى ألا وهو تحويل الدارالبيضاء إلى عاصمة للمال والأعمال، لذلك جعل البرنامج من أولى أولوياته إحداث مطرح للنفايات بمواصفات عالمية تستجيب للشرط البيئي، وسيكون هذا المطرح هو عماد المشروع البيئي الذي سيرخي بظلاله على كافة تفاصيل المشاريع البيئية التي ستتخلل المدينة، ويعلم الوالي المنتهية ولايته، أكثر من غيره، بأن وزارة الداخلية التي ينتمي إليها كانت قد رفضت العقار المقترح من طرف مجلس المدينة لإحداث هذا المطرح، لأن تصميم التهيئة للمجاطية، حيث سيقام، خصص العقار المقترح لمشاريع أخرى غير مطرح لنفايات العاصمة الاقتصادية، وهو سبب كاف ليكون للوالي رأي آخر في البرنامج، ثم إنه يعلم أيضا أكثر من غيره بأن الوضعية العامة لخزينة جماعة الدارالبيضاء لا ترقى لرفع الرهانات التنموية وتمويل ما تم خطه في البرنامج، بذلك يمكن للتساؤلات أن تتناسل، لماذا تم التأشير الآن وليس قبلا ؟ فالمشرع يفرض على الجماعات أن توفر برامج عملها في السنة الأولى من ولاية تدبيرها، هذا المجلس دخل سنته الثالثة، ألا يعد هذا هدرا للزمن التدبيري ؟ ثم إن البرنامج الذي ظل في حالة عطالة في رفوف الولاية رسم خارطته من 2023 إلى 2028، وها قد مرت السنة الأولى دون حرف من هذا البرنامج، والآن ميزانية سنة 2024 قد تمت المصادقة عليها قبل أسبوع، بمعنى أن أي مشروع متضمن في برنامج العمل يدخل ضمن هذه الميزانية، وهو ما يعني أن البرنامج لن يبدأ حرف ألفه حتى سنة 2025، ماعدا إذا التجأت الجماعة إلى التحويلات المالية، لتظل في المسار القانوني الذي يفرض عليها تنزيل أشطر البرنامج، لكن ثمة معضلة أخرى، فالقانون لا يسمح لها بأن تتعدى 20 في المئة من مجمل التحويلات، المشكلة الأعوص هي أن مسؤولي المدينة أعلنوا بأن لها عجزا ماليا في هذه السنة يصل إلى 130 مليار سنتيم، عليها أن تتوفر عليه قبل متم السنة الحالية، ولا داعي للتذكير بأن سنة 2026 ستكون سنة انتخابية حيث ستكون الاستحقاقات البرلمانية، وفي السنة الموالية ستكون هناك الانتخابات التشريعية، فمتى سيتم تنزيل برنامج العمل هذا الذي إذا ما استعملنا المنطق هو برنامج عمل لسنتين فقط وليس لولاية، معضلة أخرى تضاف إلى طاولة الوالي الجديد محمد امهيدية، الذي سيكون عليه تحمل تبعات هذا الإرث كالبحث عن سبل لتمويل ما رسم في البرنامج المعطل الذي لا يد له في تأخيره وحجم الأحلام المستعصية التي تتخلل أوراقه !
في خطوة مفاجئة… الوالي حميدوش المنتهية ولايته يفرج عن برنامج عمل الدارالبيضاء

الكاتب : العربي رياض
بتاريخ : 01/11/2023