فعلا، حالة فريق النجم الرياضي البيضاوي للكرة الطائرة وفرق رياضية أخرى تمثل المدينة والجهة في دوريات كبرى، هي أكبر إدانة للتدبير الرياضي داخل مجلس مدينة الدارالبيضاء وأيضا داخل مجلس جهة الدارالبيضاء سطات .
في صمت، انسحب فريق وفاء البرنوصي وأيضا فريق الاتحاد البيضاوي من الدوري الممتاز لكرة الطائرة، لا لشيء سوى أنهما لم يجدا أي دعم من المجالس المنتخبة داخل العاصمة الاقتصادية، وعلى رأسها جماعة الدارالبيضاء وجهة الدارالبيضاء سطات ، أما مجلس العمالة فلا أحد يعلم لأي شيء هو كائن أصلا .
الناديان أعياهما طرق الأبواب وعدم الاكتراث عند الطرف الآخر ، ليخلعا الأقمصة ويرحلا بأبدان لاعبيهما وأطقمهما للارتكان كل في منزله، في انتظار ” يصوب الله ” للأجيال القادمة .
اليوم، يخوض فريق النجم الرياضي البيضاوي الكائن بمنطقة الحي الحسني، والمعروف شعبيا باسم فريق النسيم، نفس المعركة السيزيفية التي أحبطت الفريقين السابقين، فالنسيم الذي أسس في سنة 2016 تمكن بفضل نضال لاعبيه وطاقمه التقني أن يتدرج في جميع الأقسام ليتمكن في ماي الماضي من خوض البطولة، التي ستجعله يلتحق بالدوري الممتاز ، أكيد من المفروض أن يكون هذا الإنجاز مفرحا لمجلس مدينة الدارالبيضاء ولمجلس جهة الدارالبيضاء ، أخيرا هؤلاء الشبان الذين لا يتقاضون أي تعويض مادي ولا يتوفر فريقهم على أي داعم أو مصدر مالي ، سيجدون بعد طول عناء من سيحتضن بمعيتهم فرحهم ويلتفت لحال ناديهم، المصيبة أن الأيام ستثبت لأولئك الشبان بأن لا أحد يعرفهم أو له علم بما أنجزوه داخل إدارة المجلسين، وحتى إذا قمت باستطلاع للرأي داخل المجلسين وسألت القابعين في كراسي تلك البنايات، أعتقد أن لا أحد منهم سيعرف اسم هذا الفريق.
يحكي رئيس الفريق بأن البطولة التي قادتهم إلى الدوري الممتاز ، احتضنتها مدينة مراكش لمدة ثلاثة أيام، وهو ما يتطلب توفير إقامة ومأكل ومشرب ومصاريف كبيرة على طاقة النادي، حاول الرئيس جاهدا أن يقنع مجلس المدينة والجهة بأهمية المحطة وبأن الأمر يتعلق بوجه المدينة والجهة، لكنه لم يقابل إلا بالصد، وكأن لسان حال المؤسستين يقول له ” وا تا سييير بقيتوا لنا ع انتوما ” ، الطريق المسدود سيدفع به وهو المضغوط بالوقت لأن البطولة ستبدأ وهو لايزال يبحث عن مساعدة، بأن يتجه إلى مقاطعة الحي الحسني، الأخيرة بعد جهد مضني ستمنحه “بونا” من المازوط بقيمة 500 درهم، وعلى مضض منحته أقمصة ربما كانت مركونة في مخزن ما لمناسبة ما، لكي يستبدل بها اللاعبون أقمصتهم الرسمية التي لا يجوز أن يعاودوا بها اللعب إن تبللت بالعرق إذ من المفروض أن يتم غسلها … مع ذلك ومع كل هذه الصدمات سيفوز الفريق بالبطولة المؤدية للدوري الممتاز، وهو دوري لم يزد النادي إلا أعباء جديدة، لأن الجامعة التي لا تقدم للأندية أية منحة لأن القانون يحرم عليها ذلك، وبذلك فهي لا تساعد إلا بليترات في المازوط، يفرض على الفرق التي تخوض الدوري الممتاز أن تتوفر على الفئات العمرية وفريق نسائي مع القيام بالتكوين، عدد هذه الفئات يصل إلى 7 وهو ما يتطلب قاعة ومصاريف إضافية، المضحك أن حتى حصص التدريب داخل القاعة هي بمقابل مادي يصل إلى 300 درهم للحصة، ما يدفع الفريق إلى توسل القاعات وفي الوقت الذي يكون فيه الجو مناسبا يقصد البحر للتمرين ومعظم المباريات التي خاضوها لم تسبقها تداريب، يقول الرئيس إن الدعم الوحيد الذي حصل عليه فريقه كان في سنة 2018 ولم يتجاوز 19 ألف درهم، وهو المطالب بخوض المباريات في مجمل مدن المغرب، تقدم بطلب منحة لمجلس المدينة، وكانت مفاجأته كبيرة فقد خصص له هذا المجلس العتيد 30 ألف درهم، مثله مثل أي جمعية محلية تقوم بالأنشطة في دارالشباب، العجب العجاب هو أن حتى هذه المنحة لم يتوصل بها فريقه ، نظرا لإجراءات إدارية، شهور وهو ينزل ويصعد في سلاليم بناية المجلس بحثا عن مخاطب لكنه فشل، ولا يسمع إلا صدى أجوبة من مثل ، ” يمشيوا يتسلفوا ” ، هذه المنحة كان يعول عليها النادي ليباشر المعركة الجديدة في الدوري الممتاز، لكنه اضطر أمام هذا الجحود أن يطلب تأجيل انطلاق الدوري الذي من المفروض أن ينطلق الأسبوع الفائت إلى منتصف الشهر القادم، بالمناسبة فالنسيم هو الفريق الوحيد الذي يمثل الدارالبيضاء في هذه الرياضة، وهو ثاني فريق إلى جانب زناتة عين حرودة يمثل جهة الدارالبيضاء سطات…
هذه القضية تبين البؤس التدبيري لقطاعنا الرياضي، وتسلط الضوء على المعايير المعتمدة لتوزيع المنح داخل المجالس المنتخبة مع الافتقار الفاضح لدى المجالس لاستراتيجية موفقة لتدبير الشؤون الجمعوية؟ !
بؤس التدبير الرياضي بمدينة الدارالبيضاء .. ” بون ” من المازوط بقيمة 500 درهم للفوز ببطولة كرة الطائرة؟؟
الكاتب : العربي رياض
بتاريخ : 08/11/2023