بعد اتخاذ المكتب المسير للجماعة قرارا ضد رغبة المواطنين

خرج سكان مدينة فجيج عشية يوم فاتح شهر دجنبر 2023، في ثاني أكبر مسيرة احتجاجية للتعبير عن رفضهم القاطع لتفويت قطاع مياه الشرب لما يسمى بـ «شركة مجموعة الشرق للتوزيع الجهوية»، ومما زاد في عدد المشاركين في هذه المسيرة، خطوة الإضراب العام، التي دعت إليها التنسيقية المحلية للترافع على قضايا المدينة، إذ عرفت انخراطا وازنا للتجار وأرباب المطاعم والمقاهي والصناع من مختلف المهن والصيدليات، كما انضم إليها أيضا أرباب شاحنات نقل الرمال بشكل تضامني.
وكان مجلس جماعة فجيج قد سبق له أن صوت بالإجماع على رفض الانضمام لمجموعة الشرق للتوزيع، وهي شركة ستفوت لها جماعات الجهة، بموجب اتفاقية، أمر تدبير مرفق الماء وكذا الصرف الصحي والكهرباء. وخلّف قرار الرفض الذي اتخذه المجلس يوم 26 أكتوبر 2023 صدى طيبا في نفوس المهتمين والمتابعين والساكنة عامة، إلا أن ما وقع مباشرة وقلب كل شيء رأسا على عقب، هو أن المكتب المسير عمل على عقد دورة استثنائية بتاريخ 31 أكتوبر 2023، وذلك لتغيير قرار الرفض بقبول الانضمام للشركة المذكورة أعلاه، بعد أن انقسم المجلس على نفسه بتسعة أعضاء ضد ثمانية رافضين. وقد واكبت هذه الجلسة وقفة احتجاجية للسكان الذين توافدوا على مقر الجماعة للتعبير عن رفضهم الانضمام لهذه الشركة، نظرا لمجموعة من التخوفات التي لم تقدم بشأنها أجوبة شافية، إلا أن المكتب المسير امتثل لتوجيه ببعد «وصائي» وضرب إرادة المواطنين الناخبين بعرض الحائط، وهو ما أجّج الحراك الذي أكمل الآن شهرا كاملا.
وبالرجوع للمسيرة الحاشدة ليوم الجمعة، فقد جابت أهم شوارع المدينة، وردد خلالها المتظاهرون شعارات ضد قرار المكتب المسير للجماعة، الذي لم يرجع فيه للتشاور مع المواطنين إلا في آخر لحظة وبشكل انتقائي بين الدوائر، وصدحت حناجر الغاضبين بشعارات من قبيل (هذا صوت الجماهير، الشركة ما فيها خير)، و(فجيج رآها ولات في حالة مبهدلة). يشار إلى أن مدينة فجيج تعيش حاليا درجة من الاحتقان والتذمر غير المسبوقين، شَكَّل فيها مشكل رفض الانضمام للشركة النقطة التي أفاضت الكأس، إضافة إلى مشاكل أخرى، بحيث يعاني سكان هذه الواحة الهادئة والمسالمة من العديد من الاختلالات، أهمها النقص الحاد في الخدمات الطبية، وغياب أطباء معينين للمدينة قارين ومقيمين، وتوقف الحركة الاقتصادية والتنموية بسبب فرض الباشوية لقيود مجحفة للحصول على رخص البناء والشهادات الإدارية المرتبطة بها .أما بخصوص المجلس المسير، فقد وجد نفسه في ورطة جعلته يعيش في عزلة خانقة سياسية واجتماعية أمام التصعيد الذي تعرفه الاحتجاجات بأشكال المواجهة المباشرة وغير المباشرة، بالإضافة إلى أن الساكنة قد تعاقدت وتعاهدت أكثر من مرة خلال الوقفات الاحتجاجية وأداء القسم الجماعي على عدم أداء فواتير استهلاك الماء مادام المكتب باق على قراره بالانضمام للشركة.
وتقع كل هذه الأحداث والمشاكل في فجيج، تحت أنظار السلطة المحلية والإقليمية والوطنية، التي تتابعها مختلف المنابر المحلية والجهوية، أما برلماني المنطقة فقد غاب عن الأنظار بالمدينة منذ مدة، ولم يتفاعل لحد الساعة مع مطالب الساكنة واحتجاجاتهم، انطلاقا من المهمة التي يتحمّلها، والتي تخوّل له الترافع لأجل المدينة وقضاياها. ويعتبر عدد من المهتمين بالشأن المحلي في المنطقة أن المكتب الجماعي أصبح متجاوزا سياسيا، وهو ما يعكسه حجم المواطنين الذي يرفضون لدخول الشركة إلى واحة فجيج، ويؤكدون على أنه أمام خيارين اثنين، إما أن يلغي قرار الانضمام للشركة استجابة لإرادة السكان، أو تقديم استقالته.
وكانت الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بفكيك، قد أصدرت بيانا بعد اجتماع لها في 18 نونبر الفارط، أكدت خلاله عن رفضها لقرار رئيس المجلس البلدي، الذي وصفته بـ «المشؤوم»، المتمثل في تفويت قطاع الماء الصالح للشرب لشركة الشرق، وهو اعتبرته «إجهازا على كل القوانين والأعراف ضدا عن رغبات الساكنة»، حيث دعت في هذا الإطار إلى «الإيقاف الفوري لهذا الإجراء، محمّلة إياه تبعات هذه الخطوة»، مشيدة في نفس الوقت بـ «موقف الساكنة المتمثل في الاحتجاج ضد القرار بكل هدوء ومسؤولية».
وكان الاتحاديون في فجيج، قد طالبوا كذلك من خلال بيان الكتابة الإقليمية للحزب، بـ «إيجاد حلول عملية للعديد من الإشكالات التي تتخبط فيها المنطقة»، وضمنها مشكل الصحة، مستغربين لـ «عدم إتمام تشييد المستشفى رغم مرور أكثر من سبع سنوات على ذلك»، ومتسائلين في هذا الإطار «عن المدة التي سيتطلبها تجهيزه»، إلى جانب «مصادرة أملاك الساكنة من طرف جار السوء»، وما تم وصفه بـ « والتهميش الذي تعرفه الواحة على مستوى إنشاء نواة جامعية … وغيرها من المشاكل الأخرى «.