تكريم المخرج المغربي فوزي بنسعيدي والممثل الدنماركي مادس ميكلسن
اختار «المهرجان الدولي للفيلم بمراكش»، في دورته الـ20 (من 24 نونبر إلى 2 دجنبر المقبل، تكريم قامتين سينمائيتين لهما بصمة خاصة في مجال السينما، ويتعلق الأمر بالممثل العالمي الدنماركي مادس ميكلسن، والمخرج المغربي فوزي بنسعيدي، الذي تتميز أعماله السينمائية بلغة خاصة، يمتزج فيها الطرح الجمالي بالمقترح الميتاسينمائي، وأيضا بالانفتاح على المتناصات الفيلمية التي أثرت في الرؤية الإخراجية لهذا المبدع الاستثنائي.
وإذا كان ميكلسن من بين الممثلين الأكثر شهرة وتنوعا في السينما المعاصرة، وذلك من خلال أدواره الفارقة، سواء في السينما الدانماركية، مثل فيلم «After the Wedding» للمخرجة «سوزان پيير» الذي ترشح لجائزة الأوسكار، وفيلم «A Royal Affair» للمخرج «نيكولاچ آرسيل»، وفيلم «The Hunt» للمخرج «توماس فينتربيرج» والذي فاز عنه «ميكلسن» بجائزة أفضل ممثل في «مهرجان كان السينمائي» سنة 2012، أو في أدواره التي جعلت منه ممثلا عالميا يحظى بتقدير النقاد والمتابعين، كما حظي بانتباه المخرجين العالميين، إذ يتمتع مادس ميكلسن بشخصية كاريزمية للغاية، كما ينغمس دائمًا في شخصياته ويأسر الجمهور بمظهره وأدائه الجسدي، كما يفعل في أحدث أفلامه «Bastarden» المترجم إلى «The Promised Land».. فإن فوزي بنسعيدي من جانبه يتميز بحضور أخاذ على مستوى الرؤية الإخراجية. فهو «مؤلّف رائد في السينما المغربية، وأحد أبرز ممثّليها على الصعيد العالمي؛ كما سجّلت أفلامه حضوراً دائماً في أكبر المهرجانات، من «كان» إلى «برلين»، مروراً بـ»تورونتو» و»البندقية». مبدع في فنّ السخرية الشاعرية، ينجز بثبات كبير وثقة عالية عملاً رائعاً ميزته التفرّد والعمق الإنساني».
ويكفي أن يكون فوزي بنسعيدي هو مبدع «يا له من عالم رائع» ليستحق هذا التكريم؛ وهو الفيلم الذي قدم فيه معالجة فيلمية تتأسس على «الميتاسينما»، حيث تصبح السينما مجرد تركيب للحدث الفيلمي، تفكيكا وتحليلا ودراسة نصية، وحيث يتجه النقد نحو الإبداع وليس العكس، نهوضا على وضع المحكي أمام مرآة تعكس محكيات أخرى وتتقاطع معها، وعلى لعبة كشف «المرجعيات/ المشاهدات» وإدخالها في علاقات جديدة. وبذلك، تصبح المادة الحكائية (المضمونية)، في العمق، مجرد تطعيم وإضاءة لفكرة نقدية، بل تحيزا لاختيارات جمالية بعينها دون الأخرى.
إن فيلم «يا له من عالم رائع»، الذي أثار الانتباه إلى فوزي بنسعيدي كمخرج مغربي يغرد خارج السرب، يؤسس لمقاربة نقدية سيميائية مختبرية، لا تبحث في الفيلم عن المخرج أو المؤلف فقط، بل عن «السينما» كعلامة تتحكم في تشكيل الحدث الفيلمي، وفي تأثيث أرضية هذا الحدث بالألاعيب التي تعطي أبعادا إضافية للشخصيات ولحركتها داخل الفضاء الفيلمي. ولعل هذا ما يطرح مشكلا على مستوى التلقي «غير السينيفيلي»، ذلك أن نجاح التلقي يتأسس بالدرجة الأولى على إدراك الدوال (الإشارات/ الرموز/ الأيقونات)، خاصة أن سؤال «ماهية السينما» هو السؤال الضمني الذي يطرحه الفيلم، أما المعنى فلا يتحقق إلا عبر المتلقي النموذجي (السينفيلي).
يقول فوزي عن تكريمه: «مراكش مدينة بألف حكاية، والمهرجان إحدى هذه الحكايات. فخور لعرض جميع أفلامي هنا، وممتن للوفاء والصداقة. أشعر بالسعادة والتأثّر بينما أحظى بالتكريم في بلدي، وأتطلّع لمشاركة فيلمي الأخير (الثلث الخالي)، الذي أنجزته أيضاً من ألف حكاية وحكاية، مع الجمهور».
إلى ذلك، من المتوقع أن يقدم المهرجان، ضمن فعاليات الدورة الحالية، فقرة «حوار مع…» التي ستستضيف 10 شخصيات من القارات الخمس لعرض حكايات مشوّقة وفتح نقاش حول رؤيتهم للسينما وممارساتهم المهنية، فيتبادل الممثلون والسينمائيون وكتّاب السيناريو والمنتجون خبراتهم بحرّية مع الجمهور.
يقول المنظمون إنّ حوارات هذه السنة «غنية ومشوّقة»، وتشمل: الممثل والمخرج الأسترالي سيمون بيكر، والمخرج المغربي فوزي بنسعيدي، والمخرج الفرنسي برتراند بونيلو، والممثل الأميركي ويليم دافو، والمخرج والمنتج الهندي أنوراغ كاشياب، والمخرجة اليابانية نعومي كاواسي، والممثل الدنماركي مادس ميكلسن، والممثل والمخرج الأميركي – الدنماركي فيجو مورتنسن، والممثلة الاسكوتلندية تيلدا سوينتون، والمخرج وكاتب السيناريو الروسي أندري زفياجينتسيف.
ويتبارى حول جوائز المهرجان 14 فيلماً؛ 10 منها هي الأولى لمخرجيها، و8 من توقيع مخرجات، تمثل 13 دولة، هي: الولايات المتحدة، ومنغوليا، وتركيا، والبرازيل، وتشيلي، وكولومبيا، والبوسنة والهرسك، وكوسوفو، وبريطانيا، ومدغشقر، والمغرب، والسنغال، وفلسطين. بينما تترأس الممثلة والمنتجة الأميركية الحائزة جائزة «أوسكار» جيسيكا شاستين لجنة التحكيم التي تضمّ الممثلة الإيرانية زَر أمير، والممثلة الفرنسية كامي كوتان، والممثل والمخرج الأسترالي جويل إدجيرتون، والمخرجة البريطانية جوانا هوك، والمخرجة الأميركية دي ريس، والمخرج السويدي- المصري طارق صالح، والممثل السويدي ألكسندر سكارسغارد، والكاتبة الفرنسية- المغربية ليلى سليماني.