المهدي المنجرة مرجع للدول العربية والدولية في القضايا السياسية والعلاقات الدولية والدراسات المستقبلية

شخصية اليوم في هذا الملحق الجهوي هو المهدي المنجرة ، الاقتصادي  وعالم الاجتماع  المغربي  المختص  في  الدراسات المستقبلية.
يعتبر المنجرة أحد أكبر المراجع العربية والدولية في القضايا السياسية والعلاقات الدولية والدراسات المستقبلية، عمل مستشارًا أولًا في الوفد الدائم للمغرب بهيئة الأمم المتحدة بين عامي 1958 و 1959، وأستاذًا محاضرًا وباحثًا بمركز الدراسات التابع لجامعة لندن (1970).
ولد المهدي المنجرة سنة 1933 في حي «مراسا» الموجود خارج سور المدينة العتيقة للرباط، لأسرة ترتبط أصولها بالسعديين، وكان والد المهدي، محمد المنجرة، أحد التجار المغاربة في الثلاثينات، الذي كان السفر جزءاً من مهنته.
درس المنجرة بثانوية ليوطي بالدار البيضاء منذ سنة 1944 حتى سنة 1948. وبعد أن حصل على الباكالوريا، أرسله والده للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان يؤمن بأهمية التعددية في التكوين، فبدل إرسال أبنائه  لفرنسا كما كان يفعل جل المغاربة، فضل بعثهم لسويسرا والولايات المتحدة. التحق المهدي بمؤسسة بانتي، ثم التحق بجامعة كورنل وتخصص في البيولوجيا  والكيمياء. غير أن ميولاته السياسية والاجتماعية دفعته إلى المزاوجة بين دراسته العلمية من جهة، والعلوم  الاجتماعية والسياسية من جهة ثانية، وكان لإقامته في الولايات المتحدة دور بارز في ميوله للعمل الوطني والقومي. ومن هذا المنطلق كان انشغاله بمكتب الجزائر  والمغرب  بالأمم المتحدة، كما تحمل رئاسة  رابطة  الطلاب العرب. وبعد رفضه التجنيد الإجباري الذي كان مفروضا آنذاك على كل حاملي  البطاقة الخضراء، حيث رفض المشاركة في الحرب الكورية، اختار أن يغادر إلى لندن سنة 1954  لمتابعة  دراسته العليا بكلية لندن للاقتصاد حيث قدم أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه حول موضوع «الجامعة العربية، البنية والتحديات».
وفي سنة 1957 عاد إلى المغرب  ليعمل أول أستاذ محاضر مغربي بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس، وتولى في هذه الفترة إدارة الإذاعة والتلفزة المغربية بعد أن عينه الملك محمد الخامس على رأسها. وعُرضت عليه مناصب وزارة المالية والوزارة الأولى في الحكومة المغربية، لكنه رفض بحجة التفرغ للثقافة والبحث العلمي، حيث عُرف بمواقفه المعارضة لسياسة الملك الراحل  الحسن الثاني رغم أنه كان زميله في الدراسة، وتعرض لهذه الأسباب للمنع من إلقاء المحاضرات في المغرب.
وقد كان مهتماً بالعلوم المستقبلية، وأسس سنة 1924 نادي الطيران، وهو أول ناد عربي مختص في الطيران. وحسب المهدي المنجرة فقد طار على متن الطائرة مسافات مجموعها 5 ملايين كيلومتر، ويقول «وبهذا أكون قد أمضيت معظم عمري طائرا».
اختير المنجرة للتدريس في عدة جامعات دولية بفرنسا وإنكلترا وهولندا وإيطاليا واليابان، وشغل باليونسكو  مناصب قيادية عديدة (1961-1979).  هو خبير خاص للأمم المتحدة للسنة الدولية للمعاقين (1980-1981)، ومستشار مدير مكتب العلاقات بين الحكومات للمعلومات بروما (1981-1985)، ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة لمحاربة استهلاك المخدرات.
كما أسهم في تأسيس أول أكاديمية لعلم المستقبليات، وتَرأّسَ بين 1977 – 1981 الاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية. وهو عضو في أكاديمية المملكة المغربية،  والأكاديمية  الإفريقية للعلوم  والأكاديمية  العالمية للفنون والآداب، وتولى رئاسة لجان وضع مخططات تعليمية لعدة دول أوروبية.
حاز على العديد من الجوائز الدولية والوطنية، من بينها وسام الشمس المشرقة الذي منحه له امبراطور اليابان.
يتمحور فكر المنجرة حول تحرّر الجنوب من هيمنة الشمال عن طريق التنمية وذلك من خلال محاربة  الأمية  ودعم البحث العلمي واستعمال  اللغة الأم، إلى جانب دفاعه عن قضايا الشعوب المقهورة وحرياتها،  ومناهضته للصهيونية ورفضه للتطبيع، وسخر المنجرة كتاباته ضد ما أسماه بـ»العولمة الجشعة».
وألّف المهدي المنجرة العديد من الدراسات في العلوم الاقتصادية والسوسيولوجيا وقضايا التنمية، أبرزها «نظام الأمم المتحدة»   (1973)  و»من المهد إلى اللحد» (2003) و»الحرب الحضارية الأولى» (1991) و»الإهانة في عهد الميغا إمبريالية» (2003).


الكاتب : عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 25/11/2023