في ندوة «أزمة السياسة في مغرب اليوم: الأسباب والمآلات »

بنعبد الله: إلى متى يمكننا أن نستمر هكذا؟

جماهري:أزمة السياسي تتمثل في ازمة تصريف التوافقات الكبرى

عبد الجبار الرشيدي:فاعلون في وسائل التواصل الاجتماعي أصبحوا زعماء

كريم التاج : هناك إرادة ممنهجة لمحاصرة الفاعل السياسي

 

 

افتتح محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ندوة : « أزمة السياسة في مغرب اليوم: الأسباب والمآلات « بمناسبة الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب، بدعوة القوى السياسية بالمغرب إلى وضع مقاربة مشتركة لما يحدث في الساحة السياسية، داعيا إلى أن «نضربوا الفكَد في راسنا» .
وأضاف بنعبد الله : «علينا أن نضع النقط على الحروف، لأن المسار السياسي يسائلنا جميعا، ولأن هناك أزمة سياسة وأزمة ممارسة سياسية، التي لا يمكن لأحد أن ينكرها «.
«إن ما يقع في التعليم يفرض، كما قلت نضربو لفكد، وأن نسائل ذواتنا، وأن نسائل الدولة هل يمكن الاستمرار هكذا؟».
وشدد بنعبد الله على أن السنوات الثلاث المقبلة، التي تسبق الاستحقاقات الانتخابية، تفرض أن يكون هناك عدد من الإصلاحات والمبادرات لمصالحة المغاربة مع السياسة.
وأعرب بنعبد الله عن رغبته في مواصلة هذه المبادرة والاشتغال مع آخرين، سواء كانوا سياسيين أو مدنيين أو نقابيين، للرجوع إلى شيء نؤمن به، وهو البلورة السليمة لمضامين الدستور. وقال الأمين العام للتقدم والاشتراكية إن هذه الأفكار تمت «مناقشتها مع الصديق العزيز الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر».
بعد ذلك تم تسيير الندوة من طرف الصحفي يونس مسكين بطرح الأسئلة على المحاضرين الثلاثة عبد الحميد جماهري، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، وكريم تاج، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، و عبد الجبار الرشيدي عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، بحضور قياديين من حزب الاتحاد الاشتراكي : إبراهيم رشيدي، محمد شوقي، عبد المقصود الراشدي، بالإضافة إلى قيادات أحزاب التقدم والاشتراكية والاستقلال وحزب العدالة والتنمية .
في توصيفه لواقع السياسة اليوم، أكد عبد الحميد جماهري أن « الذين ربحوا الإصلاحات الكبرى ليسوا هم من ربحوا الانتخابات وعليه فإن الذين دافعوا عن الإصلاحات الدستورية ، ليس هم من حكموا بعد دستور 2011، وخسروا الانتخابات، بالرغم من أن هناك توافقات كبرى، فحيثما توجد السياسة وتمارس السياسة ، هناك توافقات.فالدولة الاجتماعية فيها توافقات، الأسرة والمرأة ، الجهوية، النموذج التنموي فيهتوافقات ، لكن المفارقة المغربية الحقيقية والاستثناء المغربي هو كيف تكون هناك توافقات كبرى وتسويات تاريخية ، في حين نجد هناك أزمات في الممارسة السياسية وفي ما يتعلق بتدبير القرار السياسي والاجتماعي، أزمة السياسي اليوم تكمن في تصريف التوافقات المجمع عليها وهذا أحد أهم مظاهر الأزمة السياسية» .
وأضاف جماهري عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية،» أن الحقل السياسي تم إغلاقه من الحكومة إلى أدنى حلقة، وهي الجماعات الترابية، موردا بأن هوامش التعبير تظل منعدمة، وأصبحنا نعيش في المغرب مشكل الوساطة، والذين أوكلت لهم الوساطة من بعد 2011 ما بين الساكنة والتمثيلية المحلية والجهوية أظهروا عجزا، ورغم ذلك استمرت الوساطة بشكل أو بآخر ، وأضيف إليها ما أسميه « زنا المحارم الديمقراطية «. يجب أن نؤمن بأننا صارعنا من أجل اقتسام السلطة إلى أن تحقق ذلك في الدستور، ونجحنا فيه نسبيا . أما الثروة فلم يحدث فيها نفس الشيء، والدولة الاجتماعية الى حد ما، مطروح فيها تقسيم الثروة بشكل مقبول، ويجب توزيعها بشكل اجتماعي مقبول يساهم فيه أصحاب الثروة في التضامن وهذا ما لا نجده في قانون مالية 2024».
وأضاف عضو المكتب السياسي: «هناك إلحاح على الفعل الأخلاقي للدولة في خطب جلالة الملك، وهناك الحاجة بالفعل إلى قاعدة للقيم التي تؤطر عملنا».
واسترسل جماهري في توصيف الوضع السياسي بالقول:» لا أعتقد أن هناك حزباسياسيا لم يقم بجلد نفسه، هناك نقد ذاتي عند الجميع، وأن أزمة الثقة مدخل أساسي، والدليل على ذلك شعار النموذج التنموي « من أجل دولة قوية لمجتمع قوي»، حيث أن الدولة لا تتقوى إلا بقوة المجتمع، لكننا في المقابل نجد (كلمة الثقة ذكرت33 مرة وأزمة الفساد ذكرت 5 مرات) .هناك متطوعون وحركات في المجتمع و حركات احتجاجية وتعبيرات سياسية ، لكن الذي حدث هو أنه تم نزع الطابع الانتخابي عن الالتزام السياسي، اليوم هناك حقل سياسي غير مكتمل، هناك ثورة سياسية موجودة لكننا لا نسميها . تتفاوض وتقدم عروضا سياسية ويمكن التجاوب معها . نحن بلد نجر معنا ستين سنة من الاستقلال، لكننا لحد الساعة، في كل فترة انتخابية، ما زلنانغير القوانين ، يجب الالتزام بقواعد لعب واضحة، لنفرز قوة تعبر عن المجتمع» .
وختم جماهري بالقول إنه «يجب إعادة تنشيط التمايز، لا بأس من التوافق في بعض القضايا، في الانتخابات والمشاريع. يجب أن نميز ما بين اليسار واليسار المتطرف واليمين واليمين المتطرف، لكي تكون هناك قاعدة، ولنا في التجربة الإسبانية أبلغ درس، أي أنه يجب أن تكون هناك هوية سياسية « .
من جهته أكد عبد الجبار الرشيدي أن الديمقراطية تراجعت في العالم، بما فيه الدول العريقة، حيث سجل مؤشر الثقة لسنة 2001 انخفاضا عاما في ما يتعلق بـالحكومة والأحزاب السياسية والبرلمان، في حين نجد منسوب الثقة عاليا في الأمن، ولهذا فإن الأزمة السياسية ليست إنتاجا مغربيا خالصا .
وأضاف عضو المكتب التنفيذي أن الأيديولوجية تراجعت معبروز فاعلين جدد في وسائل التواصل الاجتماعي أصبحوا زعماء، وانبرت في المقابل مؤسسات تعويضية هي التي تقوم اليوم بالحركات الاجتماعية. ومن هنا يجب إعادة العلاقة بين الدولة والأحزاب السياسية والكف عن تبخيس العمل السياسي، وتمكين الأحزاب من لعب دورها الحقيقي باستقلالية .
وختم الرشيدي تدخله بالقول إن على الأحزاب التقليدية أن تعيد لعب دورها بتمكين من وسائل الأعلام العمومي.
من جهته، شدد كريم التاج، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، على أن الفاعل السياسي تمت محاصرته وتجريفه وتم إغلاق مجال الإعلام العمومي في وجهه ومع ذلك بقي يقاوم لوحده، وتسائلنا الذات على أن نعيد القدرة على المقاومة كما كانت في السابق .
وشدد القيادي في التقدم والاشتراكية على أننا «أصبحنا غائبين عن الفضاءات العامة، وفقدنا أذرعنا في المجتمع في واقع لا يرتفع ، واقع صراع طبقي، وفي سياق مرحلة تتسمبإرادة ممنهجة لمحاصرة الفاعل السياسي».


الكاتب : مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 30/11/2023