طالبوا من مكناس باعتماد الحلول القائمة على الطبيعة
انطلاقا من الاهتمام الذي توليه جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض، والائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، لكل ما هو بيئي، محليا ووطنيا، تم بمكناس تنظيم لقاء دراسي تواصلي حول موضوع «الحلول القائمة على الطبيعة»، ساهم في تنشيطه ممثلون عن الوكالة الوطنية للمياه والغابات، ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وجهة فاس مكناس، والوكالة الفرنسية للتنمية، بالإضافة إلى مجموعة من المتدخلين عبر تقنية «زووم» من إسبانيا وفرنسا، فضلا عن متدخلين محليين وجهويين ووطنيين.
وشكّل اللقاء مناسبة لطرح العديد من القضايا المرتبطة بالإجهاد البيئي المدمر للمجالات الطبيعية، برا وجوا وبحرا، بسبب مستويات التلوث العالية الناتجة عن الفحم الأحفوري، واستعمالات البترول، ومخلفات الصناعات، وغزو البلاستيك للمسطحات المائية والبرية، بالإضافة إلى ارتفاع مستويات الاحتباس الحراري الذي يؤثر سلبا على مناخ الكرة الأرضية وعلى المناطق الرطبة، مما يتسبب في حدوث العديد من الكوارث الطبيعية بمختلف المناطق بكوكبنا.
وأجمعت مداخلات المختصين البيئيين المهتمين بالتغيرات المناخية وطنيا ودوليا على أهمية مقاربة الحلول القائمة على الطبيعة، وعلى مبدأ مشروع المرونة للحدّ من هشاشة النظم البيئية، من خلال إدماج البعدين الاقتصادي والاجتماعي مع البعد البيئي، معتبرين أن تبادل وتقاسم الخبرات والدراسات هو أساسي لمعالجة الاختلالات وللحدّ من الأخطار المهددة للحياة وللتنوع البيئي بكوكبنا الأرضي، بسبب التدمير المتنامي والخطير الذي طال المجالات الغابوية، خصوصا بالبرازيل التي تعتبر غاباتها رئة العالم، ناهيك عن ملايين الأطنان من البلاستيك التي غزت محيطاتنا ومجالاتنا الحياتية والبيئية بسبب الإفراط في الاستعمالات العشوائية والاستغلال اللا معقلن للمواد البلاستيكية.
وشكّلت المداخلات الترافعية العميقة خلال هذا اللقاء، مناسبة لتقاسم الخبرات والمعارف العلمية وتملكها على مستوى التجارب والمخرجات والتصورات والاقتراحات، الهادفة إلى صيانة محيطنا البيئي المتسم بالهشاشة وسرعة التدهور والتدمير والاندثار الذي طال ويطال مختلف المجالات والأوساط البيئية، حيث تم طرح العديد من الاقتراحات واستعراض التجارب المرتكزة على الدراسات، المرتبطة أساسا بتعميق الوعي الجمعي للحد من الاستغلال والتدمير الجائر للتنوع البيئي كونيا مما ينعكس سلبا على جودة الحياة، حيث أكد في هذا الإطار، عبد الرحيم الكسيري رئيس جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب، على أن الوضع يتطلب بذل الكثير من الجهود واتخاذ العديد من القرارات ضد كل أشكال الهدر والتدمير والإجهاد البيئي الذي يضع الجميع أمام مستقبل منذر بالعديد من التحديات التي تحوط الوسط البيئي، وترهن حاضر ومستقبل الحياة على الكرة الأرضية للمجهول، بسبب الصراعات التي ستترتب عن السيطرة على مصادر المياه والطاقة والتغذية والموارد الطبيعية.
وأسفر هذا اللقاء عن العديد من التوصيات، ومن بينها ضرورة إعطاء الأولوية القصوى للحلول القائمة على الطبيعة في مواجهة المشاكل الكبرى بالوسط الحضري على مستوى ندرة المياه وتلوثها وارتفاع درجة الحرارة وتدبير النفايات الصلبة وتلوث الهواء وضعف جودة الحياة، والتنبيه إلى مشكل توحل السدود والكوارث الطبيعية المرتبطة بالفيضانات وحرائق الغابات وانعكاساتها السلبية اجتماعيا وبيئيا، مع الدعوة إلى تقوية البحث العلمي الجامعي على مستوى الابتكار والاستكشاف خصوصا على مستوى الهندسة الايكولوجية، والحث على اعتماد أسس التكيف والمرونة والمقاومة في مواجهة الأزمات المناخية والبيئية وتآكل التنوع البيولوجي، إلى جانب استعجالية إدماج آثار الكوارث الطبيعية في كل الاستراتيجيات والبرامج والمشاريع الترابية والقطاعية والمخططات الجهوية وبرامج الجماعات الترابية، والرفع من وعي المواطنين وصناع القرار على كافة المستويات بأهمية صيانة وحماية الأوساط البيئية عبر مبادئ الحلول القائمة على الطبيعة. وقد اختتمت أشغال اليوم الدراسي الوطني بتشكيل شبكات من منظمات المجتمع المدني على مستوى جهات في إطار مشروع المرونة، للحد من هشاشة المجتمعات والنظم البيئية المتنوعة على مستوى الغابات والمناطق الرطبة والواحات والسواحل.